آيات عرابي تكتب | تمثيلية أكتوبر .. الحرب المطبوخة (1)

 

 

الهدف من وراء التمثيلية

لم يكن فيصل ولا أي مزرعة من مزارع الخليج بقادرين على قطع نقطة نفط واحدة عن الولايات المتحدة ولا حتى عن أصغر محطة وقود بها لولا الضوء الأخضر الأمريكي

نظام آل سعود معين بالكامل من قبل أجهزة المخابرات الغربية وكان عبد العزيز آل سعود يقف أمام ضابط مخابرات بريطاني ((يهودي)) ويبكي ويقول له : “انت ابي وأمي وأنت صنعتني من لا شيء

فيصل نفسه تعاون مع الموساد لتدمير جيش المقبور عبد الناصر في اليمن بعد أن ساهم عميله السادات في استدراجه إلى اليمن ليكون جاهزاً لهزيمة 67 وتم هذا بعلم المقبور عبد الناصر
فيصل هو من الح على المقبور عبد الناصر لتعيين السادات نائباً له مقابل التوصل إلى تسوية في اليمن

السادات نفسه كان يتلقى الاموال من كمال ادهم مدير مخابرات فيصل منذ لقاء كمال ادهم به وتجنيده في الخمسينات في منزل فريد الأطرش (ومن الواضح ان تبرئة السادات من مقتل أمين عثمان وعودته إلى الجيش قبل انقلاب 52 كان بترتيب من جهات تستطيع فرض ارادتها على الملك فاروق)

تمثيلية أكتوبر كانت لها عدة أهداف, سياسية واقتصادية عالمية

أولاً : تنفيس الغضب الشعبي المكبوت في مصر وإدخال السرور على السكان ليشعروا أنهم انتصروا في معركة ضد الكيان الصهيوني مما يسهل عملية الوصول إلى اتفاق سلام يرسخ أقدام الكيان الصهيوني في المنطقة ويحيد أكبر قوة سكانية بعيداً عن الصراع

ثانياً : جعل سيناء منطقة عازلة بين الكيان الصهيوني والسكان المسلمين في مصر على أن يتولى العسكر حراستها بقوات خفيفة وأن يمنعوا تنميتها

ثالثاً : منع تنمية سيناء هدف أساسي من أهداف الحرب, فطالما كانت سيناء في يد العدو, كان من الممكن المطالبة بتحريرها ولكن مع إظهار نصر وهمي يمكن التغطية على هدف تنمية سيناء وعدم تحقيقه نهائياً لأن تنمية سيناء تعني اقامة مشاريع سكانية وتنموية وصناعية وزراعية في سيناء وهو ما يعني ضخ عدد كبير من الموظفين والعمال للعمل بهذه المشروعات مما ينحرف عن الهدف الصهيوني بجعل سيناء منطقة عازلة ويجعل عملية احتلال سيناء مستقبلياً وأي محاولة لاقامة دولة فلسطينية فيها (كما يرغب الكيان الصهيوني وخدمه من العسكر) أمراً مستحيلاً

رابعاً كان أحد أهم أهداف الحرب هو تمرير رفع سعر البترول في امريكا واوربا ليمكن للشركات النفطية الكبرى (الاخوات السبعة) بيع بترول خليج برودو المستخرج من الاسكا وخليج المكسيك (تكلفة استخراجه عالية جداً) مع تحقيق مكاسب ضخمة من بيع النفط العربي العادي

خامساً : لم يستفد مسلمو الجزيرة العربية من رفع سعر البترول الا في اضيق الحدود, إذ ان الاتفاق الموقع مع فيصل كان يحتم ايداع ارباح النفط في بنوك امريكية (استولت عليها الولايات المتحدة بقانون جاستا) وتمرير جزء بسيط من الربح لصبية الاحتلال من اسرة آل سعود

سادساً : في سنة 1971 تم فك ارتباط الدولار بالذهب وكانت تمثيلية اكتوبر جزءاً من خطة ربط الدولار بالبترول بالاضافة الى باقي اهدافها السياسية

سابعاً : استفادت الولايات المتحدة والدول الاوربية الكبرى من رفع اسعار البترول, فمن ناحية استطاعت تمرير اسعار النفط الجديدة على المواطن الامريكي والاوربي دون ان يقوم بثورة ومن ناحية أخرى, بدأت البنوك (التي يتم فيها ايداع ارباح النفط الخليجي) بإقراض الدول التي تشتري النفط لتستطيع مواكبة أسعار النفط الجديدة والقروض عليها فوائد أي أن النظام المالي العالمي كان يحصل على النسبة الاكبر من ارباح النفط الخليجي ويقوم باقراضها بفوائد للدول غير المنتجة للنفط واصبح يصنع الاموال من الهواء

ثامناً : من الفوائد السياسية لتمثيلية أكتوبر, الحفاظ على نظام العسكر في مصر الذي كان من الممكن أن ينهار تحت ضغط المطالبات الشعبية بتحرير الأرض

تاسعاً : قدم السادات سنة 1971 مبادرة سلام في مجلس الشعب تتطابق مع بنود المعاهدة التي تم توقيعها مع الجانب الصهيوني الا أن الظروف وقتها لم تكن مواتية, فمن ناحية لم تكن جولدا مائير المتعنتة لتوافق على المبادرة ولم يكن الشعب في مصر ليوافق على استعادة سيناء دون حرب ترد لهم اعتبارهم بعد هزيمة 67 المذلة

أي أن كل الظروف كانت تحتم صناعة الحرب التي لم يستفد منها سوى العدو الصهيوني وطواغيت المال العالميين وزادت الشعوب فقراً ولم تكسب من الحرب سوى بضعة اغاني وتحليلات استراتيجية عن عظمة الحرب المزعومة تليق بالمراحيض وصناديق القمامة بينما ربح العدو كل شيء

في المقابل تم تقديم بعض كباش الفداء في الكيان الصهيوني لمقصلة الجمهور الغاضب من الفشل (المصطنع) في اول أيام الحرب المخبوزة (وهم قيادات جيش العدو الذين لم يكونوا يعلمون بترتيبات التمثيلية واقتحام خط بارليف ثم الانتصار على جيش السادات في نهاية الحرب) وفي المقابل تم تقديم الفريق الشاذلي ككبش فداء لجريمة لم يرتكبها وتم اغتياله اعلامياً على هزيمة لم يتسبب فيها ودفع ثمن خيانة السادات التي لم يقترفها.

وعلى جانب آخر, تم تعيين موشيه ديان وزيراً للخارجية وبدأ مفاوضات الاستسلام مع السادات على عكس المفترض في شخص (مهزوم) كما قالوا للجماهير في مصر.

ونتيجة لبراعة تخطيط الخدعة لا يمكن للبسطاء أن يفهموا الهدف من وراءها فهي خدعة يحتاج تفكيكها إلى مجهود كبير وتتطلب من البداية التخلي عن العواطف الصبيانية التي يطرب اصحابها لمشاهد مناورة 1974 ويعتبرونها مشاهد الحرب, والخروج من شرنقة التحليلات الغثائية التي حشروها في ادمغة انصاف المثقفين عن بكاء جولدا مائير والخطر المحدق بالكيان الصهيوني الى اخر تلك الهزليات التي يعتنقها بعض البسطاء

*ملحوظة : كتبت عدة مراجع تحتوي على ما سبق ذكره في مقالات ومنشورات سابقة

وللحديث بقية ان شاء الله

#آيات_عرابي