ياسين أقطاي (مستشار الرئيس أردوغان) يقول أن تركيا تدير شؤون 10 ملايين سوري

ياسين أقطاي (مستشار الرئيس أردوغان) يقول أن تركيا تدير شؤون 10 ملايين سوري

وهذا خلط للأوراق بغض النظر عن الدعاية الإعلامية والبروباجاندا الدعائية المرسومة للرئيس أردوغان وأنا هنا لا تهمني الدعاية قدر ما يهمني عرض الحقائق

ولذلك لابد أن نناقش هذا الكلام بعقلانية

بداية وبعيداً عن كلام ياسين أقطاي بأن تركيا ترعى اللاجئين السوريين لابد من أن تفهم سيادتك طبيعة وحقيقة الدور التركي فيما حدث في سوريا وكيف أن تركيا لعبت دور رجل الإطفاء للقضاء تماما على (الثورة السورية) والفصائل المقاتلة والمناهضة لبشار بسبب طبيعة الحملة الدعائية التي سبقت تدخل أردوغان في الملف السوري

وكلامي سوف يترك إجابة وافية للبعض ممن يسأل عن سبب هجومي على أردوغان بل وأتهمه أنه أحد موظفي النظام العالمي على الرغم من أن رؤيتي هذه عكس ما يراه الآخرون المتأثرين بأساليب الدعاية

فالدور التركي في الثورة السورية كان أحد أهم اللاعبين الدوليين بل وهو أهمهم على الاطلاق, بل أن أهمية الدور التركي للحفاظ على نظام بشار (الذي لا يزال قائما ويبدو أنه ينمو ) يفوق بكثير حجم الدور الروسي في سوريا

وكما كتبت عن دور أولاد سعود في الملف السوري وقلت في أكثر من مناسبة أن تدخل أولاد سعود في الثورة السورية هو في الحقيقة للحفاظ على نظام بشار وتحدثت حتى عن موضوع حرق قنصلية أولاد سعود في ايران منذ عدة أعوام وقلت ان هذه اللعبة كان هدفها اعادة تقديم اولاد سعود للداخل السوري حتى تلعب دوراً أكبر في الملف السوري,كتبت أيضا عدة مقالات وضحت فيها الدور التركي الذي جاء لحماية بشار كما قلت وللقضاء على البقية الباقية من المعارضين لبشار

كلامي عن دور تركيا هو عكس ما يروجه اغلب الكتاب والاعلاميين والصحفيين الذين يشيرون للدور التركي كما لو كان دوراً ايجابياً والحقيقة غير ذلك تماما فلم يضر بالثورة السورية قدر ما اضر بها الدور التركي.

وحين أتحدث عن الدور التركي, فأنا هنا أتحدث عن دور الحكومة التركية وعلى رأسها الرئيس اردوغان ولا أعني بطبيعة الحال, مسلمي تركيا, فمسلمو تركيا هم أهلنا تماما كأهلنا في سوريا وكأهلنا المسلمين في كل بلد مسلم ولا ينسى المسلمون لمسلمي تركي الدور الذي لعبوه خلال أربعة قرون كانوا فيها درعاً للإسلام حتى أسقطت المؤامرات, الخلافة العثمانية.

ونعود للحكومة التركية ودورها في الملف السوري (المقالات عن الدور التركي سأضعها في التعليقات),,

ما كان لتركيا أن تلعب هذا الدور المؤثر الذي ادى في نهاية الأمر إلى تجميد الملف السوري والحفاظ على نظام بشار وحصول الأكراد على حكم فيدرالي مستقل, إلا بسبب الغموض الذي احاط بتوجهات تركيا

ولا شك ان أردوغان استطاع بتصريحاته النارية(التي تعجب الغوغاء) في الشأن السوري أن يحصد شعبية كبيرة لدى العرب مكنته من لعب هذا الدور الخطير. وكلنا يذكر تحذيراته حين قال في بداية المجازر التي ارتكبها بشار ونظامه, أنه لن يسمح بحماة أخرى وكانت النتيجة أنه كانت هناك مئات المجازر اليومية وتم ذبح مسلمي سوريا في مجازر فاقت في وحشيتها مجازر المغول حتى تعدى عدد الشهداء السوريين المليون شهيد حسب بعض التقديرات غير الرسمية.

كانت هذه التصريحات العنترية غلاف الشعبية الذي احاط به اردوغان نفسه وهو ما مكنه من فرض الوصاية على (فصائل المـ قـ اومـ ة) السورية وتفريغها من مضمونها ثم تهدئة كل النقاط المشتعلة ضد نظام بشار فيما عُرف باسم اتفاق استانا 2017 والذي تم برعاية روسية ايرانية تركية.

وكان هذا الإتفاق بمثابة تجميد للثورة السورية مما مكن النظام السوري من ان يلتقط انفاسه بعد ان اوقفت استانا انهياره المتسارع. ليبدأ في تصفية بؤر الثورة السورية وقد انفرد بكل منها على حدة ولم تمض سنة على اتفاق استانا حتى سقطت درعا مهد الثورة السورية في يد نظام بشار بعد 7 سنوات من الثورة.

وبعد سقوط درعا بشهور قليلة عادت الحكومة التركية لتتدخل من جديد وتقدم طوق النجاة للنظام السوري باتفاق ادلب (سوتشي) الذي وفر على عصابات بشار وعلى روسيا وعلى ايران الحرب في أخر جبهات الثورة السورية وسلمت رقاب 3 ملايين مسلم لنظام بشار برعاية روسية تركية لتبدأ في ادلب نفس سلسلة الأحداث التي أدت لسقوط درعا قبلها بشهور.

وما حدث في إدلب منذ اتفاقية سوتشي الأولى وملحقها يؤكد ما حذرت منه ويؤكد ان التدخل التركي كان بهدف حماية نظام بشار ولكنه مغلف بقشرة خادعة اسمها حماية السوريين

نأتي لموضوع اللاجئين الذي يتحدث عنهم مستشار الرئيس أردوغان

بداية موضوع اخلاء سوريا من السكان كان هدفا من اهداف المرحلة السابقة في سوريا لإعادة توزيع الخريطة السكانية بما يخدم مصالح إسرائيل وللتقسيم الفيدرالي الذي سيحدث مستقبلاً (الخطوط العامة لبرنامج اخلاء سوريا من السكان واقامة عدة دويلات جديدة (أو حكم فيدرالي مستقل لكل منطقة) موجود في دراسة استراتيجية اسرائيل في الثمانينات وفي حدود الدم)

وهي لعبة شاركت فيها السعودية وقطر وتركيا والاردن بتدريب وتمويل الجيش الحر (تحت اشراف المخابرات الامريكية) لضرب جيش بشار من اجل تهجير المناطق ذات الكثافة السكانية السنية العالية (ولذلك كان طيران النظام السوري المجرم يتعمد قصف المناطق السكنية) وشاركت فيها ايران وحزب اللات ثم الامارات فيما بعد بتمويل التدخل الروسي لاستعادة المناطق المحررة وبغطاء سياسي من اردوغان الذي ضغط هو وحكومته ومخابراته على الفصائل السورية لخفض التصعيد

اخلاء سوريا من السكان (مع الحفاظ على نظام السفاح بشار) كان جزءا من دور تركيا الموكل لأردوغان كأحد مهندسي مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي سلمه إياه جورج بوش الابن في عام 2004 وكان أيضا جزءاً من دور حزب اللات الموكل اليه من قبل ذلك (ولذلك تم تقديم حزب اللات للجمهور العربي عن طريق تمثيلية حرب تموز 2006 وتم تقديم أردوغان للجمهور العربي المنكوب عبر تمثيلية مرمرة في 2009 ومن بعدها تمثيلية التلاسن بينه وبين بيريز في دافوس رغم انهما كانا يقرعان الكؤوس قبلها في انقرة وبعد عدوان اسرائيلي على غزة ! )

هذه هي حدود الدم التي حدثتكم عنها مراراً والتي نحصد نتائجها الآن

واردوغان مسؤول عن القطاع الشمالي من مشروع صفقة القرن (او مشروع الشرق الاوسط الكبير) واستقرار هؤلاء اللاجئين في تركيا الذين يتحدث عنهم وزير خارجية تركيا وأيضا مستشار الرئيس أردوغان هو أصلا جزء من استراتيجية اسرائيل في الثمانينات والتسعينات وملحقاتها وصولا إلى صفقة القرن وذلك بهدف تأمين الحدود الجديدة لإسرائيل

ولمن لا يعلم فتركيا أثارت مسألة اللاجئين السوريين قبل ان يطأ أرضها لاجيء سوري واحد في 2011

وقبل تدفق اللاجئين السوريين على تركيا كان هناك معسكر لاجئين جاهز لاستقبالهم وفق تصريحات عبد الله جول في 3 مايو 2011 والذي قال ان الاجراءات كانت جاهزة

وقد يرجع البعض هذا الى كرم الحكومة التركية وكرم الرئيس اردوغان وحسه الاسلامي كما يريد مستشاره أن يقول ضمن رسالته ولكن الحقيقة ان أردوغان تلقى ثمن استضافة كل لاجيء سوري على ارض تركيا من الاتحاد الأوروبي (أكثر من 6 مليار يورو ) حسب اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا عام 2016 للحد من تدفق المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي ومنذ حوالي شهرين ونصف وافق الاتحاد الأوروبي على إقرار مساعدات إضافية بنحو 600 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة وحصلت تركيا على 485 مليون يورو لضمان استمرار المساعدات الإنسانية العاجلة للاجئين بها

فلا أعلم عن أي كفالة يتحدث عنها السيد ياسين أقطاي مستشار الرئيس أردوغان ووزير خارجيته وتركيا تستخدم اللاجئين السوريين كورقة ضغط ضد الاتحاد الأوروبي وفي كل مشكلة تهدد تركيا بفتح الحدود أمام اللاجئين لأوروبا

أعتقد أن حقيقة الموقف التركي في سوريا سينكشف قريبا للجميع وسيكتشف الجميع أن دور أردوغان كان لتثبيت المجرم بشار ولم يلعب قط لصالح الثورة السورية

#آيات_عرابي