آيات عرابي تكتب | أكبر من انتفاضة السادات أو لا شيء .

لست من أنصار الثورة غير الأيديولوجية ولا أراها إلا مضيعة للوقت. وأرى وبسبب تجربة 25 يناير أن أي ثورة يجب أن تكون تحت مظلة أيديولوجية، وإلا ستتحول إلى مكلمة، تتعارك فيها العناصر الأيديولوجية المختلفة.
 
 في كل ثورة كان هناك فصيل ما ينتصر لأيديولوجيته. في الثورة الفرنسية كانت العلمانية الكاملة هي التي تقود الثورة ضد ملك فرنسا ونظامه. في روسيا كانت الشيوعية هي التي تقود الثورة ضد القيصر ونظامه، ولكن هناك أحداث تتجاوز كل هذا. 
 
ما أقدم عليه الانقلاب بالأمس هو أنه فتح بنفسه أبوابه المغلقة كلها مرة واحدة. 
 
منذ فترة كتبت أن على المعسكر الرافض أن يتشمم رائحة الثورة كالأسد الذي يتشمم رائحة فريسته. 
 
توقيتات قرارات مناقشة بيع تيران وصنافير في برلمان العسكر (في رمضان) وتوقيت قرار رفع أسعار الوقود (يوم الخميس) كانت في نظري محسوبة بدقة وجاءت بناء على دراسة لتفادي رد الفعل الشعبي أو امتصاص جانب كبير منه. 
 
يصر بعض اليائسين على أن العسكر لم يعودوا يخشون الشعب. والحقيقة أن هذا ليس صحيحا على إطلاقه، وصدور قرارات بيع تيران وصنافير في العشر الأواخر من رمضان وصدور قرارات رفع أسعار الوقود يوم الخميس من الأسبوع يشي بحالة التوجس التي يعيشها العسكر. 
 
فالقول إذا بأن العسكر لا يعبأون برد الفعل الشعبي هو قول يجانبه الصواب. 
 
بل ربما يكون ذعر العسكر من رد فعل الشعب تجاه قرارات زيادة سعر الوقود أكبر من رعبه من رد الفعل الشعبي على قرارات التفريط في تيران وصنافير. 
 
ليس لأن الشعب لا يهتم بتيران وصنافير، بل لأن سعر الوقود هو القاطرة التي يفهم الجميع ماذا يحدث حين تمر، وماذا تجر وراءها. 
 
الجميع على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية يدركون أنهم بصدد موجة غلاء طاحنة. وهي موجة غلاء سبقتها موجات قبلها لم تبق لأحد شيئا.  
 
الانقلاب يدرك هذه المرة أنه ربما يكون قد أشعل النار في ساحة الدار. وغضب الشعب قد بلغ حدودا خيالية، ومشاهد مظاهرة كوبري 6 أكتوبر بالأمس، تكشف الكثير عما ينتظر الانقلاب. 
 
ويتضح من خلال رد الفعل الانقلابي ورسائل التهديد المبطنة التي حاول إرسالها عبر إعلامه مثل خبر الانتشار الأمني (المزعوم) في محطات الوقود لمنع زيادة الأسعار كما قالوا. 
 
مصر الآن بانتظار القشة التي ستقصم ظهر البعير. 
 
وإنه لمن البديهي أن يكون العسكر على دراية نفسية كاملة بالشعب، وأن يظهروا احترافا في التعامل معه، فيصدروا قراراتهم في مواعيد محسوبة، لكن ألا تكون هناك دراسة واحدة جادة حتى الآن من معسكر مناهضة الانقلاب لمؤسسات العسكر وطرق تعاملها بعد أربع سنوات من الانقلاب، لهو أمر يبعث على الاستياء. 
 
والافتقاد لدراسات كهذه هو ما يفتح الباب للآراء غير المتخصصة التي لا تنتج إلا تعاملا غير خبير في وقت يحتاج فيه معسكر الثورة إلى دقة تروس الساعة في التعامل مع قرارات الانقلاب. 
 
تقديري أن الانقلاب الآن يضع يده على قلبه تحسبا وهلعا من رد الفعل الشعبي. 
 
قرارات رفع الأسعار هذه ربما تكون استنساخا لقرارات رفع الدعم التي اتخذها السادات في نهاية السبعينيات وانتفاضة الشعب على تلك القرارات، ويمكن القول إن هذه القرارات كعملية جراحية، ينتظر بعدها الانقلاب متوجسا عبور مرحلة الخطر أي مرور الحدث نفسه دون رد فعل شعبي يُذكر. 
 
وتقديري أن هذه المرحلة، لن تتجاوز أسبوعا بأي حال، فإما أن يتحرك الشعب فتكون انتفاضته هذه المرة أكبر من انتفاضة السادات إن شاء الله (إذا تحرك) أو لا شيء على الإطلاق.