الذهب الأخضر!!


مندور يصرخ بلا انقطاع

العمال يفرون من أمامه وزوجته تحاول تهدئته بلا جدوى

أنت أيها الأعمى احترس أنت تدوس الملوخية بقدمك !!

كتلة من الصراخ والهيستريا

شعر بالحاجة للراحة فعاد نحو كوخه المصنوع من بقايا صاج سيارات قديمة

ذلك الكوخ الذي وُلد فيه صبيحة حفل التنمية الشاملة

مندور سوف يصبح أغنى أغنياء البلد الجديدة

تذكر كيف بدأ الأمر في عهد جده فرغلي

فرغلي كان حويطاً واستطاع الاحتفاظ ببذور ملوخية قبل جفاف النيل في مصر وانهيار الزراعة

مرت سنوات من الفوضى والاختباء في شبكات المجاري والحرب الأهلية على أماكن الأنقاض التي تصلح لإقامة مستعمرات وعلى بركة مياه الصرف الصحي

ولكن جده فرغلي لم ينس حلمه

بعد سنوات الحرب الأولى تفرغ فرغلي لصناعة مرشح لري بذور الملوخية بمياه المجاري

كان يجري تجاربه في سرية حتى نجح في نهاية الأمر وانتج أول نبات ملوخية مستزرع بمياه المجاري

مجهودات جده فرغلي ووالده دقشوم لم تذهب سدى

مندور الآن يمتلك قيراطاً مزروعاً بالملوخية وعدد من عربات الكارو من طراز الوحش المصري المطور من الجيل الثالث لنقل المحصول للمستعمرات القريبة في شبكة الصرف الصحي القديمة

مندور الآن هو رائد الملوخية

الذهب الأخضر لعصر ما بعد جفاف النيل

لم يستطع مندور النوم .. أخذ يفكر في آلية التسويق

سيطلق رجاله مرتدين خيش جيد الصنع يحملون حزماً من الملوخية ليقفوا فوق عربات الكارو

ويقومون بتجربة إعداد الملوخية مع لحوم الحمير النافقة التي يعثرون عليها في المصارف

في البداية سيوزعون بعض الوجبات بالمجان على أهالي مستعمرة شبكة الصرف ثم يبدأون بعدها في مقايضة ورق الملوخية بالسلع المحلية لسكان المصارف

سيصبح أغنى أغنياء العصر الجديد وستمتد تجارة الذهب الأخضر من أطراف البرك القديمة التي كانت تعرف بالنيل حتى البحر الكبير في الشمال

وسينتقل إلى مصرف صحي أكبر حجما يقيم فيه مع أم فرغلي والعيال

وصلت أفكاره إلى هذا الحد فردد هامساً تحيا ماسر تحيا ماسر تحيا ماسر

#آيات_عرابي