آيات عرابي تكتب | عزت أبو عوف !

لقد انتظرت حتى انتهت حالة الاشتعال العاطفي عند الناس حتى اكتب ما اكتب الآن
فلست ارغب في محاسبة رجل اصبح الآن في ذمة الله ولا املك هذا ولا يملكه بشر
وليس حديثي هنا تساؤلاً عن توبة الرجل قبل وفاته أم لا فهذا أمر لا يعلمه الا الله
صحيح ان عزت أبو عوف تكلم صراحة واعلن موقفه من 30 يونيو وقال انه من الصعب تقبل آراء الاخوان لانه (سيقفزون على الثورة) ولكن الاخوان الان (حسب قوله وقتها) لديهم الشرعية واصحاب 30 يونيو لديهم الحق في الاعتراض على الرئيس (حسب قوله)

وكانت وجهة نظره هي الانتظار 3 سنوات حتى تنتهي مدة الرئيس مرسي

وهو رأي بغض النظر عن اتجاهاته السياسية, وجيه وذكي ويجب احترامه

هو رأي العقل ولا يختلف احد عليه

وهو رأي اما ان يكون نابعاً من قناعة شخصية, أو انه نتيجة لأوامر من يقوم بتوجيه الاعلام كله لكيلا لا يحرق ما يسمى بالوسط الفني كله ويظهره بصورة المعادي للشرعية والداعم للعسكر

وليس لدي ما يؤكد الافتراض الثاني الا ان عزت أبو عوف استمر في العمل في التمثيل بعد الانقلاب ولم يظهر اعتراضاً بعد هذا على المجازر .. الخ

لكن يظل هذا مجرد افتراض يمكن الرد عليه

ولنفترض الان ان هذا الرأي نابع من قناعة شخصية ورجاحة عقل كانت لدى الرجل
فهذا يحسب له من هذا الجانب فحسب

لكن الحقيقة ان البعض ضخم هذا بشدة وقالوا انه كان ضد العسكر

الرجل لم يكن (ضد العسكر)

الرجل كان متعقلاً وضد تغيير الرئيس المنتخب بالمظاهرات (وهذا يُحسب له بدون شك)
والرجل لم يكن ضد العسكر لأن أباه نفسه كان لواء بالجيش وكان مقرباً من ضباط انقلاب يوليو 1952 وكان مسؤولاً عما يسمى بجيش التحرير وكان عضوا ببرلمان انقلاب يوليو ثم بعد ذلك كلفه ضباط انقلاب يوليو بمسؤولية الموسيقى

عزت أبو عوف كان من المستحيل أن يكون ضد العسكر

هذا نوع من التهويل الذي يحبه الجمهور في هذه الحالات

البعض لم يتوقف فقط عند اختلاق قصة انه كان (ضد العسكر), بل زاد البعض الآخر, فكرة انه (تاب عن أفلامه) ويبدو ان هذه الشائعة انتشرت قبل وفاته, فقد شاهدت فيديو لعزت أبو عوف نفسه وهو ينكر توبته عن الأفلام ويقول انه طالب بحرق افلام لانه ظهر فيها بشكل لا يرضيه كممثل منها فيلم ظهر فيه بالملابس الداخلية وهو كان يرى ان هذا لا يليق

والحقيقة انني من البداية كنت قررت الا اكتب عن الموضوع حتى مع تلك الامور المغلوطة التي كان يروجها البعض عن عزت ابو عوف وقررت الا اتوقف عند هذا الحدث فالرجل في ذمة الله

لكن ما هالني في الحقيقة هو ان الترويج لهذه المغالطات يتم على مستوى ما يسمون بالنخب

والحقيقة ان الناس لا يُلامون في قبول هذه المغالطات فتوجيه الجماهير هي مهمة النخب
ونخب المسلمين الآن ومن يحتل مواقع توجيه الناس هم بين فاسد أو جاهل او الاثنين معاً
ان حالة تحويل عزت أبو عوف إلى أيقونة عند الناس تعني تمرير كل ما كان يروجه عزت أبو عوف وغيره من المشخصاتية

ان الرجل الذي يقف ليراقب بأسارير متهللة شقيقاته الأربع وهن يرقصن ويتمايلن ويصفق لهن ويضرب الطبلة بيده لهن ويشجعهن على هذا ليس له الا تسمية واحدة
وحين يكون لرجل كهذا رأي متعقل في احد الامور الهامة فهذا يُحسب له.

فليُقال ان الرجل كان متعقلاً

أو أنه كان له رأي مخالف ل 30 يونيو رغم عدم رضاه عن الرئيس مرسي

اما التهويل وتحويل الرجل بعدما مات الى ايقونة واضافة البهارات وخلافه لصناعة حالة عاطفية فهذا تضليل للناس

من يفعلون هذا يقدمون للناس مثالا لا يمكن ان يقتدي به عاقل

ودعوني أوجه سؤالاً صريحاً للجميع, ماذا لو كانت احدى الراقصات احجمت عن دعم مظاهرات 30 يونيو وقدمت رأياً متعقلاً ودعت للانتظار 3 سنوات حتى انتهاء مدة الرئيس مرسي, هل كان هؤلاء سيصنعون منها أيقونة ؟

هؤلاء المحتفون بعزت أبو عوف, ما قدموه كقدوة للناس الا لانهم فاسدون لا يرون بأسا في هذا الفساد

واسألوا هؤلاء .. هل تقبل أن تكون كعزت أبو عوف, تقف زوجتك أو ابنتك أو شقيقتك أمامك متمايلة تتراقص وانت تطبل لها ؟

كيف تصف رجلاً يجلس ممسكاً بطبلة وشقيقته أو زوجته أو ابنته ترقص على ايقاع الطبلة وهي ترتدي زياً يغطي بالكاد ركبتها وتتمايل امام الناس ؟

ولنقلها صراحة

ما رأيك في رجل يجلس ممسكا بطبلة وأخته ترقص أمام الناس وجسدها يهتز وهو فرح بما تفعل ويشجعها ؟

هذا السلوك له وصف واحد وانت تعرفه الآن وان تقرأ

حتى الحب والاعجاب بالمواقف لا يبرر التنازل عن المباديء والعبث بها

عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: “نَعَمْ. هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ. وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ”.

هذا أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم والذي كان يغضب له

ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا هنا ان الدين اكبر من الاشخاص مهما كانت قرابتهم

ويعلمنا ان نضع الأمور في نصابها الصحيح