آيات عرابي تكتب| الشيخ جراح بين النكبة الأولى والنكبة الثانية!

فجأة استيقظ العالم الأسبوع الماضي على نكبة جديدة تعيشها بعض العائلات في حي الشيخ جراح في فلسطين والتي توافق ذكرى النكبة الأولى.

أهالي حي الشيخ جراح في القدس يتعرضون لعملية إخلاء قسري وترحيل على يد عصابات الاحتلال الصهيوني وهي نكبة جديدة يعيشها شعب فلسطين في ظل خنوع عربي وإسلامي أصبح معتاداً في ظل أنظمة سايكس بيكو العميلة التي صنعت خصيصا لحماية الاحتلال الصهيوني

لك أن تتخيل أن بعض العائلات التي تسكن حي الشيخ جراح والتي تتعرض للقمع الصهيوني لترحيلهم من منازلهم هم أنفسهم من هُجروا قسراً منذ 73 عاما من حيفا وغيرها من المدن المنكوبة ولجأوا للقدس واستقر بهم الحال في القدس إلى أن زعمت جمعيات يهودية عنصرية عام 1972 أنها تمتلك وثائق ومستندات تثبت ملكيتهم للأراضي التي أقيمت عليها منازل حي الشيخ جراح وأن هذه الوثائق تعود إلى أواخر القرن الـ 19 وتحديدا عام 1885 حسب إدعاء لجننتي اليهود الأشكناز والسفارديم وبالتالي طالبت هاتين الجمعيتين المحكمة إخلاء هذه العائلات من منازلها بحجة إعتدائهم على أملاك الغير دون وجه حق.

وبعيداً عن كلام أحد المحامين المدافعين عن العائلات المقدسية بحي الشيخ جراح والذي يؤكد أن هذه الوثائق (العثمانية) مزعومة وأنه مستحيل أن تكون هذه الوثائق حقيقية وأن هناك وثائق عثمانية أصلية تثبت ملكية الأراضي للفلسطينيين، فبعيداً عن موضوع الوثائق، ما هذا التبجح لدى هؤلاء فمن أين لكم ملكية الأرض التي أقيمت عليها المنازل وأنتم مجرد محتلين ومغتصبين لأرضنا في فلسطين؟

هؤلاء المستوطنون المتبجحون يعلمون أنهم كاذبين ويعلمون أنهم محتلين ولكنه التبجح

العجيب أنه في الأسبوع الماضي وعقب محاولتهم طرد أخوتنا الفلسطينيين من منازلهم تقدموا بطلب تسوية للعائلات الفلسطينية مقابل تأجيل الإخلاء على أن تعترف هذه العائلات بملكية المستوطنين اليهود بملكية الأرض المقام عليها منازلهم وعلى أن يسجلوا منازلهم بإسم فرد من كل عائلة وبعد وفاته تنتقل ملكية المنازل تلقائيا للمستوطنين (وهذه هي اللعبة) وبالطبع رفضت العائلات هذا العرض المشين، فهذا عرض لا يقبله عقل ولا منطق

والقصة تعود إلى عام 1956 حيث تم الاتفاق بين وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية ووكالة غوث حيث كانت الضفة الغربية وقتها تحت الحكم الأردني على توفير مساكن بديلة لمن هُجروا قسرا سنة 1948، وكان من المفترض وحسب الخطة أن يتم نقل ملكية الأرض المقام عليها المنازل لهذه العائلات بعد ثلاث سنوات من إتمام البناء ولكن حالت حرب 1967 من إتمام عملية نقل الملكية أو حتى متابعة الإجراءات الشيخ

وتتكرر المأساة

فكما تسببت العصابات التي يسمونها جيوشاً إلزامية في تسليم فلسطين للعدو الصهيوني منذ عقود تحرس تلك الجيوش الآن عمليات الرتوش الأخيرة لإقامة دولة إسرائيل الكبرى بحدودها التي عرضها ترامب في خريطة الشرق الأوسط الجديد أو خريطة إسرائيل الكبرى (التي يسمونها صفقة القرن)

وكما سلم الشاذ المجرم أتاتورك الذي ألغى الخلافة القدس من قبل، يقوم الآن حفيده أردوغان بتسليمهم المرحلة الأخيرة تارة بتقسيم القدس إلى شرقية وغربية وتارةً ثانية بالمطالبة بتدخل قوات دولية لحماية المدنيين في فلسطين مع علمه الكامل بأن تدخل قوات دولية معناه حماية لعصابات الاحتلال الصهيوني وتارة أخرى بالسماح لنائبه بالتصريح بأن دولة إسرائيل أصبحت إرهابية وهو ما يخلع عليها صفة الشرعية، فكيف لدولة مثل تركيا أن تخلع صفة الشرعية على كيان محتل زرع زرعاً داخل الجسد الإسلامي، ثم كيف لبلد مثل تركيا أن تقوم بتحجيم قضية القدس من قضية إسلامية إلى قضية فلسطينية إلا إذا كان كل من يحكمون تركيا من العملاء الخونة بما فيهم الخليفة (أردوغان) الذي يملأ السماء ضجيجا لا يهدف إلا إلى ذر الرماد في عين الشعوب وتخديرها .

وكما ساهم جيش التجريدة المرتزقة الذي كونته بريطانيا من اراذل المصريين في النكبة الأولى بتسليمهم فلسطين لليهود، يقوم السيسي ومنذ الانقلاب بإخلاء جزء من سيناء لتسليمها للصهاينة حتى تكون ضمن مخطط الوطن البديل للفلسطينيين حسب تصور ترامب، ويساهم هو وجيشه المصرائيلي في حصار غزة والضغط على الفلسطينيين للقبول بفكرة حل الدولتين

وكما سلم المجرم عبد العزيز سعود كبير أسرة مرخان فلسطين لليهود من خلال تنازلاً كتبه بخط يده، يقوم حفيده الخرف سلمان وابنه اللقيط محمد بن سلمان بتبني ضرورة إقناع الفلسطينيين بقبول فكرة حل الدولتين ويباركون كل الأفعال الإرهابية التي تقوم بها عصابات الاحتلال ضد إخوتنا في فلسطين

لم يكن المسلمون ليدخلوا في هذا المسار لولا العميل محمد علي الذي سمح باستيطان اليهود في فلسطين ولولا العميل المجرم عبد الناصر الذي كان يمثل العداء لإسرائيل في العلن وفي خطبه ذات الخطوط الحمراء في الوقت الذي كان يراسلهم سرا، ولولا معاهدة الاستسلام المشينة التي عقدها عميل السي آي ايه السادات الذي قام بتثبيت الكيان الصهيوني من خلال هزيمة منكرة في مسرحية أخرجها المهندس كيسنجر ليجبر سكان مصر المسلمون على القبول بـ معاهدة استسلام تعمل على تثبيت الكيان الصهيوني، ليأتي دور العميل المخلوع الهالك الذي قام بتكبيل المصريين بالأغذية المسرطنة والفقر وغلاء الأسعار لتعيش اسرائيل آمنة مطمئنة لتأتي مرحلة السيسي الذي قام بتفريغ جزء كبير من سيناء لتقام عليه جزء من دولة فلسطين الجديدة (وفقا لمخطط الإدارة الأمريكية)

لم يكن التوسع الصهيوني ممكنا لولا وجود الخونة الذين يرتدون عباءة الإسلام وما هم بمسلمين

لم لكن التوسع الصهيوني ممكناً بدون كل منظومة الحكم العميلة في دويلات الخليج الذين قاموا بتمويل عمليات الاستيطان ووفروا كل الإمكانيات المادية لدعم الاحتلال الصهيوني ووفروا لهم الدعم الإعلامي الذي عمل على غسل عقول أجيال متعاقبة للوصول إلى التطبيع على مستوى الشعوب

وأخيراً، لم يكن التوسع الاسرائيلي ممكنا لولا غثاء السيل الذين صدقوا أن بايدن يختلف عن ترامب وأن السياسة الأمريكية تختلف باختلاف من يجلس على كرسي البيت الأبيض