آيات عرابي تكتب | من سرق حفاضة محمد بن سلمان ؟

 
ستكون تجربة طريفة بلا شك إن فتحت التليفزيون لتجد قناة ما تبث حواراً إعلامياً مع سمير غانم يستعرض فيه آراءه في شؤون الأمة.

سيتهمك من لم يشاهدوا الحوار بخفة العقل وستصبح محطاً لسخرية الجميع وستتحول بالتدريج إلى نكتة. الاطرف من هذا, أن تتصور مشهداً اضافياً في مسرحية مدرسة المشاغبين, يجلس فيه الناظر (حسن مصطفى) أمام سعيد صالح (رحمة الله عليه) ليسأله عن رؤيته المستقبلية !!
لما الواحد يتضرب على راسه ما يحطش منطق !!
لم تختلف ردود الغلام بن سلمان بالأمس في حواره التليفزيوني عن هذا كثيراً.
أحدهم قام بمزج عدة مشاهد كوميدية لرئيس كوريا مع سعيد صالح ويونس شلبي وبعضاً من رؤى القذافي مع قدر لا بأس به من فقرات سفيه الانقلاب في مصر, ثم اضاف للخليط جرعة من المخدرات ليحصل على ذلك المشهد الكوميدي.
المجهود المبذول في التحضير للحوار بدا واضحاً في استرسال الغلام بن سلمان في الاجابات وخصوصاً تلك الخاصة بالموقف من إيران ولا ريب أن الاسئلة جرى اعدادها مسبقاً ثم تدرب ذلك الصبي على الردود بمعاونة فريق من خبراء العلاقات العامة, ولا شك أننا بصدد فريق محترف من خبراء العلاقات العامة حتى ينجح في تلقين شخص راسب في الثانوية العامة, ولا يكاد يفيق من المخدرات كما ذكر المغرد (مجتهد) أكثر من مرة.
الهدف من وراء هذا كله يبدو واضحاً للجميع, وهو تقديمه كسياسي تمهيداً لخلافة سلمان في حكم الجزيرة العربية المنكوبة. ويبدو أن رحلته إلى واشنطن حين وقف أمام ترامب في مذلة يقدم له الجزية عن يد وهو صاغر قد تكللت بالنجاح وأن البيت الأبيض قبل أوراق اعتماده.
هذه أمور لا تحتاج ان تكون خبيراً لتدركها, غير أن الحماقة الكبرى التي ارتكبها ذلك الصبي تكفلت بنسف مجهودات خبراء العلاقات العامة.

فبدلاً من الاجابات الدبلوماسية المراوغة التي تفتح الباب للتفسيرات المطاطة, جاء رد ذلك الغر على سؤال المذيع حول العلاقة بين مصر الانقلابية وآل سعود, ليخرج خبيئة نفسه ويكشف عن الرؤية السائدة في مجالس (وقعدات) آل سعود بشأن الإخوان المسلمين, ولينسف هو بنفسه الجهود التي بُذلت خلال العامين الماضيين لتقديم أبيه باعتباره منفتحاً على الجميع. كما كشف رده عن خّرَقه الواضح وتدني مستواه العقلي.
لم اغضب في الحقيقة لتصريحه الأهوج, فقد بح صوتي مراراً وأنا احذر من آل سعود في مواجهة إعلام لم يأل جهداً في التغرير بالملايين وكأنما يعبُّ من علبة ورنيش ضخمة ليلمع بها وجه سلمان وابنه.
ويزول العجب حين تعرف المصادر الخليجية للإعلام غير الانقلابي.
لم اشعر بالغضب بل بالصدمة في الحقيقة, فرعونة ذلك الغر لم تقم فقط, بنسف دعاية العاميين الماضيين وتوجيه ضربة اعلامية لآل سعود ولم تكشف فقط خبيئة نفسه وحقيقة الرؤية السائدة بين بلطجية آل سعود, بل استعدى تصريحه الملايين في مصر والخليج ودول اسلامية أخرى. الولايات المتحدة على سبيل المثال احجمت عن تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة ارهابية, فدوائر الحكم ومؤسساته هنا تدرك خطورة مثل ذلك القرار على استقرار المنطقة والقرارات السياسية لا تُصنع هنا بتلك الطريقة الهوجاء المميزة لأكشاك الشرق الأوسط.
الحقيقة أنني كنت اتصور أن يقوم من اعدوا ذلك الحوار بالتنبيه على ذلك الغر الفاسد كيلا لا يقع في مآزق كهذه ولكن يبدو لي أنه شرد بخياله وهو يرى وقع كلماته عن إيران التي ستجعل الملايين يرونه كزعامة سياسية محتملة, ففقد القدرة على السيطرة على لسانه لحظياً ليصبح كثور في معرض خزف يدمر ما بنته دعاية آل سعود في الشهور الماضية.
بدا اقرب لرضيع سرق أحدهم حفاضته وتركه يتغوط على بساط غال الثمن بالمنزل أو كمن افرط في تعاطي السكر فتقيأ على مائدة طعام تجمعه مع علية القوم.
نحن بصدد قذافي جديد يتجشأ على الناس عبر الشاشات, وسيحتاج لكمامة أو فلاتر تماماً كزميله في الكار, سفيه الانقلاب في مصر, سيحتاج مثل سفيه انقلاب مصر إلى من يعيد له حفاضته ليتوقف عن التغوط على الشاشات واطلاق التصريحات الرعناء. نحن بصدد عصر فرت فيه تلك النسانيس من الجبلاية لتؤدي مشاهد كوميدية على الشاشات, لتتحول منطقتنا الاسلامية المنكوبة إلى سيرك كبير.