آيات عرابي تكتب |شتراوس الجنزبيل .. أكذوبة أكتوبر واستقرار الدولار

 
كيف كانت شركات النفط العملاقة المعروفة باسم (الأخوات السبعة) ستمرر زيادة سعر بترول خليج الاسكا والمكسيك والذي يبلغ سعره ضعف سعر البترول العادي نظراً لتكلفة استخراجه ؟
القصة الأعمق المرتبطة بأكذوبة نصر أكتوبر, هي أن الشركات السبعة الكبار كانت قد قاربت على الافلاس ولم يكن امامها من منفذ ينقذها من الافلاس إلا بيع بترول خليج الاسكا وهذا يبلغ سعره عدة اضعاف سعر البترول العادي.
أي أنه لن يُباع اذا عُرض في السوق الأوربي والأمريكي ولكي يُباع يجب وقف تدفق البترول العادي (الرخيص في تكلفة استخراجه والذي يأتي من الخليج) لعدة اشهر ثم بيعه باضعاف سعره ولم يكن المواطن الاوربي والامريكي ليتقبل هذا دون ان يثور. وكان هذا سيهدد بالإطاحة بحكومات عدة دول أوربية وتهديد أمنها بالكامل, فكان لابد من وجود سبب لا يتعلق بالحكومات لمنع البترول والصاق تهمة إصابة حياة المواطن الاوربي والامريكي بالشلل, بشيوخ النفط في الخليج. وبعد ان تُصاب حياة المواطن الأوربي والأمريكي, العادي بالشلل عدة شهور يصبح متقبلاً أن يعود البترول بأي سعر, المهم أن يعود.
وحتى تفهم المسألة شاهد الطوابير التي كانت على محطات البنزين في اوربا وامريكا, وعندما يعود البترول العادي بسعر أعلى عدة اضعاف يصبح من الممكن ان يُباع بترول خليج الاسكا وخليج المكسيك مع البترول العادي القادم من الخليج (في الزحمة يعني) وبالتالي ينقذ هذا, الشركات الكبرى من إفلاسها المحقق.
تم ترتيب الخدعة كلها في لقاء حضره كيسنجر ورؤساء شركات النفط الكبرى, في منتجع سياحي بالسويد في شهر مايو قبل الحرب بخمسة أشهر.
من ناحية أخرى اتفقت الولايات المتحدة مع فيصل آل سعود على إيداع أرباح النفط الجديدة بعد مضاعفة سعره في البنوك الامريكية والاوربية (بنوك بعينها في لندن ونيويورك) وجرى هذا الاتفاق سنة 1975 مع مؤسسة النقد السعودي (ساما) وتولت هذه البنوك إقراض الدول غير المنتجة للنفط في افريقيا والشرق الاوسط وامريكا اللاتينية (بما فيها مصر) لتمويل شراء النفط الذي تحتاجه وهكذا اصبحت هذه البنوك تُقرض المسلمين من أموال المسلمين وتربح فوائد ضخمة من لا شيء وهو ما عٌرف باسم (تدوير البترودولار).

واصبح الدولار مرتبطاً بالبترول بعد أن تم فك ارتباطه بالذهب في سنة 1971 وهكذا كانت تمثيلية أكتوبر مهمة لإستقرار الدولار ولزيادة أموال البنوك الامريكية والأوربية وللنظام العالمي كله .. أما بالنسبة للعبور, فلا يجادل احد في اخلاص من حاربوا ولكن يكفي أن تعلم أن العدو قام باعطاء اجازة لقوات خط بارليف قبل الحرب بأسبوعين تقريبا ووضع مكانها نصف عدد القوات من لواء احتياط ضعيف وأن جيش العدو قام بإزالة الألغام بطول القناة قبل الحرب بحوالي عشرين يوماً. بل جرى القبض على عناصر من الصاعقة داخل سيناء قبل الحرب بأربع وعشرين ساعة وهو ما كان يكفي ليعلم العدو بنية الحرب واتخاذ احتياطاته.
وهكذا, دارت عجلة الخديعة وتم الزج بشباب مصر وسوريا في آتون حرب, وتحريكهم كقطع الشطرنج من أجل أن تمتليء خزائن البنوك الأمريكية والأوربية ومن أجل إنقاذ شركات النفط الكبرى من الإفلاس بالإضافة إلى الهدف السياسي من الحرب وهو الاعتراف بالكيان الصهيوني وتحييد مصر والإطاحة بقوتها السكانية خارج الصراع.
وأخذت أنت يا مبروك, عدة أغاني وتحليلات استراتيجية ونمت قرير العين منتشياً بمشاهد المناورة التي جرت بعد الحرب التمثيلية بسنة تماماً كالمتسول في فيلم (طير انت) حين اعطاه أحمد مكي بطاقة دعوة وتركه يحمد الله على (شتراوس الجنزبيل) وهو لا يعلم ما هو شتراوس الجنزبيل (ولا اعلم أنا شخصياً ما هو شتراوس الجنزبيل).
وباعوا لك العتبة يا مبروك وجدد العسكر شرعية انقلاب 1952 بانتصار لم يتم إلا على الشاشات واستعبدوا الشعب حتى الآن ونهبوا ثرواته وهنا تكمن أهمية هدم أكذوبة أكتوبر !!

 
*بعض المصادر
قرن من الحرب : ويليام إنجدال
موقع جلوبال سيرتش
لا منتصر لا مهزوم : إدجار أوبالانس