آيات عرابي تكتب| يا عيني عالولا!

عمرو واكد المشخصاتي كتب منشوراً فيما معناه أنه غير مصدق، ومصدوم لأن قضاء الانقلاب الكيوت أصدر حكما بتأييد حكم الإعدام وأنه خائف على مصر مما سيحدث لها من كثرة الظلم!!

ما شاء الله!!

وأنا في الحقيقة مندهشة ومصدومة من صدمته

فـ عمرو واكد كان من مؤيدي مجزرة رابعة التي قام بها الجيش المصرائيلي وقال من قبل انه كان لابد من استخدام القوة ضد المعتصمين، وهذا يعني أنه يعلم مدى إجرام وكفر عصابة الانقلاب

وهل اختطاف الرئيس مرسي وقتله بالسم فيما بعد لم يدهش عمرو واكد، أم أن الدهشة والصدمة ظهرت عليه فجأة لزوم الدور؟

وهنا لابد أن أسأل سؤال

هل عمرو واكد أصلا من المعارضة؟؟

وإذا كان من المعارضة كما يحلو لبعض الاسلامجية وصفه، هل هناك أحد ممن يحسبون أنفسهم على المعارضة في الخارج من هو ليس مصدوماً من أفعال الانقلاب ومؤسساته العميلة؟

عمرو واكد وغيره من النفايات العلمانية هم سقط متاع الانقلاب ممن اعتلاهم العسكر في سهرة 30 سونيا ثم ألقى بهم في صندوق النفايات ولم يجدوا لأنفسهم مكانا مناسبا بين ألاضيش الإنقلاب فوجدوا ضالتهم في دراويش الإسلامجية الذين يحبون تبييض وجوههم أمام الغرب بمسحة علمانية لزوم الاعتدال والوسطية.

المشكلة الرئيسية التي تواجه معسكر (التغيير) ومنذ اللحظة الأولى هو ذلك الفيروس الفكري الذي زرعته مخابرات العسكر في عقول الجميع عقب حراك يناير (وهو حراك مخطط له بغض النظر عن مشاركة طائفة كبيرة من الشعب فيها)، وهو تصوير (الثورة) بالعمل الذي يحتاج تكاتف جميع الفصائل على اختلاف توجهاتها

وهذا في حد ذاته كارثة فكرية
خلل غير عادي في التفكير

الثورة حسب التعريفات المقبولة يقوم بها الصفوة الفكرية لمجتمع ما، ويحتضنها باقي المجتمع أو القطاع الأكبر منه

وعندما تضع الإسلامي مع العلماني، فأنت تزرع فيروسا للخلاف

الدكتور وفيق حبيب هو أفضل من كتب عن هذا الموضوع

الثورة دائماً لابد أن يكون لها أيدولوجية، وهذا ما حاولت المخابرات العالمية منع حدوثه في مصر

وضع كل ألوان الطيف في بوتقة واحدة ينتج خلافاً لا يمكن حله

هناك من يريد دولة مدنية على أسس أوربية (وهي بالمناسبة متحققة منذ عهد محمد علي ولم يطرأ عليها سوى تغييرات شديدة البذاءة بعد انقلاب 52) 

والبعض الآخر يريد خلافة والعودة إلى ما خلف خطوط سايكس بيكو وهم معسكر تحرير مصر من التبعية 

ولابد أن يصطدم الفريقان 

أكثر الناس وعياً بحقيقة هذا الصراع على ما اعتقد وبخطورة وصول الإسلاميين (كما يحلو لهم تسميتهم) للحكم، هو الهالك هيكل، فقد حذر من قيام ثورة إسلامية، ربما قالها تضليلاً وربما قالها استشرافاً للمستقبل وربما كان يقصد التخويف، ولكن في النهاية كان يدرك حقيقة وجود المكون الإسلامي تحت السطح

كان الفيروس الذي زُرع في ثنايا العمل الثوري منذ بداية حراك يناير هم العلمانيون واحزابهم الضئيلة
الذين كانوا ينعقون في الاستوديوهات على أمل الحصول على مكاسب ومناصب في الحكم، حتى إذا ما وُضع الشعب كله أمام تجربة اختيار، اختار رئيساً إسلامياً (رغم اعتراضي على الوصف نفسه)

كان اختيار الرئيس مرسي تعبيرا عن حقيقة انتماء الشعب وخريطة توزيع القوى والتي اتضح معها أن شعبية هؤلاء
الليبراليين والشيوعيين على اختلاف مسمياتهم هي صفر، والتجربة أثبتت أن هؤلاء العلمانيين على اختلاف طوائفهم هم عامل معطل لأي عملية تغيير أو حراك ثوري، وذلك لالتقائهم مع العسكر في كراهية الإسلام والمسلمين

العلمانيون بأطيافهم يقفون مع العسكر على أرضية مشتركة
(الدولة مصطنعة الحدود – فصل الدين عن الدولة – العلمانية – خزعبلات الانتصارات الوهمية التي ترسخ بها دولة العسكر فكرة الدولة الوطنية التي رسم حدودها المحتل – ورضا المحتل الغربي الخفي عن كل من الطرفين)، كما أن الخصومة بين العلمانيين والعسكر يمكن حلها في واشنطن

وخصومة كهذه لا تذهب بعيداً، فلا أحد منهم يبغي خنق الآخر، العسكر يعتبرون العلمانيين ديكوراً مناسباً يجب ان ينصاع لارادتهم ويعلن عن ولائه لهم

والعلمانيون يتصالحون مع مؤسسات العسكر التي انشأها الاحتلال ولا يرغبون في استعداءها وخلافهم مع العسكر خلاف وظيفي ولذلك يتعامى المتلحفون منهم برداء الثورة عن جرائم ذلك الجيش المصرائيلي في سيناء وجرائمه منذ الانقلاب وتراه يصدر خطاباً سمجاً سخيفاً عن ذلك الجيش

وفوق ذلك يتصالحون مع المكون النصراني للانقلاب، فلا تراهم يعادون عصابة الكنيسة بل ويقصرون (نقدهم الرقيق) على المجرم تواضروس و يستثنون البنية التنظيمية لعصابة الكنيسة ويصدرون خطاباً تافهاً من نوعية (اخوتنا في الوطن) وهو خطاب تمييعي يترك المشكلة قائمة ويتجاوز المطالبة بمحاسبة عصابة الكنيسة ويتجاهل دورها التحريضي في الانقلاب وإشعال الحياة السياسية في مصر ويتغافل عن تقسيم المكاسب بين عصابتي العسكر والكنيسة فلا يتحدث عن مافيا الأديرة ولا سرقات القساوسة لأموال العشور ولا يطالب بأي إجراءات رقابية ضد عصابة الكنيسة.

الخطاب العلماني هو ببساطة خطاب يفصل الدين عن الدولة ويتفق مع العسكر والكنيسة ولا يريد الا تغييراً شكلياً بشرط الا يكون عنوان التغيير اسلامياً

أما معركة الثورة (الحقيقية وليس أصحاب ربطات العنق في الاستديوهات) مع العسكر، فهي معركة هوية تنتهي باستئصال أحد الطرفين

وأخطر ما يحدث هو ان يستمر بعض السذج السطحيين في اعتبار تلك الدمى العلمانية ذات الاتصالات المشبوهة بالغرب وعسكر الانقلاب من بين صفوف مناهضي الانقلاب

أهم مكتسباتنا من الإنقلاب – إن صح التعبير – هو تطهير النخبة السياسية من العلمانيين وكشف حقيقتهم وأن المبدأ الوحيد الثابت عندهم هو الارتزاق من محاربة الإسلام وأهله، وفي سبيل ذلك لديهم الاستعداد لأكل جميع أصنام العجوة التي يسمونها ديموقراطية وليبرالية ومهلبية

أهم ما يجمع بين العلمانيين والعسكر في حظائر سايكس بيكو ان كلا الفريقين ينتحل العلمانية أو العسكرة للارتزاق، فإيمان العلماني الحظائري بقيم العلمانية لا يزيد كثيرا عن القدرات العسكرية للجيش المصرائيلي، كما وصفهم جنرال أمريكي بحرب الخليج حين قال أن “المهام التي أوكلت لقوات الجيش المصرائيلي في حرب الخليج بأنه كان يمكن إسنادها إلى عاهرتين منهكتين.”