كبش فداء !! بقلم | آيات عرابي

لا اتفق كثيراً مع الطرح الذي يقول أن تعيين وزير داخلية جديد للانقلاب من داخل أمن الدولة قد يعني المزيد من القمع والعنف في مواجهة الثورة, فوزير داخلية الانقلاب المقال لم يترك جريمة همجية أو انتهاكاً وحشياً إلا وارتكبه ولم يترك لسلفه انتهاكا جديدا يمكنه أن يبدع فيه ويظهر قدراته الاجرامية, فما الاسوأ من فقء عين أو قطع لسان أو انتهاك جنسي أو تعذيب حتى الموت في الأقسام يتم أصلاً على يد قطاع طرق ينتمون للتشكيل العصابي المعروف بإسم أمن الدولة, كما حدث للشهيد كريم في قسم المطرية ؟ لم يكن قاطع الطريق المقال ينتمي لأمن الدولة بل وكان محط سخرية ضباطه ومع ذلك ارتكب من الفظائع ما يقترب من جرائم المغول في بغداد.

ما يستحق التوقف عنده في هذه الإقالة من وجهة نظري هو توقيتها, والذي جاء في وقت من المفترض فيه أن يتظاهر الانقلاب أمام العالم بشيىء من الاستقرار قبل مؤتمرهم الاقتصادي الذي ينوون فيه بيع مصر بالقطعة في نهاية هذا الشهر, وهو ما ينفي الرواية الرسمية التي نشرتها احدى الصحف الموالية للانقلاب والتي تحدثت عن أن المسؤولية عن مجزرة الدفاع الجوي وعن مقتل شيماء الصباغ كان على رأس الاسباب التي اقيل بسببها.

التوقيت ربما يدل على أن هناك محاولة من جانب مجرم الانقلاب لغسل يده من المجازر البشعة التي ارتكبها مع شريكه قاطع الطريق, خلال الفترة السابقة.

وهو ما يشي بأن المرحلة قبل الأخيرة من الانقلاب قد بدأت وبدأ يأكل اقرب المقربين إليه, وربما كانت الطريقة المهينة التي اقيل بها ذلك القاتل دليلاً آخراً على تأفف شريكه منه ورغبته في التخلص منه بسرعة حيث كان يلقي كلمة في احتفال لداخلية الانقلاب وسط ضباطه وعلموا خبر عزله خلال القاءه لكلمته.

فهو في النهاية مجرد كبش فداء يتم التضحية به حين يضيق الخناق على شريكه الآخر. جائت اقالته على ذلك النحو المتعجل بطريقة تشير إلى أنه اصبح عبئاً على الانقلاب ككل وأن التخلص منه ربما كان نتيجة لإملاءات غربية في الغالب, وهو ما يحدث عادة مع خيل الحكومة حين تستنفذ الغرض منها وهو نفس ما سيحدث مع شريكه الآخر التعس قزم الانقلاب, مع الوقت ان شاء الله.

حين يستدير مجرم ليطعن شركاءه المجرمين, فاعلم أنه يحاول الدفاع عن وجوده ذاته, ووزير داخلية الانقلاب لم يكن مجرماً عادياً, بل شارك في مجازر رابعة والنهضة ورمسيس وغيرها من المجازر وكان يتحرك بمنتهى الحرية ويطلق التصريحات المتبجحة, وهو الصندوق الاسود للانقلاب, والتخلص منه بتلك الطريقة المخزية وقبل مؤتمرهم الاقتصادي, فلا يعني ذلك الا أن الأزمة التي تعصف بالانقلاب من الداخل أكبر حتى من تقديراتنا.

وخلال ما يزيد عن عام ونصف هي عمر ذلك الانقلاب المشوه, تراكمت لدى المعسكر المعارض للانقلاب خبرة معقولة في تحليل قرارات تلك العصابة وارتفعت درجات الوعي إلى مستويات غير مسبوقة, فلم يلق الكثيرون بالاً إلى الطريقة المباركية التي تم بها تعيين وزير داخلية من داخل أمن الدولة وادرك الجميع تقريباً أن ذلك التعيين قُصِدَ منه فقط, الإيحاء بأن الانقلاب ثابت وأن تغيير الوجوه لا يتعلق بالمجرم المعزول بل بضرورات جديدة تحتاج إلى وزير من أمن الدولة. ولا استبعد ما ذهب إليه كثيرون من أن قزم الانقلاب قد يحاول التخلص من شريكه السابق باغتياله لدفن أسرار المجازر التي اشتركا في ارتكابها, ففي قصة ريا وسكينة ( والتي اعتبرها المرجع الأهم لفهم نفسيات وقرارات تلك العصابة ), تشاجر افراد العصابة عند القبض عليهم وتبادلوا الاتهامات, وحاول كل منهم تخليص نفسه من حبل المشنقة على حساب زميله, وهو نفس ما اتوقع أن يحدث في الفترة القادمة, فاتوقع أن يتم التضحية بالمزيد من كباش الانقلاب, خلال محاولات القزم لحماية نفسه.