آيات عرابي تكتب | قزقزة اللب عند خط الاستواء

مشهد شبه حقيقي
المكان : الهوَّ والفراغ عند خط الاستواء حيث يخلو المكان في هذا الوقت من السنة من المارة
(يخلو من المارة في كل أوقات السنة في الحقيقة)
الساعة : وقت ما خارج الزمن
يجلس بلحة على مقعد بلاج وثير تحت شمسية عريضة وأمامه مائدة عليها بقايا (الزفر), مرتدياً (ترينج) ارماني يتجاوز سعره 8 آلاف جنيه
كرشه يتدلى أمامه وبجانبه انتصار ترتدي قبعة عريضة من الفرو وتايور من 15 لون مختلف جمعت فيهم خلاصة الألوان المحببة إليها, فبدت كالبلياتشو
على طرف المائدة يجلس سامح شكري مرتدياً حلة كاملة وربطة عنق, جالساً على طرف المقعد (شافطاً) شفتيه في تأدب
وحولهما ضابطان يرتديان الزي الرسمي ويقومان بالتهوية بمراوح عريضة من الريش لتلطيف درجة الحرارة
يشعر بلحة بالملل الشديد فيتشاغل بإلقاء حبات الفول السوداني في الهواء ثم يلتقطها بفمه
وسامح شكري يمسك بورقة وقلم ويسجل عدد حبات الفول السوداني التي التقطها وانتصار تراقب المشهد وتلتقط الصور التذكارية بموبايل صيني بكامرتين وتطلق من حين لآخر صيحات الإعجاب بقدرة بلحة على التقاط حبات الفول السوداني
ينتابه الملل من جديد, فيقرر التقليب في قنوات التليفزيون ثم يتسمر وتشرد عيناه في وله وإعجاب حين يرى ترامب على الشاشة والمذيعة تتحدث عن ترامب الذي وجه انتقاداً شديداً للإعلام
بلحة ينظر للمشهد مأخوذا مسحوراً مبهوراً مسحولاً
ثم يقهقه إعجاباً بترامب ويقول : ترامب ده ولد ما جابتوش ولادة !
يقهقه سامح شكري مجاملاً : نعم معلم
تلتقط انتصار قطعة من اللحم الضاني أمامها وتملأ بها فمها وهي تقول : اه يا خويا .. يحميه لشبابه
يتبادل الثلاثة القهقهة فيبدون كشنخر وصخر وكرعون في كرتون سلاحف النينجا
ثم تبدو علامات الجد على وجه بلحة ويقول لشكري
طرقع لنا بيان يا عم سامح
وعلى الفور يمسك سامح شكري بالورقة والقلم ليكتب بياناً يمتليء بكلمات (ارهاب – تطرف – اصولية – جماعات متطرفة) ويتلوه في سرعة على بلحة الذي ينتشي طرباً من كلماته
بلحة وشكري يمارسان هواية طقطة الأصابع في المحيط الهندي أو قزقزة اللب عند خط الاستواء
يصدر بلحة بياناً يبدي اعجابه بما يقوله ترامب المشتبك في معركة مع مؤسسات الدولة في امريكا
يمارس السعال ليقول أنه موجود على طريقة (أنا اصدر بياناً .. إذاً أنا موجود)
لن يشعر أحد هنا بصوت قزقزة اللب عند خط الاستواء ولا صوت طقطقة الأصابع في المحيط الهندي ولا أحد يشغل باله بما يقوله بلياتشو انقلابي يرتدي الريش يصدر بيانا من مقلة أو توكتوك قذافي المظهر.

بتعبير آخر
لا أحد يهتم بأصوات نقيق الدجاج الصادرة عن مهرج عسكري (يكاكي) من عشة انقلابية في العالم الثالث.
من ناحية أخرى, فامريكا لمن لا يعلم دولة ذات مؤسسات لا يستطيع فيها رئيس أن ينفرد بقرار
لو كان أي بيان صدر عن الرئيس المصري المنتخب دكتور مرسي أو أي من موظفيه, لكان الأمر مختلفاً, لكن هنا لا يتعامل أحد بجدية مع انقلابيين .. فالعادة جرت منذ انقلاب يوليو 1952 أن يجري التعامل مع قادة الانقلابات عبر موظفي البنتاجون والسي آي إيه.
بلحة يمارس هواية التضامن مع نادي محاربي الإسلام .. هذه النوعية من البيانات التي لا تصنع فارقاً تستخدم لملء المساحات الفارغة في إعلام العسكر بمصر كما أنها تشبع التعطش الجنوني لدى بلحة ليبدو كمن يدير دولة وليحظى امام نفسه ببعض الاحترام في محاولة لاستعادة بعض كرامته المبعثرة على الدوام, ولا احد في امريكا يلتفت لبيان صادر عن مقلة لب في عشة من عشش العالم الثالث ولا المتظاهرين ضد ترامب (سيطرطقوا) آذانهم انبهاراً بالبيان ولا القضاء الأمريكي المشتبك مع ترامب سيركع وينحني لإرادة (ميسر) ولا الإعلام الأمريكي سيكف عن انتقاد ترامب.
قل ما شئت عن حكومة امريكا وسيكون لديك كل الحق ولن اناقشك
أنا هنا اقرر حقائق عن البيئة السياسية الداخلية في أمريكا.
منذ أقل من شهر وقفت ممثلة أمريكية في مهرجان سينمائي لتنتقد ترامب بشدة ولتوجه الإعلام والصحافة إلى ممارسة دورهم في تسليط الضوء على ما يفعله ترامب, لتبرز تصريحاتها كل الصحف وليرد عليها ترامب محاولاً تبرئة نفسه.

وهي نفس الممثلة التي سخرت من ترامب منذ سنة وارتدت حلة مماثلة لحلته.
في عشش العالم الثالث التي يتوحد فيها الأراجوز المعين مع الدولة, كان من الممكن أن يجلب عليها تصرف كهذا, تهماً بالخيانة العظمى وكانت لميس ستطالب باعدامها شنقاً في ميدان عام.
الخلاصة أن نقيق الضفادع في مستنقعات العسكر, لا يعني أحداً غير اصحابه.
فعلى بلحة الا يضيع وقته, فلن يهتم أحد ببياناته الا على سبيل النكتة وليعود لممارسة هواية (التقاط حبات الفول السوداني بفمه) وقزقزة اللب عند خط الاستواء
#آيات_عرابي