إعلام ميت !!

 

 
حالة من العزلة الشديدة حرص النظام على فرضها على الشعب المصري منذ انقلاب 1952, عبر اجهزة اعلام لا هم لها سوى تغييب عقله, وهو حصار نفسي وعقلي اشبه بما فعله انور خوجة في البانيا, حين عزل الشعب الالباني عن العالم, 41 سنة هي مدة حكمه, وأوهمه بأن البانيا مستهدفة وبدأ في بناء دشم اسمنتية للدفاع عن البانيا ضد هجمات وهمية, حتى بلغ عدد تلك الدشم 700 الف دشمة.

والواضح أن حالة العزلة النفسية والفكرية تلك, كانت احد أهم اهداف نظام العسكر منذ انقلاب 52, والنتائج على الأرض قبل 25 يناير 2011, تكشف نجاح العسكر في تحقيق هدفهم.

وخلال ستين عاماً نجح الإعلام في تسويق عدة أساطير إعلامية وبيعها للشعب المصري, واصبح المواطن العادي يصدق تلك الاساطير كما لو كانت من حقائق الكون دون تحقق أو بحث, حتى وإن تعارضت مع صريح النص القرآني الذي تؤمن به أغلبية المصريين, فالفراعنة هم أول الموحدين, واخناتون الذي عبد قرص الشمس وقام بتسويق صنم جديد هو أول موحد في البشرية, والفراعنة هم من علموا البشر التوحيد.

على الرغم من تعارض كل هذا مع النص القرآني.

وهتلر الذي ادعوا أنه قال لو أن لديّ جنوداً مصريين وسلاحاً المانياً, لغزوت العالم, وهو ما لم يقله هتلر بالطبع والذي قام فكره النازي العنصري على اعتبار الجنس الآري ارقى الأجناس البشرية.*
بل ونسبوا للنبي عليه الصلاة والسلام حديثاً باطلاً يقول فيه أن المصريين هم خير أجناد الأرض, والهدف الواضح من تلك الدعايات هو قطع صلة المصريين عن تاريخهم الإسلامي, ثم فصلهم عن محيطهم العربي في مرحلة لاحقة, وتحليل ما ارتكبه عبد الناصر من جرائم في حق المسلمين في اكثر من مناسبة, يكشف أن الأمر كان مقصوداً وأن الهدف كان الإسلام نفسه, فقد ساند عبد الناصر, جرائم جوليوس نيريري في زنجبار, وساند جرائم الهند في كشمير وجرائم مكاريوس في قبرص ضد المسلمين الاتراك بل وامدهم بالسلاح, وهي أمور ثابتة تاريخياً, وغيرها من المناسبات التي كان يتخذ فيها دائماً الجانب المعادي للمسلمين.

وكان لابد من تقديم عدد من الانجازات لالهاء الشعب, وكان الإعلام في ذلك هو رأس الحربة التي عملت على تغييب الوعي, وضخ أكاذيب مثل سفينة الفضاء المصرية, وصواريخ الظافر والقاهر ومجانية التعليم .. الخ

كان برنامجاً كاملا لتغييب الشعب و فصله عن جذوره يسانده برنامج آخر لصناعة النجم كما تفعل هوليود بدءاً من التقاط صور عبد الناصر من زوايا توحي بالقوة و الشعبية, و انتهاءاً بأغاني عبد الحليم حافظ و ام كلثوم و التي كانت تكرس (( صنمية )) الزعيم.

وهي نفس ما حاول الانقلاب تطبيقه في 2013, وهو ما فشل لأسباب كثيرة من بينها رداءة قائد الانقلاب, فقوبلت كل محاولات تلميعه بالسخرية الشديدة واصبح مثار النكت المتداولة بين المصريين, بالإضافة إلى عامل آخر مهم وهو ( الضمور الدماغي ) الذي اصاب المنظومة الإعلامية نفسها, فلم تعد هي نفس المنظومة التي كان يحتكرها عبد الناصر ولم يعد الإعلام قاصراً فقط على القنوات والصحف, بل ان الإعلام البديل صنع جزءاً كبيراً من الوعي في السنوات الماضية.

ترهل الإعلام و تغيير التركيبة المزاجية للمصريين, تسببت في كشف محاولات العسكر لتقديم انجاز, مثل العلاج بالكفتة و المليون وحدة سكنية, و ترعة قناة السويس ثم العاصمة الوهمية الجديدة, و ساهم في هذا انشغال عصابة الانقلاب في جمع ( الرز ( و الصمود الأسطوري للثوار في الشوارع يومياً علي مدار ما يزيد عن سنة و نصف.

الانقلاب يلعب بأدوات الخمسينات في القرن الحادي والعشرين, وفشلت كل مراحله الإعلامية الأولى, والفشل هذه المرة سيطيح ان شاء الله بنظام العسكر بكل أركانه, والمسألة فقط مسألة وقت.
https://twitter.com/ayaa00

ayat_oraby@yahoo.com