أكتوبر … النصر الذي لم يأت !!

تاريخ النشر: نُشِرَ هذا المقال على موقع مجلة نون النسوة بتاريخ 4 أكتوبر 2013 قبل اختراق الموقع بل إن المقال هو سبب اختراق موقع المجلة من مخابرات العسكر الذين تركوا لي رسالة تهديد وكان هذا المقال هو الأول من نوعه في كشف حقيقة أكتوبر وأكذوبة النصر… اليكم المقال

بداية هذا مقال صادم سيجرح كرامتك الوطنية ويعتدي علي ثوابت اعلامية تغذي عقلك عليها منذ أربعين سنة ويغتصب مفاهيما رسخت في عقلك ولذلك فإنه يحتاج لعقل يتسم بالموضوعية بعيد عن التعصب فان كنت غير ذلك فأرجوك الا تقرأ !

هل انتصرنا حقاً في حرب أكتوبر ؟ هل استعدنا سيناء حقاً أم فقط تم اخلاؤها من السلاح مقابل الانسحاب الاسرائيلي ؟

لماذا طور السادات الهجوم بتاريخ 14 أكتوبر 1973 على الرغم من انه صدق على خطة الفريق الشاذلي الخاصة باحتلال من 10 إلى 12 كيلومتر غرب القناة والاحتماء من الطيران الإسرائيلي بمظلة الدفاع الجوي المصري وصد الهجمات المضادة الاسرائيلية ؟

لماذا غير السادات رأيه بعد أن غادر غرفة العمليات ليلة الثاني عشر من أكتوبر بعد مكالمة هيكل له ؟

يقول الفريق الشاذلي رحمه الله أن هيكل اتصل بالسادات في غرفة العمليات فلم يجده وأنه حدثه عن معلومات لدى الملحق العسكري السوفييتي عن خطة اسرائيلية لمهاجمة سوريا وعن ضرورة تطوير الهجوم فلم يقتنع الشاذلي وأعاد هيكل الاتصال بالسادات ليصدر الأخير امراً بعد بضع ساعات من تلك المكالمة بتطوير الهجوم وهو ما أخرج القوات المصرية من مظلة الدفاع الجوي المصري وفتح ثغرة بين الجيشين الثاني والثالث مما مكن الاسرائيليين من محاصرة الجيش الثالث.

لماذا أصغي السادات للسوفييت ( ان كان الأمر حقاً متعلقاً السوفييت ) بعد ان كان قد أحرق كل مراكبه معهم بسبب تعنتهم في إعطاء مصر السلاح كما قال في كتابه ( البحث عن الذات ) ؟

ما الذي دفع السادات الي الإصغاء لهيكل وتنحية كل التقارير التي ترده من أجهزة المخابرات ؟

وهل كان هيكل عراب هزيمة 67 يرغب حقاً في الحديث للسادات أم أنه كان يجرب آخر محاولة مع الشاذلي لاقناعه هو باصدار قرار تطوير الهجوم بايعاز من السادات ؟

كان المشير احمد اسماعيل قد ألح علي الشاذلي ثلاث مرات في أقل من 24 ساعة بتطوير الهجوم وفي كل مرة يرفض الشاذلي ويوضح أسباب الرفض, حتي فاجأه المشير احمد اسماعيل ان تطوير الهجوم هو قرار سياسي, بعد ان تطورت الأزمة إلى تقديم قائد الجيش الثاني لاستقالته, كان أي عسكري يدرك تماما النتائج الكارثية لما عرف باسم ( تطوير الهجوم ) وقد خسرت مصر في عدة ساعات فقط يوم 14 أكتوبر 250 دبابة بخلاف الخسائر البشرية علاوة علي نجاح القوات الاسرائيلية في الاتصال براً بحصن بودابست علي القناة.

في اليوم التالي 15 أكتوبر بدأت القوات الإسرائيلية في التدفق باتجاه القناة تمهيدا لعبورها, فيما عرف باسم (( عملية غزالة )) والتي أنتجت الثغرة الشهيرة, ويتصاعد بعدها المشهد تدريجيا حين تلتقط جولدا مائير الصور في معامل تكرير البترول حول السويس وتصرح بأن الجيش الاسرائيلي يحارب الآن في افريقيا, ثم ينتهي المشهد بأكمله بقبول قرار وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب بالتعادل لا بانتصار الجيش المصري كما يروج الإعلام المصري ولا بانتصار إسرائيل على أعدائها كما يروج الاعلام الاسرائيلي, وذلك على الرغم من الانتصار المصري المبهر في اول أيام العمليات.

هل كانت القوات المصرية مجرد أوراق لعب يتم المخاطرة بها على طاولة قمار ؟؟

وهل كانت حرب أكتوبر منذ بدايتها مجرد دور شطرنج تلعبه جهة مجهولة قابعة خلف الأطلنطي ؟؟


إن حل هذا اللغز يتطلب في الأساس الرد على أسئلة أخرى على الجانب الآخر, والتي قد تكشف بعضا من الحقائق التي يراد إخفاؤها عن الجمهور البسيط الذي تحركه وسائل الإعلام عادة.

والبحث في حقيقة هذه الحرب يبلغ درجة شديدة التعقيد ويمس مناطق غاية في الحساسية في أعماق الكرامة الوطنية المصرية.

ولكن لا ريب أن هناك اطرافاً تملك إجابات دقيقة على كل هذه التساؤلات, التي تتردد بقوة حتى لدى العسكريين الاسرائيليين انفسهم, ولا شك أن الثلاثي ( ديان – كيسنجر – السادات ) يمتلكون الحقيقة الكاملة لما حدث.

الأمر يتطلب إذن فرشاة جديدة وعقل محايد لازالة الاتربة عن ذلك الغموض الذي يكتنف هذه البازل التاريخي, فلماذا يقتل الملحق الجوي الاسرائيلي في واشنطن جو الون الذي كان مرشحاً ليشغل منصباً قياديا في سلاح الجو الإسرائيلي قبل الحرب بشهرين او ثلاثة بالرصاص أمام بيته في واشنطن ثم يقول الرئيس الاسرائيلي السابق لأحد اصدقائه في جلسة ودية جمعتهما بعدها بسنوات انه قتل لأنه سكير ويتكلم كثيراً ؟

وما الذي دفع هنري كيسنجر (( اليهودي )) للضغط علي جولدا مائير قبل الحرب بأسبوع وابلاغها بتحذير شديدة اللهجة بعدم البدء بضرب القوات المصرية ؟

ان هذه الواقعة وحدها كفيلة بنسف كل الادعاءات التي يتداولها الاعلام المصري حول أن إسرائيل علمت بالحرب فقط قبلها بساعات.

لماذا يصدر وزير الخارجية الأمريكي مثل هذا التحذير لرئيسة وزراء اسرائيل علي الرغم من اسرائيل لم تكن تعلم بالتحضيرات المصرية (( السرية )) للحرب كما يقول الاعلام المصري ؟

هناك واقعتان في غاية الأهمية تنزويان في أركان تاريخ هذه الحقبة قد تسهمان في توضيح الصورة بشكل أكبر, الأولى عندما قامت الطائرات الروسية بإخلاء عائلات الخبراء الروس من القاهرة ودمشق يوم 1 اكتوبر, أي قبل الحرب بخمسة أيام, والثانية عندما قام وزير الطيران المصري بإغلاق مطار القاهرة يوم 4 اكتوبر 1973, هاتان الواقعتان وحدهما كفيلتان بإزالة ستارة الدخان الكثيفة التي يلقيها الاعلام المصري حول المسألة ونسف التفسير الجاهز الذي يقدمه لجمهوره في مصر, وهو ان المخابرات الاسرائيلية قد وقعت في شرك خداع المخابرات المصرية لها ولم تعلم بموعد الحرب, والحقيقة ان تحليل الواقعتين سيكشف لأي مبتدئ أن الحرب كانت على الأبواب, فكيف لم تفطن المخابرات الاسرائيلية لهذا الأمر ؟

ان أجهزة المخابرات لا تمزح في أصغر من هذا فكيف تخطيء المخابرات الإسرائيلية في تفسير إخلاء الروس لعائلات خبرائها في القاهرة ودمشق ؟

ان مجرد الحديث عن خطأ ارتكبته المخابرات الإسرائيلية في تحليل هذه المعلومة يعتبر اعتداءاً ساذجاً علي ابسط قواعد المنطق والتفكير الإنساني السليم ويحول الأمر برمته إلى نوع من التهريج الذي يتبادله البسطاء على أحد مقاهي ضواحي القاهرة.

فإجلاء السوفييت لعائلات خبرائها من القاهرة ودمشق وغلق مطار القاهرة لابد أن يُفسر على أنه إجراء يسبق شن هجوم, إذن الأقرب للمنطق أن المخابرات الإسرائيلية كانت قدرت أن مصر وسوريا ستقومان بهجوم وشيك على الأقل قبل الحرب بخمسة أيام فلماذا لم يتحرك الاسرائيليون على الأقل لدعم لواء القدس هزيل العدد (( 500 جندي وضابط بطول خط القناة )) بقوات مشاة تكفي للتعامل مع أي هجوم محتمل ؟

ولماذا رفضت جولدا مائير الحاح العسكريين الاسرائيليين باستدعاء الاحتياطي وكان يمكنهم هذا يوم الأول من أكتوبر, حيث ان استدعاء كامل الاحتياطي الإسرائيلي وقتها كان يستغرق يومين كاملين, أي أن إسرائيل كان بمقدورها تفادي ما حدث يوم 6 أكتوبر بما نعلم كلنا انه توفر لديها من معلومات ومع ذلك لم تتحرك ؟


الأكثر غموضاً, ان تبدأ الحرب بضربة افتتاحية رائعة ثم يتدخل كيسنجر شخصياً لمنع إرسال جسر جوي لإسرائيل لتعويض خسائرها, على الرغم من أن الإعلام المصري صدعنا بالحديث عن أن اسرائيل تنهار وأنها كانت على حافة الهاوية وأن جولدا مائير كانت تبكي وموشيه ديان لا ينام ؟


هل تخلت أمريكا عن حليفتها وضحت بها ام ان كيسنجر ببساطة كان يريد الوصول الي وضع معين قبل التدخل ؟

الاغرب ان كيسنجر الذي تدخل لمنع إرسال جسر جوي لإسرائيل هو نفسه كيسنجر الذي تدخل شخصيا لتحريك الجسر الجوي لإسرائيل بعد حوالي سبعة أيام من بدء العملية, فلماذا, هل أصيب بالجنون ام فقد القدرة على اتخاذ القرار ام ان الامر كله يخضع لحسابات معينة ووضع معين يجب بلوغه ؟

ثم لماذا يطور السادات الهجوم اصلا وبعدها يمتنع عن تدمير القوات الاسرائيلية التي تسربت الى الثغرة حتى يتفاقم الوضع وتتم محاصر الجيش الثالث متذرعاً بتهديد من كيسنجر ؟ ثم لنقفز بالزمن قليلاً الى الامام, لماذا يختار مناحم بيجن وزير الدفاع (( المهزوم )) موشيه ديان ليصبح وزيرا للخارجية في حكومته ويوقع اتفاق السلام مع السادات ؟ ما الذي يجمع بين موشيه ديان اليساري القومي ومناحم بيجن اليميني ؟ ولماذا اصلا يذهب السادات المنتصر الى تل ابيب بدلا من يأتي إليه بيجن أو حتى موشيه ديان ؟

الا يقضي المنطق السليم أن يذهب المهزوم إلى المنتصر وليس العكس ؟ ولماذا يوافق المنتصر على إخلاء سيناء بالكامل من القوات مع أنه هو المنتصر ؟؟ ولماذا تضحي إسرائيل بحقول النفط في سيناء وتسلمها لمصر على طبق من ذهب إذا كانت هي من انتصرت كما تروج وسائل الإعلام الإسرائيلية ؟

الإجابة على هذه المجموعة المتشابكة من الألغاز في الحقيقة لا يحتاج الى الكثير من الذكاء, بل نحن بحاجة فقط الي قدر من الموضوعية, والي تجاوز ذلك الجرح الغائر في كرامتنا الوطنية والذي ستحدثه الحقيقة التي لا ريب أن القارئ قد توصل إليها الآن, ولنقفز إلى الأمام في الزمن قليلا الى نهاية السبعينات, حيث نقرأ في دراسة كتبها الإسرائيلي عوديد يانون بعنوان ( استراتيجية إسرائيل في الثمانينات ) قوله ” فمصر فعلياً جثة في صورتها السياسية الداخلية الحالية, ويظهر هذا بشكل أكثر وضوحاً إذا أخذنا في اعتبارنا الصدع الإسلامي المسيحي المتنامي “

كان الاحتفاظ بسيناء في ذلك الوقت يكلف اسرائيل تكلفة عسكرية باهظة, فوجود شعب معادي مجروح الكرامة علي الضفة الأخرى من القناة قد يعرض اسرائيل لمخاطر تمس وجودها ذاته ان خرجت الأمور عن السيطرة وكان لابد من التوصل لاتفاق سلام مع مصر لتحييد تلك القوة الديموغرافية الضخمة في مصر ولم يكن هذا الاتفاق ممكناً في ظل الأوضاع السائدة وقتها, فالرأي العام في مصر لم يكن ليتقبل استعادة سيناء منزوعة السلاح مع مرارة هزيمة 67 التي ذاقها الجيش المصري علي يد اسرائيل بل أن الشارع المصري كان يغلي ويطالب بحرب ينتقم فيها من الاسرائيليين وهو الحراك الذي كان يهدد بقاء السادات في السلطة بل يهدد منظومة الحكم المصرية التي أرساها عبد الناصر بأكملها.

ولم يكن الرأي العام الإسرائيلي الذي يرى أن اسرائيل سحقت جيوش ثلاث دول في ستة أيام ليوافق على تسليم سيناء هكذا لمصر ما لم يتم خدش صورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر ويدرك رجل الشارع الاسرائيلي ان هناك شعباً يريد استعادة أرضه ويصل عبر تجربة أليمة إلى قناعة بأن هناك حدود يجب أن تُحترم, كان ابرام اتفاق سلام دون حرب يهدد بانهيار نظام الحكم المصري وهو ما يفتح بابا للمجهول وبالنسبة لإسرائيل كان يعني فوضى شعبية كبيرة قد تعصف بالدولة اللقيطة بأكملها, فكان لابد من حرب محدودة تعيد التوازن النفسي ليتقبل الشعب المصري اتفاقية السلام ويتقبل الإسرائيليون تسليم سيناء لمصر, ان المقابل الذي حصلت عليه إسرائيل كان اكبر من حوالي ألفين من جنودها قتلوا في الحرب بل أن خسائر مصر في الحرب قد فاقت خسائر إسرائيل بعشرة أضعاف حيث بلغ عدد شهداء مصر حوالي عشرين الفاً بينما بلغ عدد الأسري حوالي ثمانية آلاف مقابل 294 أسير اسرائيلي, كان المكسب الأكبر لإسرائيل هو تحييد أكبر قوة إقليمية وإخلاء سيناء بأكملها من السلاح وهو ما يمكنها من اجتياحها في أقل من يوم بالمعايير العسكرية والتخلص من هذا الإزعاج لفترة ليست بالقصيرة ومن ثمَّ التفرغ لتقسيم الدول الأخري المجاورة وعلي رأسها العراق التي كانت اسرائيل توليها اهمية كبيرة وقتها وحتي 2003 بل وتري ان الالتفات لتقسيمها أكثر أهمية من تقسيم سوريا كما تقول نفس الدراسة السابق الاشارة اليها.

وقد يردد البعض أن السلاح الامريكي خسر في المعركة أمام السلاح السوفييتي الذي استعمله الجيش المصري بمهارة, ولهؤلاء اقدم كامل اعتذاري لاصدمهم بحقيقة أنه ربما كان هذا صحيحاً في أول أيام الحرب ولكن السلاح الأمريكي انتصر فعلياً بحسابات الخسائر على السلاح الروسي وتكفيك نظرة سريعة علي أرقام الخسائر في الدبابات والطائرات, حيث خسرت اسرائيل 1063 دبابة بينما خسرت مصر 2250 دبابة وخسرت اسرائيل 102 طائرة كانت تتساقط كالذباب كما حاول الإعلام المصري اقناعك مقابل 555 طائرة مصرية, واذا كانت اسرائيل قد خسرت الفي قتيل فمصر قدمت في هذه الحرب 20 آلاف شهيد, وقد اعتادت اسرائيل هذا النوع من المقامرة عبر تاريخها القصير فنجد الوكالة اليهودية تقدم الشيوخ والعجائز لقوات العاصفة الالمانية لاعدامهم في معسكرات العمل الالمانية مقابل السماح بتهريب الشباب والأطفال إلى فلسطين في الحرب العالمية الثانية, ان شعوبنا في الواقع هي مجرد قطع شطرنج يلهو بها لاعبون مهرة مختبئين هناك خلف الأطلنطي يعاونهم في ذلك مجموعة من الوكلاء يتم انتقاءهم بدقة شديدة وبحسابات لا تخضع للخلل ولا تقبل الخطأ.

نعم عزيزي القاريء المصدوم كما فهمت تماماً حرب اكتوبر كانت خدعة للشعب المصري وحتي للشارع الاسرائيلي, فنحن بالنسبة لهم فئران تجارب ونحن في الواقع لم نخرج من هذه المتاهة المتشابكة التي صممتها لنا تلك الأيدي الشريرة. هذه هي الحقيقة بكل مرارتها شاءت كرامتك الوطنية وقناعاتك الإعلامية أم أبت.