آيات عرابي تكتب| حقيقة سعي بن سلمان للمصالحة بين العسكر والإخوان!

مقالي هذا عبارة عن رؤية وتلخيص لما وراء قصة المصالحة التي ظهرت من جديد على السطح هذه الأيام بين العسكر والإخوان المسلمين والتي يتم الترويج لها بأن محمد بن سلمان يسعى لتحقيقها وهو نفس الوهم والمقلب الذي شربه المغفلون من قبل حين روجوا لسلمان ولم يفوقوا الا بعد ان استولى سلمان على تيران وصنافير ليسلمها للكيان الصـ هـ يـ وني

ما سأقوله الآن هو تفصيل وشرح لكلام سبق وقلته في عدة مقالات سنة 2015 وما بعدها، ووضحت طبيعة دور قطر وتركيا في احتواء أي مسار لأي حراك قد يعصف بالعسكر في مصر

لكن لا مانع من التكرار

اللعبة من البداية هي لعبة النظام العالمي، والنظام العالمي خطط لتوجيه ضربة للتخلص من الإسلام السياسي كما يسمونه في المنطقة وبالتالي قطع يد الاخوان المسلمين في مصر وفي نفس الوقت معاقبة الشعوب وخاصة الشعب المصري الذي اختار الإسلاميين ، وكلامي هنا لا يعني ان الاخوان المسلمين على حق أو أنهم يمثلون خطرا على النظام العالمي، لكن خطة النظام العالمي كانت ضرب كل ما يحمل كلمة إسلامي حتى لو كانوا اصلا مصنوعين على عين النظام العالمي أو مفعلين للحفاظ على هذه الانظمة العميلة

هذا العقاب يقدم للشعب في شكل مجازر وحشية ينفذها العسكر وفي شكل غلاء وارتفاع أسعار وقمع وخسف بالعملة المحلية أمام الدولار وغيره من العملات لتكون النتيجة بيع أصول مصر على أرصفة البورصات الأوروبية والأمريكية

حتى تعيين قرد مثل الكـ افر السيسي هو نوع من العقاب

وهذا بالمناسبة نفس ما حدث في الجزائر بقيادة المجرم خالد نزار وبإشراف من الملك فهد

نفس ما حدث في العشرية السوداء في الجزائر بإشراف الملك فهد تكرر في مصر بقيادة الكافر السيسي وتحت إشراف الملك عبد الله ومن بعده سلمان

هذا كان الجزء الاول من اللعبة

الجزء التاني من اللعبة كان يتم على الإخوان المسلمين بطريقة اهدى وأكثر نعومة

في البداية حولوا الحراك كله لمجهود حقوقي

وهي لعبة انا حذرت منها منذ البداية

عملية احتواء كاملة قاموا بها لاحتواء أي حراك وهي عملية لها آليات معروفة والهدف هو ما وصلنا له الآن

لعبة تنفذها أجهزة كبيرة و الأجهزة التي اقصدها هي (أذرع النظام العالمي) وهي أجهزة المخابرات الغربية
وهي من خططت للمجازر في مصر وهي نفسها التي أشرفت على عملية احتواء الإخوان المسلمين من بعد الانقلاب مباشرة سواء في قطر أو في تركيا

واهم نقطة في اللعبة هي احتواء ردود أفعال شباب الاخوان المسلمين وخصوصا بعد مجزرة رابعة

حتى لا تصل الأمور لنقطة بعيدة عن سيطرتهم

واليات الاحتواء هي نفسها آليات الاحتواء التي طبقوها في عهد عميل السي اي ايه عبد الناصر

كان دور عبد الناصر ان يقتل الاخوان ويذبحهم في السجون ويدمر حركة الاخوان المسلمين ويمنعها من النشاط ويفككها في مصر

وفيصل كان دوره أن يحتوي من تبقى منهم خارج السجون ويجمد الحركة
بحيث ان ما تبقى منهم لا يتحول لحركة تهدد النظام في مصر

استطيع ان اقول انه بعد انقلاب ٢٠١٣ استمرت فترة الاحتواء كما وضحت من قبل حتى منتصف 2015

وهنا الاحتواء انقسم لفترتين فترة احتواء دائمة وفترة احتواء مؤقتة لعلاج اثار الصدمة الخاصة بالانقلاب ومن بعده المجازر وما اقصده بفترة الاحتواء المؤقتة هنا هي فترة الاحتواء الاولى من آثار الصدمة لكن عملية الاحتواء الدائم هذه مستمرة

بعد فترة الاحتواء الاولى او علاج اثار الصدمة بدأت المرحلة الثانية وهي مرحلة تفتيت المعسكر المناهض للانقلاب

وهذه بدأت بالانسحابات المتتالية من تحالف دعم الشرعية بحيث لا يظل فيه الا مكونات قليلة جدا
وهذه العملية كانت تتم بالتنسيق مع العسكر في مصر

يعني مثلا تم القبض على ممثلي حزب الاستقلال مثل الأستاذ مجدي حسين والاستاذ مجدي قرقر في مصر ومن ناحية أخرى بدأت الانسحابات من تحالف دعم الشرعية في خارج مصر عن طريق انسحاب حزب الوسط

وبعد فترة قليلة بدأت الجماعة الاسلامية تعلن نيتها في الانسحاب

وصحيح هي فعليا لم تنسحب وقتها لكن وجودها في تحالف دعم الشرعية كان تأثيره مضاد حيث ظهر اعضائها اكثر من مرة للحديث عن ضرورة التخلي عن الرئيس مرسي ودخلوا في تحالفات علمانية كلها كانت ضد الرئيس مرسي

والمرحلة الثانية التي اتحدث عنها هذه بدأت وفق المحددات اللي عبر عنها دينيس روس السياسي الامريكي اليهودي المتعصب لاسرائيل, والذي قال في مقال له في سنة 2014 في فورين بوليسي الامريكية انه لن يُسمح للاخوان المسلمين في مصر بأكثر مما سُمح به لحركة النهضة في تونس

يعني مشاركة في الانتخابات البرلمانية بنسبة محدودة وعدم التطلع لمقعد الرئاسة بالاضافة الى فصل الدين عن السياسة، ما يعني القبول بالعلمانية والتخلي عن الدين مثل ما فعل الغنوشي في تونس

ولكي تبدأ هذه المرحلة كان لابد أن يبدأوا في ضرب شرعية الرئيس مرسي ( أنا هنا أصف ما حدث بغض النظر عن رأيي في موضوع الديمقراطية والأنظمة الوضعية البديلة عن الخلافة)، وكان مسؤول عنها جهاز اعلامي كامل بكل طاقاته وامكانياته

هذا الجهاز الاعلامي بدأ في تلك المرحلة بالتشكيك في الرئيس مرسي وتضخيم اي اخطاء حصلت في مرحلته وادعاء ان الكل كانوا على علم بحدوث انقلاب الا هو

وهو ادعاء لا يوجد عليه اي دليل

ثم بدأت مرحلة مبادرات ايمن نور بعد أن وصل لاسطنبول وهو محمل بالمال السياسي الخليجي
(وبفضل الله عز وجل كنت أنا أول من كشفته وفضحته في الوقت الذي كان يتغنى به بعض السذج في اسطنبول ويدعون الى ما يسمى بالاصطفاف)

وبوصول ايمن نور لاسطنبول بدأت اكبر عملية شراء ذمم

وبدأ طوفان المبادرات الفاشلة التي كانت كلها تتمحور حول استبعاد الرئيس مرسي

ثم بدأ التأثير على بعض السذج معدومي الخبرة السياسية والذين لا يفقهون أي شيء (أنا هنا لا أخونهم لكنهم بجهلهم هذا تسببوا في تخدير الناس وضياع مصر )

على سبيل المثال عاصم عبد الماجد الذي ظل شهورا يتحدث عن ضرورة فصل الدين عن السياسة وبدأ سيل من التخوين في كل الأصوات التي كانت ترفض التخلي عن الرئيس مرسي ( شرعية مرسي التي نتحدث عنها هنا هي شرعية اتت بها نظم ديمقراطية دخيلة على النظام الاسلامي، ولكنها هي النظم المتعارف عليها الآن على الرغم من رفضي لها)

وبالفعل بعد فترة من التخوين, ظهر الذراع السياسي للجماعة الاسلامية يعلن مشاركته الضمنية في مسرحية انتخابات العسكر وظهر ضابط المخابرات الذي يدعي انه اسلامي, المسمى عبود الزمر ليعترف بشاويش الانقلاب وبكل الاجراءات التي يقوم بها في سيناء

المحصلة النهائية هي أن جل هذه المبادرات كانت تصب في دعوة الاسلاميين للعودة الى الخلف وتصدير وجه علماني للاصطفاف خلفه ما يعني باختصار علمنة الاسلاميين وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمين

وهي نفس مبادرة أو فكر دينيس روس الذي قدمه على فورين بوليسي الأمريكية في 2014 لكن عن طريق الجماعة الاسلامية التي لا تملك من أمر نفسها شيء

واللطيف أن نفس الكلام قيل على لسان سعد الدين ابراهيم كشرط للعسكر للمصالحة مع الاخوان

وهو اعلان ممارسة السياسة عن طريق حزب منفصل عن الحركة يعني فصل الدعوي عن السياسي
وكلمة فصل الدعوي عن السياسي هي المسمى الاخف لكلمة اعلان علمنة الحركة او الجماعة

طبعا هذه الالعاب تخللتها ضربات شارك فيها بعض الاسماء من الاخوان مثل اعلان واشنطن الذي وافق على اعلان مصر دولة علمانية وهو اعلان ساقط بالكامل

وكل هذه الخطوات من مبادرات وإعلانات كانت تصب في نفس المخطط

كانت هذه الالاعيب تؤثر في اضعاف جبهة رافضي الانقلاب واصابتهم بالاحباط وهذا في حد ذاته مقصود

وبعد فترة جاء دور سعد الدين ابراهيم وباقي الوسطاء للبحث عن اي ساقط سياسي في اسطنبول ليتبنى مشروع المصالحة المزعومة بين العسكر والانقلاب والذي لم يكن سوى مخدر لتخدير المعارضين

باختصار ما عرض وما سيعرضه بن سلمان هو مخطط النظام العالمي الذي يعمل جاهدا على تحطيم أي أمل لدى المسلمين في الوصول للحكم

ما يسعى اليه النظام العالمي هو فصل الدعوي عن السياسي وهو كما وضحت من قبل انضواء الإسلاميين تحت لواء العلمانيين والليبراليين وهذا هو سر استدعاء السيسي لنخبة سهرة سونيا المجيدة، لتكون هذه المصالحة هي قبلة النجاة لنظام السيسي الذي يسعى منذ فترة طويلة لتحييد المعارضين له

وإذا أردنا أن نجد تسمية سياسية سليمة لما يعرضه البعض من حين لآخر من مبادرات يطلقون عليها اسم (المصالحة)، لكانت كلمة تطبيع هي افضل وصف. 

الانقلاب يريد من المناهضين للانقلاب أن يعتبروا رابعة آخر الحروب وأن يعقدوا معاهدة سلام مع الكيان الانقلابي أسوة بمعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني. 

الانقلاب يريد اعترافا يمكنه من إتمام أجندة التخريب التي كلفوه بها. أما أن الحراك في حالة ركود حقيقي والانقلاب لا يخشى فعلا ثوريا الآن، فهذا حقيقي ولكنه لا يعني أن الانقلاب لا يسعى لفرض استسلام على المعارضين، فمجرد وجود معسكر كبير خارج سيطرته، يهدد بانفجار الأوضاع ضده في أي لحظة مهما بدا للبعض أن الحراك يمر بحالة من الركود. 

والحقيقة أن ما يريده النظام العالمي وعميله السيسي وتشير إليه مئات الدلائل ليس الا استسلاما لمن يسمونهم بالإسلاميين لينكس رأسه وبالتالي تتركه المعارضة في هدوء لينجز مهمة بيع باقي مصر. 

هذه هي اللعبة من البداية وكنت كتبت عنها في 2015 وما بعدها

أما لماذا يسعى محمد بن سلمان لعقد هذه المصالحة فليس سببه حبه للإخوان لأن كراهية نظام أولاد سعود للإخوان معروف وكراهية بن سلمان نفسه للاخوان معروف، انما سببه هو سعي امريكا واسرائيل لإعادة تدوير سمعة بن سلمان وتلميعه وتقديمه للمجتمعين الاقليمي والدولي كسياسي محنك يتحرك بمكيافيلية وفي نفس الوقت لكي يحصل على دعم شعبي يكون ظهيرا له حين يتم الاعلان عن وفاة الملك سلمان