الأستيطان من الأندلس الى حلب !

 

تتباين أشكال الاحتلال وتختلف أهدافه بأختلاف المكان والزمان ، لكن تظل البدعة القشتالية فى الأندلس ، هي أسواء أشكال الاحتلال !

ذلك لأن القشتاليين أبتدعوا ما عرف بعدها بأحتلال الأستيطان ،وقد سلك اليهود فى فلسطين مسلك القشتاليين ، فقاموا منذ أحتلالهم فلسطين بتبني منهج احتلال الأستيطان ، والذى يعني احتلال الشعوب لبعضها وليس احتلال جيش لشعب !

بما يعنى أن القشتاليين ومن بعدهم ممن سلك دربهم ، لم يأتوا ليحتلوا البلدان ويأخذوا ثرواتها ثم يرحلوا بعد حين ، إنما أتوا بشعوب كاملة ” نساء وأطفال ورجال ” وأستوطنوا تلك الديار بعد إفراغها من شعوبها الأصلية ، وذلك ربما يفسر الرفض الدائم للكيان الصهيوني لمبدأ عودة اللأجئين الي أرضهم وذلك حتي يحافظ الكيان على التركيبة السكانية التى فرضها على الأراضي الفلسطينية ، وجعل منها أغلبية فى دولة لم تكن يوما دولتهم.
ويرجع الفضل فى هذه السياسة للقشتاليين ، الذين أبتدعوها حينما أفرغوا الأندلس من اهلها ، ونفوهم الي الشمال الافريقي سنة 1609 م بعد اكثر من مأئة عام من سقوط غرناطة ، وبعد فشل ديوان محاكم التحقيق ” محاكم التفتيش ” الرهيب فى تحويل مسلمى الأندلس الى كاثوليك ومن ثم أستوطنوا تلك الديار وحلوا محل اهلها.

ولقد ورد فى كتاب المؤرخ المصري محمد عبدالله عنان فى موسوعتة التاريخية المسماة ” دولة الاسلام فى الأندلس ” حينما تحدث عن سقوط أشبيلية فى العام 1246 م ، أن الملك القشتالي فرناندو الثالث ، أشترط على قادة اشبيلية وقتها ، أن يفرغوا المدينة من كل اهلها ، وكان هذا الشرط اهم شروطه لقبول أستسلامهم ، وبالفعل تم الاستسلام والتهجير ، واستوطن القشتاليون اشبيلية ، وجعلوها عاصمتهم الجديدة بدلا عن طليطلة.
وقد نقل القشتاليون سياستهم تلك الى الاراضي الجديدة ، فبعد وصول كريستوفر كولومبوس الى العالم الجديد فى سنة 1492م ، وجد بها أقواما وحضارة قائمة ، وجد بها الهنود الحمر ، الذين كانوا قد وصلوا الى تلك الديار مبكرا وقبل وصول كولومبوس بقرون. فما كان من كولومبوس ومن جاء بعده الا انتهاج السياسة القشتالية القديمة ، من افراغ البلاد المحتلة من أهلها ، فأشعل جحيم الحرب فى وجه الهنود الحمر ، حتى افني معظمهم مستغلا بساطتهم وعدم حملهم للسلاح فضلا عن جيش منظم ، ولقد أستمرت تلك الحروب التى قادها القشتاليون والأنجليز والهولنديين والبرتغاليين قرونا طويلة ، أنتهت بقيام الولايات المتحدة الأمريكية ، التى تتغني حاليا بالديموقراطية بينما تاريخها قائم على عنصرية لن يغفرها التاريخ.
والآن وبعد قرون من طرد المسلمين من الأندلس ، وبعد قرونا من قيام الولايات المتحدة الأمريكية ، وبعد عقودا من قيام ما يعرف حاليا بدولة اسرائيل ، جاء بشّار الأسد رئيس النظام السوري ، وأراد أن ينتهج نفس السياسة القشتالية ، ولكن فى حلب ومعها المدن التى نجح في اسقاطها حديثا من يد الثوّار، فقام ويقوم بتهجير سكّان حلب وأخواتها ، على أمل أن تتغير التركيبة السكانية للبلاد ، وتصير البلاد مؤيده له ولأسرته من بعده ، ولن يفرق وقتها إن كان من سيسكن تلك المدن ، روس او ايرانيين ، ماداموا موالين له ، مؤيدين لسياسته منادين بحياته وحكمه.
على أننا لا نساوي فلسطين بالأندلس ، اذ أن فلسطين مازالت تنبض بالحياة ولمّ تنتهى بعد ولن تنتهى .

 

منقول من  صفحة المسلمون في الاندلس