هكذا صنعت بلدة صغيرة في مقدونيا الرأي العام الأمريكي؟

 

 

بثت القناة الرابعة بالتليفزيون البريطاني في نشرتها الإخبارية، مساء أمس الخميس، تقريرا حول دور الأخبار المفبركة في التأثير في الرأي العام الأمريكي في أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة.

وكانت بعض هذه الأكاذيب التي بثت عبر موقع الفيسبوك وبعض مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى انتشرت انتشار النار في الهشيم، وثبت أنها فعلا شكلت بعض قناعات الناخبين لصالح دونالد ترامب الذي فاز في نهاية المطاف بالرئاسة.

ومن هذه الأكاذيب الادعاء بأن بابا الفاتيكان أعلن تأييده لدونالد ترامب، ومنها أن شرطة مدينة نيويورك أصدرت مذكرة للقبض على هيلاري كلينتون بتهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال، وأن هيلاري كلينتون باعت أسلحة لتنظيم الدولة، ومنها أن ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ليست أنثى وإنما ذكر.

وكانت مفاجأة التقرير الكشف عن أن مصدر كثير من هذه القصص المكذوبة، بلدة صغيرة في وسط مقدونيا اسمها فاليز، حيث يعمل ما يقرب من مائتي شخص في إنشاء مواقع على الإنترنت شغلها الشاغل إنتاج الأخبار المفبركة أو القصص المكذوبة، وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليتلقفها الجمهور الأمريكي.

وكانت فاليز في الماضي تشتهر بصناعاتها الثقيلة، أما الآن فقد بات الشباب فيها يعملون في مجال صناعة الأكاذيب.

وبحسب تقرير القناة الرابعة، تم التعرف على ما يزيد عن مائة موقع إنترنت أنشئت داخل هذه البلدة، وكل ما تقوم به هو قذف الجمهور الأمريكي بالأخبار الكاذبة، وتوفير فرص عمل مغرية للمراهقين والمراهقات، ووصل الحال ببعضهم أن أثرى من عمله هذا ثراء فاحشا.

وإمعانا في تضليل الجمهور تتخذ المواقع لنفسها أسماء لا يرقى إلى شك المتصفح لها أنها أمريكية، ومن هذه الأسماء: USA NWSFLASH، USA ONLINE POLITICS.

كما كشف تقرير القناة الرابعة أيضا أن بعض القائمين على هذه المواقع لا تتجاوز أعمارهم السابعة عشرة، مثل فيليب ماليزانوف الذي نشر أكذوبة مفادها أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) وجه تهما لهيلاري كلينتون.

وإن كان الأمر يبدو غريبا خارج البلدة، فإن أهلها لا يرون غرابة فيما يجري، إذ يعتبرون أن أبناءهم توصلوا ببساطة إلى وسيلة سهلة لكسب العيش بل وللإثراء، وطالما أن الجمهور الأمريكي يتقبل ما تبثه هذه المواقع من إشاعات وأكاذيب، فلا بأس في أن يكون ذلك مصدرا من مصادر الدخل لمن يحسن استغلاله، وخاصة أن أهل البلدة يغلب عليهم الإعجاب بدونالد ترامب، لدرجة اعتباره بطلا وقدوة تحتذى.

ويكشف التقرير عن أن مواقع صناعة الكذب في بلدة فاليز مسجلة في موقع الفيسبوك على أنها مؤسسات إخبارية، وبعضها يزيد عدد المتابعين لها عن نصف مليون شخص، وأحد المراهقين القائمين على واحد من هذه المواقع اسمه فيكتور، وموقعه اسمه 24 TOTAL NEWS TODAY ولا يتجاوز عمره السادسة عشرة.

بعد أن يعترف فيكتور لمراسل القناة بأن هدفه من هذا العمل هو جني المال، يفسر نجاحه بتعطش كثير من الأمريكان لأي أخبار عن دونالد ترامب، وهو بدوره يشبع لديهم هذا الفضول بما يؤلفه من قصص وما يشيعه من أكاذيب.