آيات عرابي تكتب | أحذية تدوس العقل

ما سأقوله الآن ربما لاحظه البعض
نحن على أعتاب مرحلة جديدة
أعني بذلك مرحلة جديدة في الإعلام
والإعلام هي المعركة التي استمر المسلمون في خسارتها حتى الآن
اللهم الا بعض الانتصارات المحدودة في حقبة ما بعد الثورات
وقد يبدو من المفيد تكرار المعلوم للجميع
وهو أن منظومة الإعلام في أمريكا وأوربا تحت سيطرة صهيونية كاملة
سيطرة لا تسمح للمشاهد بسماع أزيز بعوضة لا تروق للأخ الأكبر
المشاهد الأمريكي مثلاً يظن أنه حر يختار بين القنوات كيف يشاء
لمجرد أنه يمسك بالريموت في يده
والحقيقة أنه لا يملك من أمر عقله شيئاً
هو لا يختار
ولتقرأ الأرقام التالية حتى تدرك الوضع الكارثي
6 شركات عملاقة تمتلك 90% من الإعلام الأمريكي
قنوات وصحف مطبوعة ومحطات اذاعية وحتى مواقع إخبارية
هذه الشركات الست تملك الصحف الكبرى في ثلاث قارات
أمريكا وأوربا وأستراليا
نعم بالضبط كما خمنت الآن
هي شركات تابعة للوبي الصهيوني !
الاحصائية منشورة في بزنس انسايدر في 14 يونيو 2012
وإذا كان هذا حال المواطن الأمريكي في بلاد العم سام السعيدة
التي يراها البعض تفيض لبناً وعسلاً وأوراق بنكنوت, فكيف يكون الحال في مستعمرات العالم الثالث ؟
هل كان اطلاق مدينة الانتاج الإعلامي سنة 1992 ؟
السنوات التالية شهدت اطلاق عدة محطات كبرى في تتابع عجيب يحتاج إلى دراسة
قنوات تنتهج خطاً محافظاً يخاطب الجمهور المتململ من الأنظمة العربية
وقنوات أخرى تخاطب قطعان المؤسسات
مشنقة ناعمة التفت حول العقول
أحذية عملاقة غير مرئية تدوس خلايا العقول
تسحقها
تحولها إلى كتلة هلامية المعالم من العجين
الوضع المنفجر بعد الثورات أدى إلى أن تحل مواقع التواصل الاجتماعي محل منابر الإعلام الرسمي
وهو وضع بات يهدد الثورات المضادة التي يبدو واضحاً أنها تعمل بتنسيق فيما بينها وبين سيدها الصهيوني في تل أبيب
ويبدو أن ملاك منصات الإعلام البديل استجابوا لمتطلبات المرحلة التي يفرضها السيد الصهيوني
والذي يبدو من تحركاته في المنقطة ساعياً إلى تبريد الجبهات المشتعلة في مصر وسوريا, ويبذل قصارى جهده لمساعدة وكلاءه من العسكر وامتداداتهم المحلية والاقليمية على إحكام قبضاتهم على الشعوب المسلمة.
راغباً في غلق منصات الإعلام البديل حتى لا تشغب على عملية تمهيد الأرض (في مصر وسوريا وفي فلسطين) لتوسع صهيوني يبدو وشيكاً.
بعض الأذكياء لاحظوا (ولهم الحق في ذلك) أن خدمة ياهو مثلاً الغت الدخول لبرنامجها واشترطت التسجيل بأرقام التليفون, وهو ما جعل الكثيرون يحجمون عن معاودة الاشتراك بها
وتبع ذلك قيام الفيسبوك بإغلاق صفحات فلسطينية من بينها صفحات مراسلين وإعلاميين فلسطينيين
وصفحات سورية (اذكر منها على سبيل المثال صفحة “مجلس ثوار حلب”)
وصفحات مصرية من بينها صفحتي العامة التي وصل عدد متابعيها إلى حوالي مليون واربعمائة الف
من ناحية أخرى
هل كسب الإعلام المناهض للإنقلاب معركته ضد إعلام العسكر ؟
الحقيقة أن المراقب الذكي للساحة الإعلامية سيلمح حالة من الحرص على اللعب تحت السقف
الإعلام المناهض للإنقلاب يحرص على الاحتفاظ بجمهوره تحت سقف لا يتجاوزه
سقف المؤسسات وشكل الدولة والحدود .. الخ
خذ عندك مثلاً فضائية وطن التي اُطْلِقَت بعد غلق قناة مصر الآن
اختارت خطاً علمانياً واضحاً من البداية
سياسة القناة تمارس بشكل واعِ عملية الحفاظ على عقل المشاهد داخل حظيرة سايكس بيكو
وإجمالاً يمكنك ربط المعطيات السابقة
لتجد نفسك بصدد وضع يجري فيه غلق منصات الإعلام البديل
وإعادة المارد إلى قمقمه
الأدخنة والغبار الإعلامي المتصاعد يجري الآن تحجيمه وإعادته إلى الصندوق
في ظل هذه المجهودات تجري تجارب رأي عام لتجربة تأثير القنوات التقليدية
تماماً كمن يمسك ميكروفوناً لتجربته في مؤتمر او اجتماع شعبي
الو الو .. واحد اتنين تلاتة اربعة .. الصوت تمام ؟
(تجربة سائق التوكتوك وعمرو الليثي الذي تجرأ وبث الفيديو دون علم المخابرات يا حرام)
تحتاج لقدر كبير من حسن النية والطيبة المفرطة لكيلا تلمح هذا المجهود
هناك حرب خفية على العقول يلحظها الأذكياء
وهي حالة حرب حقيقية تحتاج إلى الإسراع في اطلاق منصات إعلام بديل.