هل صليت على النبي ؟

 

المشكلة الحقيقية التي تواجه الانقلاب هي نفس الإعلام الذي اعتمد عليه للقيام بالانقلاب وتحريض قطاعات من الشعب على الاحتجاج ضد الرئيس مرسي، كان ورقة استنفدت غرضها، ولم يعد أحد يصدق الأسماء التي ما تزال تسب الإخوان المسلمين على الشاشات، فقاعات الإعلام فقدت جمهورها الذي بنته عبر سنتين تقريبا، لا أحد يصدق الإعلام ولا القضاء وحتى مشهد عزوف الناخبين, عن الذهاب لانتخابات العسكر كان يشي بأن القاعدة الشعبية التي كونها عند بداية الانقلاب قد تآكلت ولم يعد أمامهم سوى الاعتماد على المستأجرين الذين يملأون بهم ميدان التحرير.

الإعلام البديل والقنوات التي تمثل صوت الثورة أصبحت صاحبة اليد العليا في مصر الآن, وأصبح إعلام الانقلاب عاجزاً عن اقناع المصريين بما يريد الانقلاب وعصابته اقناعهم به، وهذا يزيد بالطبع من حجم القطاعات الرافضة للانقلاب وقياداته ويقصر عمر الانقلاب، وبالتالي لجأ الكثيرون إلى الإعلام البديل والقنوات الأخرى المعبرة عن الثورة، بل إن المظاهرات نفسها مارست دور الإعلام حتى الآن لمدة عشرة أشهر اقتنع فيها كثير من المصريين بضخامة حجم المعارضة في الشارع.

وكانت كتابة الهاشتاج الشهير الذي يستهدف شخص قزم الانقلاب على جدران مصر والهتاف به في المظاهرات نوعاً من الإعلام والتعبير عن الرفض والرغبة في التنكيل تجاوزت حتى مجرد سقف المعارضة، وفي ظل كل هذه الظروف يحتاج قزم الانقلاب بعد تزوير مسرحية انتخابات رئاسة العسكر إلى سداد الفواتير لرموز الحزب الوطني المنحل وإلى استرضاء العسكريين بإصدار قوانين تزيد معاشاتهم، وغير ذلك من القرارات التي قد تصب مزيداً من الوقود على النار المشتعلة في الشارع أصلاً.

وفي مثل تلك الحالات التي تعاني فيها النظم من أزمات تخشى أن تعصف بها أو تود تمرير قرارات دون إثارة موجات من الاحتجاج، تلجأ النظم القمعية إلى إثارة أزمة لتلفت أنظار الشعوب إلى مشاكل أخرى وتورطها في حوار مجتمعي، حتى تمرر قراراتها التي تكون في أغلب الأحوال كوارث مالية وسرقات أو إضرار بأراضي الدولة .. الخ.
 
وعند ظهور الهاشتاج الشهير توقعت أن تنفجر فضائح جنسية بحيث تصبح محور الأحاديث العامة والخاصة لإلهاء الشعب عن تلك الظاهرة الجديدة التي انتجها الشباب وضربت دعاية الانقلاب في مقتل، وكتبت توقعي هذا، وبالفعل انفجرت فضيحة جنسية لمدرب كاراتيه في المحلة الكبرى تم تصويره في أوضاع شائنة مع زوجات قضاة وضباط شرطة وكل هذا لأن الأنظمة لا تسقط إلا بالإهانة.

 وكان الانتشار الكارثي (بالنسبة لهم) لهذا الهاشتاج دافعا لهم لإثارة فضيحة جنسية حتى لو كانت تتعلق بتلك الدائرة المتعاونة معهم وتقدح في شرفها وأعني القضاة وضباط الشرطة، وكانت هذه التضحية تعني أن تأثير الإهانة كان أكبر من أن يحتمله نظام العسكر، ثم ما لبثوا أن دفعوا بمفتيهم، برهامي لإصدار فتوى عن إباحة الهرب عندما تغتصب الزوجة، وهذا أيضا مؤشر على أنهم يضحون بأحد الأعمدة التي اعتمد عليها الانقلاب وهو حزب النور لإضفاء صبغة دينية على الانقلاب توحي بوجود قواعد شعبية له بين السلفيين.

وكنت سأعتبر إزالة ملصق (هل صليت على النبي) مجرد ((هيافة)) من قزم لم يأت برؤية سوى ركوب العجلة والاستيقاظ الساعة السابعة صباحاً لولا أنني رصدت عددا غير قليل من قنوات إعلام الانقلاب تتحدث عن نفس الموضوع، وما يفعله الانقلاب في الحقيقة هو خلق أزمة ملصق (هل صليت على النبي) للفت النظر عن أزمات أخرى، ولكنهم وضعوا أنفسهم في صدام مع مجتمع 95% منه مسلمون يعشقون النبي عليه الصلاة والسلام ويعتبرون ما تقوم به إدارة الانقلاب تعدياً على الدين وعلى الهوية وهو كذلك بالفعل.

وحتى إن كانت إدارة الانقلاب نجحت مؤقتاً في تمرير قانون هنا أو تشكيل وزاري هناك، فهم قد أظهروا لمن لم يفق من غفوته بعد حقيقة أن هذا الانقلاب جاء ليعتدي على كل ما هو مقدس لدى المصريين وأن التظاهر ضده وخلعه وإعدام قادته ليس فقط عملاً وطنياً بل هو كذلك طاعة لله عز وجل. 

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.