بعد كل اقتحام للمسجد الأقصى كانت جامعة الجثث العربية تدق طبول الإجتماعات و تصاب بحالة من الحنجورية الإعلامية و تطلق بيان تنديد ليكون مثاراً للسخرية الشعبية.
اقتحام المسجد الأقصى و مهاجمة المرابطين للدفاع عنه هذه المرة جاء بعد أن أفتتحت عصابات الإنقلاب في مصر سفارة الكيان الصهيوني بمراسم استفزازية في الذكرى الرابعة لاقتحام السفارة في عام الثورة, كما لو كانت العصابة تُخرج لسانها للجميع.
عاد المشهد أسوأ مما كان في عهد المخلوع, فلم تعد هناك حتى حاجة لاجتماع الجثث العربية ولا لبيان تنديد فلكلوري يصدر عن اجتماع الطراطير العرب و لم تعد هناك حاجة للتنديد الرسمي وحماس تُلعن وغزة تسب وفلسطين تهان كل لحظة في الإعلام المصرائيلي.
و ذراً لبعض الرماد في العيون و حفاظاً على ماء الوجه أمام ما تبقى من نبض في جثة الشعوب العربية الهامدة, اتحفتنا وسائل الإعلام الأردنية الرسمية بتصريح كوميدي لعبد الله الذي هدد باتخاذ (( إجراءات )) في حال تكرار الاستفزازات الصهيونية !!
ولا يدري أحد ما هي طبيعة الاجراءات التي قد تخيف الكيان الصهيوني؟
هل ينوي عاهل الأردن العائد لتوه من موسكو بعد أن تآمر على الشعب السوري, أن يدور بالطائرة حول قصره في عمان نصف ساعة وهو يستمع لأغنية شعبية حزينة لمصطفى كامل؟
أم أنه ينوي تصعيد الأمر إلى ما هو أخطر, فيأمر الإعلام الرسمي الأردني بعزف السلام الملكي الأردني ؟
أم سيذهب في تهديداته هذه المرة أبعد من ذلك, فيعرض الإعلام الرسمي بالأردن فيلم الناصر صلاح الدين ؟
الأكثر مدعاة للضحك, هو الخبر الذي نشرته جريدة اليوم السابع التي لم تفق بعد من زيارة عميل الموساد دحلان منذ أيام, فقد نشرت أن مسخرة الانقلاب في مصر (تلك النكتة التي ستعايرنا بها الأجيال القادمة من بعدنا) اتصل بالعاهل الأردني, لينددا هما الاثنين باعتداء اسرائيل على المقدسات !!
والله العظيم هذا ما قالته الصحيفة, نددا في اتصال هاتفي.
أي أن الاثنان نددا و صرخا و بكيا بكاءاً حاراً و دبدبا بقدميهما في الأرض و احتضنا بعضهما البعض هاتفين: ماما تعالي خديني يا ماما,و على الرغم من أنه لا يوجد عاقل واحد ينتظر موقفاً من ذلك المعتوه الصهيوني الذي يعلم العالم كله أنه لا يعدو مجرد صبي يغسل جوارب نتن ياهو, لكن الدلالة الأخطر هنا هو اعتقادهم أن المصريين قد ماتوا, وأن الغضب الشعبي لاقتحام الأقصى يمكن معالجته بنشر خبر عن ادانة في مكالمة تليفونية.
و حتى تدرك أنهم يقيسون ردود الرأي العام في العالم الإسلامي على درجة حرارة الرأي في القاهرة, تذكر كيف بدأت مذابح إفريقيا الوسطى ضد المسلمين و كيف تجرأ السفاح بشار على تجاوز الخطوط الحمراء و استخدم السلاح الكيماوي ضد أهالي الغوطة الشرقية, و هي مجزرة قُتل فيها حوالي عشرة آلاف, بعد مجزرة رابعة !
عدة صور قد تشرح لك المشهد جيداً, صورة فلسطيني يقف مواجهاً لجندي صهيوني رافعاً علم مصر بعد الثورة, و صورة فلسطينيين يرفعون علامة رابعة في المسجد الأقصى, و صورة الرئيس مرسي المعلقة على الأقصى, و قبلهم مشهد توزيع أهالي غزة الحلوى في الشوارع عند إعلان فوز الرئيس مرسي.
على الجانب الآخر, شاهد الإعلان الذي بثته بعض الهيئات الصهيونية و انتشر على موقع اليوتيوب بعد الإنقلاب, يبين صورة الهيكل و هو يكتمل بينما تسقط صورة الرئيس مرسي.
ولكي تدرك حقيقة الصورة بشكل أفضل, وتعلم على وجه اليقين وظيفة الحكومات الفولكلورية العربية وجيوشها الأكثر كوميدية, الق نظرة على ما تقوم به السلطة الفلسطينية في الضفة والتي تحول بين الفلسطينيين وبين الثورة على الاحتلال الصهيوني, بينما لا تحرك اصبعا حين يُقتحم الأقصى ويضرب بقنابل الغاز.