هل تذكرون في أحداث ماسبيرو عندما أعلن متحدث عسكري ما أن هناك من سرق (مفاتيح) المدرعة ودهس بها الأقباط المحتشدين عند ماسبيرو؟ وقتها سخرنا من ذلك المنطق الكوميدي والمدرعة التائهة، وانهمكنا في إطلاق النكات على المدرعة المفقودة، ولم نتصور أن مثل تلك العقليات موجودة بالجيش، الكارثة الاكبر أن سرقة مدرعة اصبحت امراً ممكناً فعلاً.
فيديو جماعة أنصار بيت المقدس، الذي نشر قبل يومين وحذفه موقع يوتيوب، يدل على مدى هشاشة الجيش كما قالت صحيفة نيويورك تايمز، وما يجعلني أعتقد أن الفيديو حقيقي غير مفبرك، هو رد فعل اعلام الانقلاب، فلم يتحدث سوى اثنين خرجا لينفيا الفيديو نفياً سريعا مقتضباً.
الفيديو أيضا وبرغم عدم خبرتي في تلك المسائل لا يمكن أن يكون مفبركاً لأنه يظهر مدى هشاشة الجيش وانعدام التدريب فيه، وجبن الضباط من الرتب الأعلى، فمن المستحيل أن يسمحوا بنشر المشهد الفضيحة للدبابة التي هرب فيها ضباط الجيش الأشاوس، ليتركوا الجنود يقتلون، ليكشفوا مدى ضعفهم.
ولذلك بالفيديو لا يمكن أن يكون صناعة مخابراتية كما يحلو للبعض أن يتخيل، فهم يحاولون دائماً بعد الانقلاب اصطناع صورة إعلامية زائفة عن جيش هو في الحقيقة كومة من القش.
الفيديو كارثة بكل المقاييس، لو كان من يديرون الجيش يعقلون، لادركوا أن تحرك المسلحين بتلك الطريقة التي ظهرت في الفيديو، لا يعني سوى وجود دعم شعبي صامت لهم داخل سيناء وانهيار ما تبقى من تأييد للجيش عند أهل سيناء، وهذا يعني أنه على المدى القريب لن يتبقى هناك جيش في سيناء خصوصا مع ما أشار إليه اللواء عبد الحميد عمران، من أنهم يملكون إمكانيات كبيرة ويعلمون ما يفعلون!
في اليوم التالي لنشر فيديو العملية، وعلى قناة مؤيدة للانقلاب ظهر مدى العفن الذي يحاول الانقلاب إخفاؤه، ظهرت تلك السيدة التي تعترف على ابنها وهو أحد المقتولين في كمين كرم القواديس، بارتكابه لجرائم قتل وحرق ضد مدنيين.
لا يمكن أن يكون كل ذلك (شغل مخابرات) كما يحلو للبعض أن يفسر، بل أن الله فضحهم قبل أن يتباكوا، وظهر بوضوح لكل صاحب عقل، ان تلك الممارسات الإجرامية التي كان يمارسها تامر ورفاقه من قتل وحرق، هي الإرهاب بعينه.
الفيديو فضيحة بكل المقاييس، وكشف لنا أنه لم يعد لدينا جيش، على الأقل بالنسبة للقوات الموجودة في سيناء، مجرد معدات صدئة يستخدمها جنود فقدوا الشرف العسكري، كتامر الذي كان (بيموت ناس ويحرقهم ويلبس الترنك ويولعهم)، يقودهم ضباط جبناء لا يستعرضون أسلحتهم الا على العزل، وهو ما يمحو كذب ادعاءات إعلام الانقلاب بالكامل عن الاسلحة الثقيلة التي ادعوا وجودها في اعتصام رابعة، فقد رأينا كيف فروا بدبابة أمام بنادق، ولو كان الاعتصام مسلحاً، لكان قزم الانقلاب يغني (تسلم الأيادي) ويداه مربوطتان خلف ظهره وهو يقبل حذاء الرئيس مرسي.
صمت إعلام الانقلاب عن الفيديو وعدم نشره بالمرة، يشير في الغالب إلى صدق الفيديو ومن ناحية أخرى، يهدم مصداقيتهم، فصحيح أنهم حجبوا الفيديو عن جمهورهم، ولكن في معظم بيوت مصر، توجد خدمة الانترنت وهي تتيح حتى لمؤيدي الانقلاب، الاطلاع على الفيديو ومشاهدته، وهو ما يعني هبوط مصداقية إعلام الانقلاب لمستويات تقترب من الصفر، ويجعل الإعلام البديل بالتالي هو المتنفس الأوسع حتى للفضوليين مؤيدي الانقلاب، هذا بالإضافة طبعا، إلى قناة الجزيرة التي ستزيد أعداد متابعيها بعد بثها للفيديو.
أخطر ما وراء الفيديو في وجهة نظري، هو أننا اكتشفنا أن الجيش هو مجموعة عصابات نهب مسلحة يقودها بلطجية مسلحون بالدبابات، يفرون عند أول تهديد حقيقي.
تقولون لا نعمم فالجيش ما يزال به شرفاء؟ حسناً يا سادة أنا لا أعمم، أنا فقط أنقل الصورة الكارثية التي شاهدناها!
اكتشفنا أن الشعب كان كجن سليمان عليه السلام، يخشى النزول للمظاهرات خوفاً من بطش الجيش، الذي شاهدناه يفر مذعوراً. والاخطر من كل ذلك أن الجيش الذي يرتكب جنوده جرائم القتل والحرق، ويرفع ضباطه السلاح في وجوه الفتيات، ويستعرضون عضلاتهم في الجامعات، أهون من الذباب، وأنه اول الهاربين ان وقعت حرب، فالضابط الذي يهرب بدبابته أمام بنادق، سيستسلم ويسلم العدو ملابسه ومفاتيح شقته ان قامت حرب حقيقية.