آيات عرابي تكتب|كيف استطاع الغرب تسويق اردوغان للبسطاء ؟

سبب قدرة الآلة الاعلامية الغربية على تسويق اردوغان لقطعان البسطاء, هو انهم اولا يعملون وسط جمهور مؤمن بنموذج الدولة الوطنية ويعتقدون انها نتاج تطور تاريخي للفكر السياسي في بلاد المسلمين

(وبسطاء العقول هو مسمى يضم كتابا ومحللين سياسيين وقيادات الحركات الاسلامية كلها الا باستثناءات بسيطة جدا)

وهؤلاء لم يكلفوا أنفسهم ان يدرسوا الموضوع وان يحاولوا ان يفهموا ان الدولة الوطنية هي اختراع ماسوني بدأت بخطوات مرتبة كالتالي (تحطيم القوة العسكرية المسلمة الموجودة في مصر وهي المماليك ومن بعدها انشاء قوة احتلال بزي يبدو للناس وكأنه منهم وزرع فيروس الجيش الوطني وفقا للمعايير الماسونية الفرنسية (كتاب الجندي المواطن لوزير الدفاع الفرنسي في عهد الثورة الفرنسية ممكن يبدأ به هؤلاء السذج في محاولة أولى للفهم) ثم كانت الخطوة التالية هي بث أفكار الوطنية (وهي أفكار ماسونية بالكامل) على يد بعثات التغريب التي أرسلها محمد علي ( وعلى رأسها رفاعة الطهطاوي لا سامحه الله ) ومن بعدها اقامة كيان مؤسسي واقعي لتلك الدولة الوطنية داخل مصر (ثم تبعتها الدويلة المعروفة الآن باسم تركيا وتكررت فيها نفس خطوات النموذج المصري) ثم كانت آخر مرحلة هي وضع أساس نظري لفكر الدولة الوطنية وذلك عن طريق مهاجمة فكر الدولة في الإسلام عن طريق كتاب (الإسلام وأصول الحكم) الذي كتبه الماسوني علي عبد الرازق

فكل هذه الحركات الاسلامية تنطلق من هذه النقطة

نقطة (الإسلام وأصول الحكم) وهم لا يؤيدون ما جاء في الكتاب بل هم يرفضونه علنا ولكنهم يتصالحون مع كل ما جاء فيه ويعتبرونه وجهة نظر

وهذا يؤطر لفكر الحركات الإسلامية بالكامل ويضعها بالتالي تحت كنف الدولة الوطنية وبالتالي تظل تلك الحركات المسماة بالإسلامية (وهي تسمية خاطئة أخرى) خاضعة للدولة تدور في فلكها ولن تحقق نجاحا ابدا (ولكن لهذا حديث آخر ان شاء الله )

وفكرة الدولة التي ينطلق منها هؤلاء هي منظومة سياسية وفكرية مخالفة تماما لمنظومة الإسلام وبهذا اصبح من الممكن كتوفيق بين الإسلام الذي يراه هؤلاء وبين فكرة الدولة التي يرونها واقعا امامهم ان يركبوا بعضا من الإسلام على فكرة الدولة الماسونية ويرقعوا ذلك الكيان الفكري ليتكامل في أذهانهم كأيديولوجية (يقدمونها للاتباع الأشد جهلا على انها اسلام)

وهنا يأتي دور الواقع الذي يعيشه هؤلاء في بلادهم

ففي مصر مثلا يمكن لانصاف السياسيين من الطائفة التي تحدثت عنها للتو ان يردد كالببغاء ان اردوغان افضل من العسكر (وهذا صحيح ولكن على أي مقياس) ؟

هذا صحيح لان الغرب الذي يحتله عن طريق وكلائه فرض عليه هذا الواقع المحطم (وينوي استمراره) لأسباب تتعلق بمجاورة مصر وسوريا مثلا لإسرائيل ولذلك فالظروف السياسية التي صنعها المحتل لحماية اسرائيل تتطلب هذا المناخ الفاسد في الدويلات المصنوعة المحيطة بها مثل مصر وغيرها

وهذا واقع محسوب تماما وليس فيه أي نسبة من الخطأ وهو مقصود ليؤدي الى هذه النتائج

فاردوغان هو أفضل من العسكر ليس لانه افضل من العسكر بل الطرفان أشد عمالة وخيانة من بعضهما البعض ولكنه أفضل وفق نموذج الدولة وافضل لان هذا هو الدور المكلف به من البداية

ان يكون مثالا لسكان الخراب على التطور الاقتصادي ليظل المسلمين معلقين بفكرة الدولة الوطنية ومعدلاتها

وهو نموذج ناجح حقق نجاحا منقطع النظير بين أكثر المسلمين

ومن بعدها يمكن جدا لاي منظومة اعلامية محترفة ان تمد هؤلاء الجهال بتبريرات تريح عقولهم مثل فكرة ( أردوغان يلعب سياسة) ومثل فكرة (السياسة فن الممكن) وهي تفسيرات يتداولها جهلاء الحركات الاسلامية وغيرهم بشدة لتبرير التناقضات في النموذج التركي الذي يرونه أمامهم

وهم لا يفهمون انهم يخلطون الحابل بالنابل فالمسلمون لا يلعبون سياسة وموضوع السياسة فن الممكن وهذا هو تبرير مكيافيللي صرف

وهذا التبرير المريح يبرر وجود قواعد امريكية في تركيا ويبرر الدعارة ويبرر بيعه دماء وأعراض المسلمين في سوريا

والطريف جدا اني لما اكتب عن خيانة ذلك العميل في سوريا للمسلمين اجد من يتظاهرون بالمعرفة والعلم يردون (وماذا كان عليه ان يفعل) .. ببساطة كان عليه الا يتدخل والا يقنع الناس بان روسيا وسيط (وانا شرحت الموضوع بالتفصيل وكيف ان روسيا كانت غير قادرة على دخول إدلب وشرحته بتفاصيل سياسية حقيقية واستطيع ان اجادل فيه ومستوى ما شرحته يزيد على مستوى (هو مستهدف من كل الدول) وهذه العبارات الهزلية التي يكررها اتباع الكلب اردوغان كالببغاوات)

أي ان هؤلاء الجهلة حتى يصلوا إلى ان يكونوا ببغاوات تبرر لاردوغان يفتقدون للاساس المعلوماتي

هم ينظرون للأمور من عدسة خطأ وباطل من من اولها لاخرها

وانا انظر للامور من منظور الدين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

لذلك تحول كل واحد من هؤلاء الى خليط من احمد موسى والغيطي (النسخة التركية)

المشكلة الثانية انهم ونتيجة لكل هذا فهم لم يكلفوا أنفسهم لحظة بالبحث خلف أردوغان وخلف طريقة بناء حزبه (وهؤلاء الجهلة يظنون ان معلوماتهم التي يستقونها من قناة أو موقع هي معلومات كافية للحكم على الموضوع) وكان من الممكن (وبعيدا عن سرديات العسكر) ان يبحثوا عن الاسماء التي بدأت معها تجربة المدعو اردوغان والاجتماعات التي كان يحضرها رجال المال والأعمال والسياسة والبنوك في تركيا لدعم حزب أردوغان (ولاقامة اقتصاد تركي وهي مهمة سهلة لمن يمسكون بجهاز التحكم ويقيمون اقتصادا فجأة ويرفعون سعر العملة او يخسفونها في بلد ما) وذلك قبل انتخاب أردوغان نفسه (الاسماء والتفاصيل متاحة ولا تحتاج سوى الى بحث) وكان من الممكن لو بدأ هؤلاء الجهال, البحث ان يصلوا لاسماء ضباط المخابرات الأمريكية المتصلين به (مثل جراهام فولر) مهندس حزب العدالة والتنمية (والذي قال ان الاتاتوركية انتهت ويجب احداث إسلام ديمقراطي وله كتب مهمة أصدرها معهد راند عن تركيا ومستقبل الإسلام السياسي يمكنهم ان يتعلموا منها الكثير بدلا من نقل تبريرات يسمعونها من محللين سياسيين مرتزقة عن ان اردوغان “يلعب سياسة”) بل ويمكنهم ببساطة الرجوع الى ما كتبه فهمي هويدي في 2004 (وقتها لم تكن تجربة اردوغان مستهدفة ولم تظهر المحاور التي صنعها الغرب إعلاميا للتأثير على بسطاء العقول والدهماء في الشرق الأوسط وهي الإمارات وال سعود من جهة وتركيا وقطر من جهة أخرى) وفي مقاله سوف يقرأون عن حقيقة أردوغان

ويمكنهم ان يقرأوا الاخبار القديمة (في 2004 و2005) عن علاقة اردوغان بمشروع الشرق الاوسط الكبير وكيف عينه بوش رئاسة المشروع في المنطقة

لو كلف هؤلاء الجهال أنفسهم عناء البحث لوجدوا مثلا مقالا للرئيس مرسي في 2007 يصف التجربة التركية بأنها غير إسلامية

لو كلف هؤلاء الجهال أنفسهم عناء البحث لقرأواعن لقاء أردوغان بديفيد سلطان(سفير إسرائيل في القاهرة ثم في تركيا) في 2001 قبل انتخابه بسنتين وعن علاقته بجورج سوروس (الملياردير اليهودي ومؤسس جماعة الأزمة الدولية) وعن علاقته بمجلس العلاقات الخارجية (وهو تعيين وليس انتخاب وليقرأ هؤلاء عن تجربة المخابرات الأمريكية في إيطاليا للدفع بمرشحها وإسقاط المرشح الشيوعي سنة 1948 وكيف يمكن ان يحدث هذا بارادة شعبية وكيف يمكن ان يصفق المغفلون للارادة الشعبية)

لو كلف هؤلاء الجهال أنفسهم عناء البحث لوجدوا ان أردوغان هو تلميذ جولن وان الموضوع ليس عداءا بينهما كما يظن البسطاء وان الامور مختلفة تماما والموضوع كله توزيع ادوار

اردوغان عميل من البداية

أردوغان لا يلعب سياسة ولا كل هذا الكلام الذي يروجونه للدهماء

أردوغان بيلعب بعقول هؤلاء الجهال

أو بمعنى أصح من جاؤوا به هم من يلعبون بعقول هؤلاء

آيات_عرابي