العكاز التي ستكسر سلسلة الاحتلال الأخيرة

 

 بقلم | عائشة عبادي

صدقا كنت طوال الأسبوع أفكر ماذا أكتب، ما الذي يجب أن يكون موضوع مقالي، فالأحداث كثيرة و متسارعة، وما أن نستوعب الحدث حتى يطف حدثا جديدا على السطح فيعيد تشويش أفكارك ويزيد حيرتك أي المواضيع أهم وأولى بالحديث عنها بمقال واحد.

بداية كان قراري أن أتحدث عن ألشيخ الأزعر الذي لا هو احمد ولا طيب، وعن مدحه للبوذية بمؤتمر أقيم أصلا من أجل مسلمي الروهيجينا الذين يقتلون شر تقتيل بيد البوذيين لا لشيء سوى أنهم مسلمون، ولم يكن ينقص بحديثه سوى دعوتنا الصريحة لاعتناق البوذية، لكني أرى أن شخصا مثله أصبح فيلما محروقا منذ زمن، ولم يعد لكلماته آذان مستمعة سوى أمثاله من سحرة فرعون وعبيده، وأن هنالك من هم أقدر منى وأفصح بالرد عليه وقد أجابوه وسردوا تاريخه منذ بداية الانقلاب كالشيخ وجدي غنيم وقنوات صابر مشهور وغيرهم من الأفاضل، لكن أود أن أوضح له لأنه من الواضح أنه لا يعلم أن بوذا الذي يمدحه ما هو إلا شخصية وهمية يعود تاريخها لما قبل الميلاد نسبت له أفكار من المسيحية مع إضافات لزوم التجديد، واتبعها الضالين والمضلين، فاقرأ واعلم قبل أن تتكلم .

ثم ظهرت لنا التسريبات التي تفضح كمية الاختراق لمؤسسات الدولة المهزئة، وعني شخصيا بت على قناعة أن هذا الانقلاب لن يسقط قبل أن يكشف كل فساد الدولة العسكرية منذ يومها الأول، وطالما أن الانقلاب موجود فهنالك فساد وفضائح لم تظهر بعد، إضافة لمبادرات أيمن نور وزمرته المتدفقة نحونا الواحدة تلو الأخرى، وهذه المرة يدعوا كبار عرافي الانقلاب مثل عمرو أديب للتوقيع عليهاـ تزامننا مع محاولة إصدار نسخة جديدة من ألبرادعي، وهذين الشخصين بالذات لو أن لي كلمة لهم فسأقول لهم وبالعامية “خلص بكفي مش رح تكونوا رؤساء لمصر لان القطار فرمكوا ومشي”، وإن أحسن ما بالانقلاب أنه كشف أمثالكم لنسير ونبني بالثورة على أساس نظيف، لذلك استريحوا  من التشويش على الثورة وأريحونا من  تلونكم كالحرباء لان المعسكر الحقيقي للثورة خلق له الانقلاب وعيا كان يلزمه وقد تجاوزكم إن لم تعوا هذا ولن يقبل بكم بأي شكل أو لون، وهذا من فضل الله على الثورة في سبيل تمكينها.

أخيرا قررت أن يكن النصيب الأكبر من حديثي لمن أدعوا الله أن ينصره نصرا عزيزا، ولمن أتمنى أن أحجز لنفسي مكانا في ركبهم ولو وقوفا لأنهم شرف الأمة وبطانتها الصالحة، حديثي عن المجاهد محمد مهدي عاكف، الرجل الذي يختزل بسنوات عمره ال88 محاولات التحرر و ألانعتاق من الاحتلال الجاثم على صدر الأمة منذ اليوم الأول للاستعمار حتى يومنا، وكل ما قوبلت به هذه المحاولات من قمع وقتل وسجن وتشريد.

شخص مثله عندما أرى صوره وأسمع كلماته أحار بمن أشبهه، هل بعمر المختار الذي قال”نحن لا نستسلم ننتصر آو نموت” وقد قالها هو بأفعاله،أم هو سيد قطب الذي لم يعتذر عن العمل مع الله، ولم يسترحم ظالما مقابل العفو عنه، وهو كذلك أيضا، والحقيقة أن جميعهم كواكب نيرة بظلام أمتنا خرجوا من رحم المعاناة، وهم متشابهون لان الدين والميادين من صنعوهم وطبيعي أن تتشابه مزايا المجاهدين الصادقين، كما أن مزايا الطغاة متشابهة حد التطابق.

مهدي عاكف الذي قاد معسكرات ضد الانجليز وشارك بإعدادات الجهاد في فلسطين وسجن بجميع عهود الحكم التي عاصرها، وحكم عليه بالإعدام بعهد عبد الناصر وخفف للمؤبد، وقاوم فساد دولة مبارك وهو بعز جبروته بانتخابه بمجلس الشعب عام 1987.

مهدي عاكف الذي هوجم لقوله”طز بمصر وأبو مصر” على سؤاله هل يرضى أن يحكم مصر مسلم غير مصري، وكان هذا لأنه عرف معنى الإسلام والوطن حقا، ونحن لم ندرك رؤيته ومدى بصيرته إلا بعد الانقلاب، لم ندرك أن وطننا أكبر بكثير من الزنازين التي أحاطنا الاستعمار بأسوارها، وعاكف أدرك المعنى الحقيقي للحرية، وهي أن يكون عبدا مخلصا لله ، يعيش وفق منهاجه لا حسب قوانين طغاة وضعت كي تحميهم وعروشهم وتستعبدنا، وان الحاكم هو من يحكم بما أنزل الله وليس من يحمل جنسية المكان الذي قيدتنا تقسيمات الاستعمار فيه، واليوم بدل أن يدرس تاريخه يزج بالزنازين الانفرادية ويتعرض لقتل متعمد بإهمال طبي مقصود، كأن رعايا الاحتلال يقولون للثوار لا سبيل لكم لتكونوا خارج الزنازين والسياط سوى أن ترضوا بالسجن الكبير الذي تعيشوا فيه كالدواب فتستيقظوا لتبحثوا عن قوت يومكم وتأكلوه إن وجدتموه وتتكاثروا وتناموا لتستيقظوا باكرا وتعيدوا الكرة كل يوم، أما أن تفكروا بان تتحرروا  وتحاولوا أن تحيوا حياة آدمية فالويل لكم ولن تنالوا سوى سوء العذاب والتقتيل.

أقل لفرعون وجنوده وسحرته وعبيده الذين يرجون كلمة واحدة منه يعترف فيها بالانقلاب أو يتراجع عن دعمه للثورة وانه كان على خطأ بمقاومته ليكسروا بها الأسرى بسجون الظالمين والثوار، قول عاكف نفسه أنه لم يفعلها ليخرج من السجن وهو بريعان شبابه ولن يخذل الوطن بشيبته ولن يفتن شبابا أفنى عمره في تعليمهم الصلابة والصمود، وأقل لكم أن عاكف زرع بمحنته أملا فأينع الثمر، والثمر هو الأبطال من جيل الشباب الذي تربى على يده وأمثاله، ولن ينحنوا لكم ولن يقبلوا الدنية في دينهم و وطنهم وشرعيتهم، واستريحوا فعاكف تلميذ البنا وأخ سيد قطب وعمر المختار ولن يستسلم ولن يعتذر عن العمل مع الله ولن يختم سجل تاريخه الحافل بالمقاومة باسترحام ظالم، وأن عاكف قاوم سلسلة العهود الظالمة بدأ من الاستعمار ولن تخضعه الحلقة الأخيرة التي أوشكت على الانتهاء وستنكسر أمام صلابة عكازه الثمانيني، وسواء أفرجتم عنه أم لم تفرجوا لا أظنه يلتفت لسفاسف الأمور فهو صاحب قضية عاش من أجلها ومؤكد أن شخص مثله تمنى الشهادة في سبيلها .

أدعو الله أن يعيش ليرى انكسار الحلقة الأخيرة من الاحتلال وسقوطه المدوي، وان يرى نصر دينه وقضيته التي عاش مقاوما من أجلها، وإن استشهد فطوبى له نال ما تمنى وهو من الخالدين بتاريخ أمتنا، وسيدرسه أبنائنا بعد التخلص منكم، وان كان عاكف لسنه وطول تاريخه رمزا للقضية، لكنه ليس واحدا و وحيدا فالآلاف منه بالسجون والمظاهرات، ولتتعلموا من آبائكم طغاة الأمس انه بقتلهم لن يموت الحق بل خابت مساعيكم وموتهم في سبيل الله يحيهم ويفنيكم، فقد مات طغاة الأمس ومن نذكره منهم نلعنه وعاش حسن البنا وقطب وفرغلي و السنانيري وزينب الغزالي وغيرهم كثر، وستنتهون أنتم وتختم بكم سلسلة الظلم والظلام ويعش أبطال يومنا كأسلافهم لأنهم أرادوا حياتهم الحقيقية بالدنيا والآخرة وسيذعن لهم القدر بإذن الله.