آيات عرابي تكتب| الحاج بايدن وصفقة الأسلحة المليارية لـ مصر.. وأكذوبة حقوق الإنسان


فجأة وبينما القوم يجلسون على الأرائك يتابعون اليوتيوبرز المصريين الذين ينشرون أخباراً حصرية من داخل الجيش المصري العظيم الذي سيقوم بانقلاب على السيسي وعن تمرد محمد زكي على السيسي واستعداده للتخلص من السيسي

وبينما آخرون يتابعون تغريدات البعض التي تمنيهم بأن الانقلاب يترنح بدليل أن السيسي حين ذهب لأكاديمية الشرطة لم يصطحب معه وزير دفاعه أو وزير أركانه

والبعض الآخر يتابع الأخبار الحصرية أيضاً التي تأتيهم من الإدارة الأمريكية التي تبحث عن بديل السيسي بين صفوف المعارضة المصرية بالخارج

تطل عليهم الصحف الأمريكية ببيان من الخارجية الأمريكية عن موافقة إدارة الحاج بايدن على صفقة أسلحة لنظام الانقلاب في مصر بقيمة 2.5 مليار دولار أميركي بغض النظر عن موضوع حقوق الإنسان لتصيب القوم صدمة عاطفية عنيفة لأنهم كانوا منتظرين من الحاج بايدن أن يخلصهم من السيسي وألا يعطيه شيكات على بياض كما كان يفعل ترامب وكما قال هو في حملته الانتخابية، فإذا بـ بايدن يعطي الانقلاب صفقة أسلحة مختومة بختم الحفاظ على المصالح الأمريكية الخارجية وعلى اعتبار أن مصر حليف استراتيجي كبير طبقاً لما قاله أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي الذي كان يتشدق منذ أقل من أسبوعين بموضوع حقوق الإنسان 🙂

وحسب كلام نيد برايس المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية في المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس الخميس عند سؤاله عن الجزء المقتطع من المعونة وهل هو جزء من صفقة الأسلحة، فقال حرفيا “ان علاقة أمريكا ومصر علاقة تاريخية ومصر لاعب مهم جداً في الحرب على الإرهاب”
(وهذا يعني أن البلد مقبلة على عدة عمليات مدبرة من محمود السيسي ليتم إلصاقها بالإسلاميين)، ويبدو أيضا أنه سيتم استخدام جيش المرتزقة المصري في مهمة خارج مصر لصالح أمريكا واسرائيل في المنطقة، لأن الطائرة والرادار الذي حصلت عليها مصر في منتهى الأهمية في المراقبة و الطيران بعيد المدى ونقل معدات كبيرة وغير ذلك من مواصفات تم الإعلان عنها في الصحف

وبغض النظر عن السبب الحقيقي وراء هذه الصفقة

الحقيقة أنا لا أدري لماذا يتعجب بعض الجهلاء والدراويش من أعضاء وأنصار منظمات حقوق الإنسان أو من الإخوة المغيبين عموما من الإجراء الذي قامت به إدارة الحاج بايدن من عقد هذه الصفقة من الأسلحة لمصر، وصفقة أخرى لتطوير طائرات الأباتشي وتطوير التكنولوجيا الخاصة بها حتى تكون مواكبة للتكنولوجيا الحديثة وذلك بغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها إدارة الانقلاب؟

هل كنت تنتظر حضرتك من الحاج بايدن الذي أعطى الضوء الاخضر للسيسي لينقلب على مرسي أن يتعاطف مع حقوق الإنسان في مصر وأن يهتم بأكثر من مائة ألف معتقل في مصر ويعطل صفقة أسلحة بمليارات الدولارات في ظل أزمة تتعرض لها إدارة بايدن بسبب التضخم الاقتصادي الذي تمر به أمريكا وبسبب موضوع أوكرانيا وبسبب تهديد روسيا لدول الاتحاد الأوروبي بمنع وصول الغاز؟

وهل تتصور حضرتك أن أمريكا التي قتلت آلاف المسلمين في العراق وأفغانستان وسوريا (كما اعترف ترامب نفسه) وتحتجز العديد من المسلمين في غوانتانامو في ظروف لا تختلف عما يتعرض له المسلمون في معتقلات مصر إن لم تكن أسوأ بمراحل كبيرة جدا، أن تهتم بمعتقلي الرأي في مصر التي يحكمها مجرم انقلابي لم يقم بهذا الانقلاب الدموي إلا بضوء أخضر من البيت الأبيض وتل أبيب ؟

هل تتخيل حضرتك أن تتحرك أمريكا الآن للإفراج عن المعتقلين في الوقت الذي لم يقم فيه مجرم الانقلاب بقتل الآلاف في مجزرتي رابعة والنهضة إلا بضوء أخضر أمريكي وصـ هـ يوني لأن وكما قلت أن من أهم مهام السيسي كانت التخلص مما يسمونهم إسلاميين بحجة محاربة (الإرهاب)؟

أمريكا يا حضرة العاطفي الكيوت هي من تحرك عملاء سايكس بيكو، والسيسي وضباط جيشه وضباط داخليته المجرمين مجرد أدوات تنفذ للنظام العالمي ما يريدونه من تصفية للإسلاميين (كما يطلقون عليهم ) وفي الحقيقة الحرب حرب على الإسلام

عليك أن تفهم أن السيسي عميل صهـ يوني وينفذ أجندة صهيونية بامتياز ولن يتخلى عنه أسياده إلا بعد الانتهاء من الأجندة التي جاء ينفذها

طبعاً الأحداث تجبر المخرج أحيانا على إضافة بعض المشاهد للحبكة الدرامية أو حذف مشاهد بعينها ليجعل المتفرجين مشدوهين منبهرين بالأحداث أو تضليلهم عن المخطط الأصلي، مثل ملف حقوق الإنسان، أو مسرحية قطع المعونة ليعطي المشاهد أمل كاذب بينما في الحقيقة هو يعلم أنه سيعيد الجميع للمشهد الرئيسي، ألا وهو المصالح الأمريكية وحفاظ أمريكا على عملائها في المنطقة

حتى مجزرة رابعة، عندما قامت منظمات حقوق الإنسان بكتابة عدة تقارير عنها كان الهدف هو ذر الرماد في عيون المجتمع الغربي الذي يعتقد أن حكوماتهم تهتم بحقوق الإنسان وليس بهدف دفع هذه الحكومات للتحرك للإفراج عن المعتقلين بدليل زيادة أعداد المعتقلين في مصر في السنوات الأخيرة عن السنتين التي أعقبت الانقلاب، بدليل استمرار الحكومات الغربية وأمريكا في إمداد عصابة الانقلاب بالسلاح بحجة ان الانقلاب يحارب الإرهاب أو بحجة المصالح الاستراتيجية
والسيسي الحقيقة لا يحتاج أي توصية في خلق الإرهاب فعقب كل صفقة أسلحة تقوم مخابراته بعدة تفجيرات لإقناع العالم أن مصر تحارب الارهاب.

يا حضرة المواطن البطيخي العاطفي الذي ينتظر النصر والفرج من أمريكا وستقوم باتهام (آيات عرابي) أنها تصدر لك الاحباط

يؤسفني وبشدة أن أقول لك أن أمريكا والنظام العالمي لا يفكرا أصلا في حقوق الإنسان وخاصة إن كانوا من المسلمين

في بورما والهند مثلا تم ذبـ ح المسلمين والتمثيل بجثامينهم ولم تتحرك أمريكا أو الدول الغربية، وفي الصين حُبس المسلمون وقُتلوا وأُجبروا على ترك دينهم ولم يتحرك أحد، وفي افريقيا الوسطى تم قتل المسلمين وذبحهم بدم بارد وسُفكت دمائهم في المساجد ولم يتحرك أحد، بل أنه حين حتى تكتب صحافتهم عن هذه المجازر يكتبون على استحياء وبلهجة يغلب عليها طابع التشكيك في الخبر مع عرض تفاصيل أخرى من الرواية المقابلة لكيلا يتعاطف القاريء مع ما يجري للمسلمين من مجازر.

وعلى الجانب المقابل حين يقاوم الفلسطينيون الاحتلال الصـ هيـ وني تجد ماكينة الدعاية الصـ هـ يونية العالمية لا تهدأ، وتنشر الصور المختارة بعناية لتعبر عن معاناة “الاسرائيليين” وتكتب القصص الصحفية المتقنة لتدمع عينا القارئ الأوروبي جراء ما يعانيه الإسرائيليون الأبرياء على يد الإرهاب الفلسطيني.

لك أن تعلم يا عزيزي، أن من يحكم العالم يهمه جدا أن يبقي على الشعب المصري تحت الاحتلال العسكري والجيش ما هو إلا قوات أمن مركزي لحماية الاحتلال لأن النظام العالمي الذي يحمي اسرائيل يعلم أن الكتلة السكانية المسلمة الكبيرة في مصر قد تكون هي الخطر الحقيقي على اسرائيل ولذلك عملوا من البداية على تهميش هذه الكتلة وتحجيمها( كما شرحت في عدة مقالات من قبل) وفي نفس الوقت تعمل منظمات حقوق الإنسان في العالم كله كأنبوب للتنفيس عن الغضب حتى لا ينفجر الشعب وفي نفس الوقت تعمل بعض المنابر الإعلامية الغربية بانتقاد حكوماتهم وبالحديث عن مسألة حقوق الإنسان من باب التنفيس ومن باب تبرئة ساحتها أمام شعوب هذه الدول، والتي هي في الحقيقة أيضا لا تهتم إلا بحياتها اليومية

وبالتالي عليكم ألا تفرحوا اليوم مثلا وأنتم تقرأون خبر تقدم عضوين من الحزب الديمقراطي بشكوى فيها تساؤل إلى أنتوني بلينكن بعد الإعلان عن صفقة الأسلحة بخصوص الجزء الذي كان قد اقتطع من المعونة بسبب انتهاك مصر لحقوق الانسان، والذي سيقوم البعض بالحديث عنه اليوم كما لو كان انتصاراً جديداً ودليل على قرب التخلص من السيسي، ولا تفرحوا أيضا لوصفهم الصفقة بأنها تمت لبلد ينتهك حقوق الإنسان

لأن كما قلت الموضوع عادة لا يخرج عن ثقب للتنفيس عن الغضب المكبوت لدى الشعوب المقهورة وفي نفس الوقت لتبييض وجوههم أمام شعبهم

ماكينة كاملة يعمل بها خبراء دعاية و صحفيون محترفون, هدفها في النهاية عقلك, ماكينة تصدر لك أخبارا صحيحة وتضع بداخلها السم الذي يلتقطه عقلك دون أن تشعر.

ولذلك إذا أردنا أن ننتصر، وأن نتخلص من الانقلاب وبالتالي نتخلص من التبعية العالمية قبل كل شيىء علينا إعادة البوصلة الحقيقية لنا كمسلمين للإسلام وتعاليمه وأن نمتلك اعلاماً مستقلاً يدرك كيف يتعامل مع تلك الآلة الإعلامية الصـ هـ يونية العملاقة وعلينا أيضا أن نتعلم كيف نحلل الأخبار التي تنشر في المواقع العالمية
هذا إن أردت أن تنتصر

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
#آيات_عرابي