آيات عرابي تكتب | اغتيال القذافي.. الصراع الليبي ومرحلة تصفية واستئناس الحركات الاسلامية!

(تحليل)
اللحظة التي يجب على الجميع التوقف أمامها الآن هي لحظة قتل العميل القذافي
فهذه اللحظة هي التي بدأت عندها أطول عملية لتسليم ليبيا للمجرم خليفة حفتر ليسلمها مرة أخرى إلى أحد أبناء معمر القذافي (بصفته حامي المصالح الغربية) وهو سيف الإسلام القذافي ولكن بعد أن يتم تصفية واستئناس وتطويع الحركات الإسلامية من خلال مرحلة اقتتال مسلح بتخطيط من عدة مخابرات دولية ليس لها هم سوى المحافظة على مصالحها الطامعة في ثروات ليبيا

القذافي في تلك الفترة التي سبقت إغتياله أصبح كورقة التواليت التي يجب التخلص منها بعد أن أدت غرضها و كان قد وصل إلى مرحلة ديكتاتورية قمعية مثل التي وصل اليها المخلوع مبارك في مصر حيث استمر جاثماً على صدور الليبيين لمدة تزيد عن أربعين سنة.

و كما أدارت المخابرات الأمريكية عملائها في مصر للتخلص من عميلهم مبارك بعد أن أنهى مهمته و لرغبة النظام العالمي في التخلص من الإسلاميين في المنطقة, تم نفس الشئ في ليبيا للتخلص من القذافي للاستيلاء على آبار النفط واحتياطي الذهب و في نفس الوقت التخلص من خطر الإسلاميين في ليبيا, وبعد مرحلة الانهاك يتم إرجاع الأمور الى نصابها ويعود الحكم مرة أخرى لأسرة القذافي بما يتوافق مع المصالح الغربية.

وقصة عمالة القذافي للمخابرات الأمريكية قصة طويلة وتتشابه في التفاصيل مع قصة المقبور عبد الناصر.
فبعد أن قررت أمريكا التخلص من الملك السنوسي لأسباب اقتصادية (يطول شرحها) بدأ السفير الأمريكي في طرابلس ديفيد نيوسيم بتوجيه من حكومته بالاتصال بخريجي مدرسة “الزاوية” العسكرية و تحديدا الضباط ذوي الرتب الصغيرة و في مرحلة لاحقة بدأت تُقدم لهم الأطعمة و المشروبات المجانية في بارات الرقص لتراقب عن قرب هؤلاء الضباط لتختار الشخص المناسب الذي سيحكم ليبيا مستقبلا!

و بالفعل و بعد سنوات وقع اختيار أمريكا على الملازم أول معمر بوقينار القذافي وتولى مراقبته عميل للمخابرات الامريكية مصري اسمه (مصطفى كمال المهدوي) و في فترة قصيرة استطاع مصطفى من ترتيب مجموعة انقلابية لمساعدة القذافي في مهمته و هي المجموعة التي ورد ذكرها في مذكرات المخابرات الأمريكية تحت اسم (بلاك بوتس)
وكما كان للمقبور عبد الناصر دورا مرسوما وساعدته المخابرات الأمريكية لتثبيت سلطته في مصر تم عمل نفس الشئ مع القذافي فبعد 7 أشهر فقط من انقلابه قام بعملية إجلاء للقواعد البريطانية والأمريكية بدون أي شروط.

وللأسف صدق البلهاء أن الملازم أول معمر القذافي الذي قام بالإنقلاب 1969 بمساعدة مجموعة صغيرة من الضباط استطاع إجلاء القواعد والقوات الأجنبية (نفس سيناريو عبد الناصر) ليلعب نفس دور عبد الناصر أيضا كرئيس داعم للدور القومي والوحدة العربية وكل هذه المصطلحات التي تختبئ ورائها الأهداف الحقيقية من بث للنزاعات بين الدول ومحاربة الإسلام السياسي.

كونه عميل للمخابرات الامريكية ومن بعدها صلته وصلة عائلته الوثيقة بالمخابرات الأمريكية و من بعدها الموساد هي التي ترسم طبيعة الصراع الذي يحدث في ليبيا الآن وسوف أشرح قصة عمالته كاملةً في مقالات قادمة ان شاء الله
بعد مرحلة القذافي ظهرت العديد من التيارات في ليبيا وكل تيار وراءه تدخلات أجنبية مختلفة لتنتهي المرحلة الى ثلاث حكومات مختلفة من وراء كل منهم مخابرات غربية تسعى في النهاية الى السيطرة وفرض نفوذهم على ليبيا التي يسمونها بوابة روما فتم إعلان حكومة طبرق ومركزها مدينة البيضاء بشرق ليبيا وهذه الحكومة متحالفة مع خليفة حفتر عميل السي آي أيه الأمريكية.
والحكومة الثانية هي حكومة الإنقاذ ومركزها طرابلس غرب ليبيا وهي حكومة تحظى بدعم بريطانيا والدول الأوروبية وانسحبت هذه الحكومة من المشهد الليبي بشكل مؤقت بعد فشلها في الحصول على الدعم الشعبي في الانتخابات ومن ثم فشلت في الحصول على الاعتراف الدولي برغم دعم مجلس شورى ثوار بنغازي لها.

في نفس الوقت عام 2014 ظهر العميل حفتر في الصورة عندما أعلن الإنقلاب على ما يسمى (السلطة الشرعية وقتها) مستخدما شعارات غريبة وهي أنه سيحارب الإرهاب و الجماعات الثورية و الإسلامية الموجودة في ليبيا ليكتمل المشهد بظهور داعميه (مثلث الشر) السعودية والإمارات ومصر وظهر هذا واضحا في الدعم العسكري الذي أرسله له السيسي والضربات الجوية المتتالية التي خرجت من مصر لتدعيم موقف العميل حفتر
ثم ظهرت حكومة الوفاق في المشهد بموجب اتفاق الصخيرات في 17 يناير 2015 تحت رعاية بريطانيا والدول الأوروبية و تحول الاتفاق إلى اعتراف دولي أدى فيما بعد قبول أمريكا بها مما أدى لاحقا الى انسحاب حكومة الإنقاذ من السلطة وتسليم الحكم الى فايز السراج, و لكن في أكتوبر 2016 عادت حكومة الإنقاذ مرة أخرى و أعلنت سيطرتها على مقار المجلس الأعلى للدولة في طرابلس العاصمة و أعلن الغويل أن حكومته هي الشرعية و دعى رئيس حكومة طبرق الى تشكيل حكومة وحدة وطنية بدون تدخل أجنبي.

الجدير بالذكر هنا أن المدن الليبية تخضع لحكم القبائل الأصلية لها وهذه القبائل تم تسليحها وأصبحت في حكم الميليشيات منهم مثلا قبيلة القذاذفة و هي قبيلة معمر القذافي و هي موجودة بسرت كذلك قبيلة الفرجان و هم أولاد عم حفتر و في سرت أيضا كتيبة 604 مقاتلة و هي كتيبة سلفية انضمت لحفتر.

في بداية الصراع في ليبيا وبعد مقتل القذافي بدأت المخابرات الغربية لعبتها الخبيثة و استطاعت شراء ولاء هذه القبائل المسلحة و التي بدأ ينظر لها السكان على أنهم ميليشيات و استطاعت هذه المخابرات شراء ولاء هذه القبائل.
ولعبت هذه (القبائل) الميليشيات دور مهم في تشكيل مناطق القوى والنفوذ داخل ليبيا فنجد أن كتائب مصراتة (التي قامت بعملية البنيان المرصوص سنة 2016) لمحاربة تنظيم الدولة, وكتائب تيار الإسلام السياسي اللتين ساندتا حكومة السراج.

أما بقايا جيش القذافي وكتائب الزنتان فأعلنوا ولائهم لحفتر الذي قالت عنه وكالة بلومبرغ الأميركية أن ولائه لسيف الإسلام القذافي حسب تقرير لها العام الماضي
فقد ذكر التقرير أن شركة فاغنر الروسية تجري لقاءات مع سيف الإسلام القذافي لكي يكون هو زعيم ليبيا القادم وقال التقرير أيضا ان حكومة الوفاق تمكنت من القبض على عميلين روسيين وجدت معهما مذكرة بها ملاحظات عن لقائهما بسيف الإسلام.

ووفقا للتقرير ان سيف الإسلام قدم للعملاء الروس ورقة ضغط ضد الدول الغربية تتمثل في عدد كبير من الوثائق التي تثبت دعم والده معمر القذافي ماليا لحملات انتخابية في بعض هذه الدول, واعترف تقرير بلومبرج بأن روسيا تلعب دور رئيسي في دعم سيف الإسلام في الانتخابات المقبلة في ليبيا.

وأشار التقرير ان سيف الإسلام ادعى خلال المقابلة ان 80% من ميليشيات حفتر هم من أنصاره وأن حفتر نفسه سينضم له في حالة السيطرة على طرابلس وذكر التقرير أيضا ان شركة فاغنر هي التي تقدم الاستشارات السياسية لحفتر.
نحن هنا أمام دعم مخابراتي غربي واضح وقوى مخابراتية تقدم الدعم لهذا وذاك لتستمر الحرب مشتعلة بهدف الوصول للهدف النهائي (نفس المشهد السوري)
معارك الأمس وسيطرة حكومة الوفاق على مدن الساحل الغربي لليبيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العديد من متابعي الصفحة بالأمس و عندما نشرتُ خبر سيطرة قوات حكومة الوفاق على عدة مدن رئيسية في الغرب الليبي كتبوا تعليقات تقول ان تدخل القوات التركية و الغطاء الجوي التركي هو السبب الرئيسي متناسين أن تركيا هي عضو الإتحاد الأوروبي و هي أيضا عضو في قوات الناتو ولا تستطيع بأي حال من الأحوال أن ترسل بندقية حتى بدون إذن, و لكن بعيدا ا حتى عن تلك الحقيقة فما حدث بالأمس الفضل فيه ليس للتدخل التركي.. هذه هي الحقيقة مجردة من أي عاطفة.

الحقيقة و كما أكدها لي أحد الأخوة الليبيين الذي تواصل معي عبر الواتساب أن هذه المدن لم تكن محتلة أصلا من قوات العميل حفتر و إنما تخضع لحكم قوات من القبائل الأصلية وهي قبائل مسلحة كما شرحت سابقا أنه بعد مقتل القذافي استطاعت المخابرات الغربية من شراء ولاء هذه القبائل المسلحة ليعلنوا ولاءهم فيما بعد لحفتر و أصبح وجودهم ضمن جيشه مقابل الرواتب التي تأتيهم من الإمارات و السعودية و تم تسليحهم من روسيا و الصين بالطائرات والأسلحة الحديثة, وسبب انهيار هذه المدن انها كانت في الأصل موالية لطرابلس و أن كلا الطرفين الآن بمساعدة قوات غربية تسعى لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية على الأرض لدعم موقفها وفي الفترة الأخيرة وبينما العالم كله مشغول في محاربته لفيروس كورونا صعد خليفة حفتر من وتيرة الصراع فقام بقطع إمدادات الماء والكهرباء وقصف مستشفى متخصص لعلاج مرضى كورونا مما أثار غضبا شعبيا في ليبيا.
ولكن سكان غرب ليبيا أنفسهم ضد هذه الميليشيات و كانت هناك حالة احتقان خاصة بعد الحصار الذي فرضه حفتر.

الفيصل فيما حدث بالأمس كانت الفصائل الموجودة في غرب ليبيا وهي فصائل تحارب أصلا ضد حفتر و هم كتيبة ثوار طرابلس و كتيبة النواصي و كتيبة أبو سليم الموالين للسراج الى جانب كتائب مدينة مصراته هم من تعاملوا مع قوات المرتزقة التابعة لحفتر
الخلاصة من كلامي و حسب رؤيتي للأمور و التي أنبه الجميع لها أن ما يحدث في ليبيا سيناريو مصيره عودة الحكم لأبن القذافي لخدمة المصالح الغربية عامة و الصهيونية خاصة (والله أعلم)
و للحديث بقية ان شاء الله