آيات عرابي تكتب | مخابرات سونيا

الحكاية تبدأ بانقضاض طائرات الاف 16 الامريكية التي ذهب شاويش الانقلاب ليتسولها من امريكا, على سفن الأسطول السادس الذي كان يرسو أمام سواحل مصر, لمقاومة ثورة 30 سونيا المجيدة, و باختطاف الضفادع البشرية لقائد الأسطول وتمر بكفتة عبعاطي التي تعالج الإيدز وفيروس سي والكحة والبرد والاسهال واللوز, وتمر عبر عدة محطات أخرى منها أدهم صبري الذي يجيد قيادة الغواصات والطائرات وعربيات الرش ويستخدم كل انواع الاسلحة من السنجة وحتى الكيتشن ماشين والذي يقضي وقت فراغه في قراءة الخطابات الغرامية التي ترسلها سونيا عميلة الموساد, ومن ادهم صبري إلى رأفت الهجاص الذي دوخ المخابرات الإسرائيلية و حطم قلب استر بولونسكى لنكتشف في النهاية أنه كان عميل مزدوج يتجسس على مصر وأنه نجح في (( قرطسة )) المخابرات العامة, وتنتهي بالشاويش الذي كانت كل مؤهلاته ليشغل منصب مدير المخابرات هي أنه يلمع حذاء طنطاوي يومياً كما قال كاتب الحزب الوطني الهالك عبد الله كمال قبل وفاته بأسبوع، ويمكننا دون مبالغة أن نقول أن خبر سفر وفد من المخابرات المصرية للأرض المحتلة للاجتماع بضباط المخابرات الإسرائيلية للتنسيق لإسقاط الرئيس مرسي, الذي نشرته جريدة ذا تاور بتاريخ 18 مارس 2013, هو قمة جبل الجليد, التي تخفي تحتها عفونة 60 سنة من حكم عصابة العسكر التي لم تكف لحظة عن (( الفشر )) على الشعب وتخديره بإنجازات وهمية، غالباً ما يفيق منها على هزائم ساحقة مثل هزيمة 67 أو يكمل نومه بفعل الإعلام كما حدث في هزيمة أكتوبر والتي وصلت فيها قوات العدو إلى مسافة 100 كيلومتر من القاهرة وحاصرت الجيش الثالث بأكمله وأسرت ما يزيد عن 8 آلاف جندي مصري بينما الشعب المسكين يشاهد في انبهار فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي !!

حاولت المخابرات عبر سلسلة من الأعمال التليفزيونية تلميع صورة ضابط المخابرات وإظهاره بصورة البطل الذي يخترق أسرار العدو وينجح في خداعه وخلق صورة ذهنية لدى الشعب لحماية المؤسسة وخصوصا بعد أن احتاج عبد الناصر للتضحية بها ككبش فداء بعد هزيمة 67 وبعد أن انتشرت فضائحها.

وكان احد اكبر أعمال المخابرات ويمكننا القول بدون تجاوز انجح أعمالها هو مسلسل رأفت الهجان !
كاتب محترف, وموسيقار عبقري وممثلون ذوو حضور, وحبكة درامية …
ولا أكثر من ذلك !!
في المسلسل ظهر محمد الدفراوي عدة مرات ولعب دور مدير المخابرات الذي يستقبل ( فراو سمحون ) في مكتبه بحفاوة ويشرح لها بطولات زوجها الراحل, كان الرجل يمثل دور مدير المخابرات في ذلك الوقت في الفترة من سنة 1983 إلى 1986 والذي كان يشغله الفريق أول رفعت جبريل.
في المسلسل يبدو رفعت جبريل مرحباً بـ ( فراو سمحون ) ويستقبلها في مكتبه مواسياً, معترفاً بما قدمه زوجها للوطن !
وفي الحقيقة اختلف الأمر تماماً, فرفعت جبريل نفسه, الذي لعب دوره محمد الدفراوي, هو الذي قال في حوار صحفي نشرته جريدة المصري اليوم بتاريخ 18 ديسمبر 2009 عندما سأله الصحفي عن رأيه في رأفت الهجان أنه ( عميل مزدوج وأن الاسرائيليين ساعدوه كثيراً ) !!!!
وهي شهادة مدير المخابرات العامة ولا يمكن التشكيك فيها او الادعاء أن الرجل عميل لقطر أو تركيا أو رواندا أو غيرها من الردود المضحكة.
المسلسل من ناحية أخرى صنع أيقونات من ضباط المخابرات, فقام نبيل الحلفاوي بأداء دور ( محمد نسيم ) والذي منحه المسلسل اسم ( نديم هاشم أو نديم قلب الأسد ) ونسب له دوراً اسطورياً ليتضح بعد سنوات حين نشرت صحيفة صوت الوطن ترجمة لتقرير نُشرته إحدى الصحف الإسرائيلية عن الحفلة التي أقيمت لحفيدته ياسمين في سيناء والتي أقيمت بمناسبة بلوغها السن القانوني حسب الديانة اليهودية !

ليتضح أن حفيدة نديم قلب الأسد هي ياسمين ليفوفيتش الاسرائيلية, فقد تزوج ابنه هشام من فيريد ليفوفيتش الاسرائيلية, ويتحدث التقرير بعدها عن الأجواء الاحتفالية التي سادت الحفل وعن حضور أحد ضباط البحرية الاسرائيلية السابقين وحضور الجد ( محمد نسيم ) والجدة من القاهرة.

ويزول أي استغراب حين تقرأ ما كتبه المؤرخ الأمريكي والمدرس في جامعة كاليفورنيا دكتور هيو ويلفورد, في كتابه ( لعبة أمريكا الكبرى ) في صفحة 130, عندما يشرح كيف ساعدت السي آي إيه عبد الناصر في انشاء المخابرات العامة وكيف انشأ مايلز كوبلاند ومجموعة من ضباط المخابرات الأمريكية, المخابرات العامة واشرفوا على تدريب ضباطها, وكيف استقدموا أوتو سكورزيني وهو احد ضباط هتلر المشهورين ليساعد في تدريب ضباط المخابرات العامة, وهو من اصبح فيما بعد مستشاراً لعبد الناصر, ويزول استغرابك, حين تقرأ كيف جند الموساد أوتو سكورزيني للعمل معه, أي أن من يقوم بتدريب المخابرات العامة هم خليط من ضباط المخابرات الأمريكية ومن الضباط الألمان الذين يعملون لصالح الموساد, أي أن الموساد كان يعلم مقاسات أحذية ضباط المخابرات العامة.

ولا عجب إذن أن ينجح الموساد في زرع عميل يصل إلى صفوف القيادة العليا في الجيش ليصادق قائد سلاح الطيران وعبد الحكيم عامر, ويكلفه زكريا محيي الدين أول مدير مخابرات بتقديم تقارير عن الضباط في الجيش !!
بل ويرافق عبد الناصر وعبد الحكيم عامر في هليكوبتر أثناء جولة تفقدية للقوات المصرية في سيناء قبل هزيمة 67 بأربعة أيام.

كان أعداءنا يعملون في الوقت الذي كانت المخابرات العامة مشغولة فيه بتصوير الفنانات في أوضاع مخلة, وكان ضباطها يعملون بجد لتصوير تلك الفنانة في غرفة نومها, أو تطليق فنانة أخرى من زوجها, وكان موافي ( الاسم الذي كان يستخدمه صفوت الشريف ) يضيف انجازات يومية لسجل المخابرات العامة, بينما يقوم الموساد باختراق قيادات الجيش ويمتلك ملفات كاملة عن الوان غرف نوم عبد الناصر وعصابته.
ولا عجب أيضاً أن ينجح الموساد بعد ذلك في رزع عميل داخل القصر الجمهوري ليعمل مدلكاً للسادات وهو علي العطيفي, الذي كان ينقل لهم ادق التفاصيل عن السادات, لنكتشف جميعاً أن ضباط المخابرات العامة ليسوا أدهم صبري بل سونيا !!

اقرأوا معي هذا الجزء الهام جدا : “كما أوضح في التعليق أن العمليات سالفة الذكر ( عمليات تصوير ممثلات في أوضاع مخلة ) كانت واقعة تحت سيطرة رئيس هيئة الأمن القومي ورئيس المخابرات ولا تتم أي خطوة إلا بتوجيه وأمر صريح، وأن مصروفات العمليات من مكافآت للمندوبين وإيجارات للمنازل التي تتم فيها وسائر المصروفات كانت تتم المحاسبة عليها بموجب إيصالات وفواتير مع يسري الجزار مساعد رئيس هيئة الأمن القومي.”
هذه العبارات الصادمة السابقة جزء من مقدمة التحقيقات التي أجريت مع ( موافي ) أو صفوت الشريف بعد اعتقاله مع عدد من ضباط المخابرات العامة بعد هزيمة 1967.
كما ذكر موافي في بداية استجواب النيابة أنه كان يعمل ضابطاً بالجيش قبل أن يلتحق بالمخابرات العامة سنة 1957, وذكر في التحقيقات كيف اهتم مدير الأمن القومي, حسن عليش بمسألة تجنيد الممثلات التي اقترحها ( موافي ) وكيف حضر صلاح نصر اثناء قيامه بتصوير احدى الممثلات في وضع مخل, وأمر بالقبض عليها متلبسة, وأن شرائط الفيديو التي تم تصويرها تم حفظها في مكتب مدير الأمن القومي.
وروى ضابط المخابرات العامة ( موافي ), تفاصيل عمليات التصوير وكيف كان يتم التصديق عليها شخصياً من مدير الأمن القومي والمكافآت التي كانت تصرف له ولزملاءه وإيجار الشقق ومصروفات الكاميرات.
المضحك أنه روى للمحققين أنه لاحظ أن تلك الممثلة تعاني من حالة نفسية سيئة نتيجة لعملية القبض عليها بالطريقة التي شرحها, وأنه عرض على مدير الأمن القومي, أن تقدم المخابرات العامة لها هدية لإصلاح نفسيتها حتى يكون عملها مع الجهاز بدافع إيمان وليس بدافع خوف وأن مدير الأمن القومي, حسن عليش قدم لها بعض هدايا عبارة عن ساعة يد وراديو ترانزستور….. هكذا قال نصاً !!!!

ومن يقرأ تلك التحقيقات, يدرك حالة العفن التي وصلت إليها مصر على يد هؤلاء, ويدرك في النهاية أن هؤلاء الشواذ كانوا يقومون بالتصوير, لأغراض أخرى غير تلك التي يقولونها, وتتبين تلك الأغراض حين تقرأ ما قاله السفاح الفاسد شمس بدران في مذكراته والتي قال فيها أن صلاح نصر ( مدير المخابرات العامة ), كان يزود عبد الناصر بالمشاهد الجنسية لتلك الممثلة وهو ما نشرته صحيفة المصري اليوم !!!!
ويزداد مستنقع دولة العسكر عفونة حين تشاهد اعتماد خورشيد وهي تحكي في أحد البرامج التليفزيونية ( أنا والعسل ) أن صلاح نصر, مسؤول توريد الأفلام الجنسية للمقبور عبد الناصر, ومدير المخابرات العامة كان شاذاً جنسياً !!!

وفي الوقت الذي كانت المخابرات العامة تواصل جهاد الكاميرات في غرف نوم الممثلات, ويواصل عبد الناصر جهاده في مشاهدة الشرائط الجنسية للممثلات, كانت مخابرات العدو الصهيوني تزرع أحد جواسيسها المعروف بإسم ( انور بك ), في قلب جيش الاحتلال, الذي انشأه العسكر ليصبح صديقاً لقائد سلاح الطيران, وصديقاً لعبد الحكيم عامر بل ويرافق عبد الناصر وقادة جيشه في طائرة هليكوبتر إلى سيناء لتفقد قوات الجيش قبل هزيمة يونيو 67 بأربعة أيام !!!

وهو الجاسوس الشهير الذي أقام حفلاً راقصاً ماجناً لطياري الجيش والذي سهروا فيه حتى الصباح ليفاجئوا بعدها بساعات بطائراتهم التي دفع الشعب ثمنها, وقد تحولت إلى خردة غير صالح لغزو عشة فراخ على السطوح في الجمالية, كما جاء بالتفصيل في كتاب تحطمت الطائرات عند الفجر.

ولم يقتصر الأمر على ذلك, بل نجح الموساد في تجنيد أوتو سكورزيني, الضابط الألماني الذي استقدمته السي آي إيه لتدريب ضباط المخابرات العامة, والذي اصبح مستشاراً لعبد الناصر ووضع خطة تطوير الجيش المصري !!
كما ورد في كتاب لعبة أمريكا الكبرى الذي أشرت إليه من قبل

وهكذا، كانت المخابرات الأمريكية تدرب هؤلاء الصبية الشواذ ليصوروا الممثلات في أوضاع مخلة وليرسلوا الصور للزعيم المقبور عبد الناصر، في الوقت الذي كان المصريون يخشون فيه من الاقتراب من سور مبنى المخابرات العامة، ويدفعون الضرائب ليحصل ضباط المخابرات العامة على مكافآتهم عن تصوير الأفلام الجنسية للممثلات لكي يشاهدها الزعيم المقبور.

هذه العصابة من الشواذ، هي التي أسست تلك المؤسسات الخربة، التي لم تتجاوز انجازاتها، المسلسلات التلفزيونية، ويصبح امراً طبيعياً أن يتفاخر وكيل المخابرات العامة الأسبق على احدى القنوات المؤيدة للانقلاب أنهم مسؤولون عن حماية أمن اسرائيل !!!!

آيات عرابي

تاريخ النشر: 10-3-2015