آيات عرابي تكتب | قليل من الكوميديا !

 

 

رغم حالة العزوف الواضحة وفقدان الاهتمام عند البعض والتي ربما نتجت من الاحباط وفقدان الأمل في التغيير, إلا ان هناك أحداثاً بعينها تنجح في استفزاز الحس الكوميدي لدى جمهور فاقدي الاهتمام. ربما كانت الاحداث التي مرت بالجميع خلال السنوات الماضية قد اصابت الكثيرين بالارهاق النفسي الا أنه لا شك أنها كانت مدرسة صقلت مواهب الكثيرين في التحليل السياسي. حتى هؤلاء الذين يتابعون ما يحدث بأعين نصف مفتوحة وبنصف اهتمام, صاروا يملكون ذلك الحس السياسي اللازم للتعامل مع الواقع الذي لم يعد عصياً على الفهم.

صارت متابعة الأحداث في المنطقة اشبه بمتابعة أحداث مسلسل, احياناً يصيبك الملل واحياناً تجد مشهداً يلفت انتباهك فتعتدل وتبدأ في المتابعة وقد ارتسمت علامات الاهتمام على وجهك. ولا شك ان مشهد الصواريخ البلاستيكية في القمة العربية قد لفت انتباه الملايين وصار مصدراً للتسلية, وهو ما يكشف عن احتياج الناس لقليل من الكوميديا وسط كل هذا الواقع المآساوي الذي تعيشه المنطقة. المشهد الذي لا يقل في نظري تسلية عن سابقه البلاستيكي هو مشهد نائب وزير تعليم الانقلاب وهو ينسحب من مؤتمر في تونس بسبب خريطة مصر المكتوب عليها “اسرائيل”

الفكرة ذاتها تبدو لي كوميدية وتذكرني بمشهد في احدى المسرحيات الكوميدية للممثل الانقلابي محمد صبحي, حين كان يحكي عن شخص ظل يتناول قطعاً من البسبوسة ثم مات حين ابتلع قطعة من القشدة !

الرجل لم يلحظ 4 سنوات التنسيق مع “اسرائيل” ويبدو منفصلاً عن النقاش الدائر منذ ووقوع الانقلاب حول التعاون الانقلابي الكامل مع “اسرائيل”. بدا لي المشهد من نفس نوعية المشاهد التي يجيد الممثلون المسرحيون اداءها حين يتصاعد الاداء ويغطي الممثل وجهه وهو يكرر الكلمة الأخيرة من الجملة في صوت متهدج متباطيء لتنطلق أكف الجمهور بالتصفيق وليحصد (السوكسيه) كما يسمونه.

والحقيقة ان أحداً من متابعي الشأن المصري لم ينخدع بهذا المشهد الذي يبدو أن الهدف منه محاولة علاج بعض أعراض الاحتراق الإعلامي الكامل لانقلاب على رأسه شخص, وصفه سكرتير وزارة الدفاع الاسرائيلي السابق, بأنه “معجزة اسرائيل”.

ربما كانت المشكلة في كميات الفشار التي شارفت على النفاذ والتي صارت عنصراً أساسياً من مستلزمات مرحلة ما بعد الثورات المضادة.
سيكون من المسلي أن نفترض صدق الرجل وأنه لم يسمع حقاً بمئات التصريحات ومئات المواقف التي انكشف فيها التنسيق الكامل بين الانقلاب و”اسرائيل” وأن نتصور تعبيرات وجهه وهو يقرأ ما نشرته صحيفة النيو يورك تايمز عن قيام الطائرات الاسرائيلية بمعاونة الجيش في قصف سيناء.

ألم يقرأ الرجل ما نقلته الصحف عن رؤوساء المنظمات الأمريكية اليهودية على لسان عسكري الانقلاب بعد لقاءهم به هو ومدير مخابراته السابق خالد فوزي, حين قال أن نتنياهو جدير بحكم العالم !

يبدو الرجل بمعزل عن هذه التصريحات ولا تنشط حساسيته الزائدة الا حين ينتقل لتونس في مؤتمر ما. لكن لا بأس, ليس أمامنا الآن الا ان نتظاهر بتصديق الرجل وأن نضع أمامه كل المواقف السابقة وأخبار التنسيق الأمني مع “اسرائيل” وما نشره موقع مجلة ذا تاور الامريكي في 18 مارس 2013 عن سفر وفد من المخابرات الحربية إلى الأرض المحتلة للتنسيق لاسقاط الرئيس مرسي. وغيرها عشرات المواقف بل سنطالب الرجل نفسه أن يراجع أرشيف ما بعد الانقلاب وأن يستمع إلى وكيل المخابرات العامة الأسبق وهو يقرر في مداخلة مع قناة أون تي في منذ عدة سنوات أن واجبهم وفقا لمعاهدة السلام هو حماية أمن “اسرائيل” وان شاء الله سوف نتحلى بالصبر وننتظر أن ينسحب الرجل من حكومة الانقلاب ويعلن عن غضبه.