(تحليل – حتى لا يتفلسف أحدهم ويقول ان اتفاق ادلب حقن لدماء المسلمين)
المتاحات أمام روسيا في إدلب قبل اتفاق سوتشي
الضربة الكيماوية
افترض ان روسيا سمحت لبشار بضرب إدلب بالاسلحة الكيماوية فكم سيكون عدد ضحايا الضربة ؟
10 آلاف ؟ 10 الفاً ؟ 30 الفاً ؟
عدد الشهداء في مجزرة الكيماوي بالغوطة كانوا حسب بعض التقديرات 10 آلاف
فما الذي حدث وقتها ؟
الذي حدث هو ان العالم كله ادان الضربة واتفقوا على سحب السلاح الكيماوي من بشار.
لو كانت حدثت ضربة كيماوية في إدلب, فسوف تنتهي آثارها عند حدوثها بل ستنقلب آثارها دولياً على السفاح بشار وعلى روسيا وحتى الدول التي تدعم السفاح بشار سرا لن تملك وقتها الا الإدانة وسيعني هذا توقف الضربات الكيماوية فورا واعادة إيقاظ الثورة السورية وإعادتها لبؤرة الضوء بالإضافة إلى احتمالات إعادة اندلاع الغضب في مناطق أخرى من سوريا ووقتها سيضيع كل المجهود الذي بذلوه لإقناع الناس بأن بقاء السفاح بشار امر لابد منه وبالتالي سوف يعودوا الى نقطة (لا مفر من رحيل بشار)
ثم ان الضربة نفسها لن تكون مؤثرة عدديا في المدينة وسيبقى الباقون ( 4 مليون مسلم) محملين بالرغبة في القصاص من بشار .. بمعنى آخر
روسيا لم تكن تستطيع ضرب ادلب بالسلاح الكيماوي نهائياً وهذه فرضية خيالية تماما
غارات جوية روسية مستمرة ؟
البعض يقول ان روسيا كانت تملك دفع ادلب للاستسلام عن طريق الغارات الجوية وهذا ايضا كلام خيالي لا علاقة له بالواقع .. صحيح ان روسيا تملك الطيران الكافي لضرب كل نقطة في إدلب وصحيح انها تستطيع ان تفعل ذلك.
لكن الطيران لا يحسم حرباً وحتى مع أشد الغارات الروسية وحشية وحتى مع سكوت العالم على مثل تلك الغارات لو حدثت, فلن تحسم تلك الغارات حرباً
فالغارات الجوية الاسرائيلية على غزة في 2008 أسقطت 1300 شهيداً
ولنفترض ان الغارات الجوية الروسية سوف ترتكب يومياً مجزرة تسقط فيها 100 شهيد وسوف تستمر شهرين متتالين بلا توقف فسوف يكون عدد الشهداء المفترض هو 6 آلاف شهيد
بل ولو افترضنا ما هو زيادة عن ذلك
فمن وجهة نظر المعتدين الروس فإن سقوط 100 ألف شهيد في غارات جوية روسية لن يكسب الحرب ضد ادلب وسوف تتحول ادلب الى رمز
هذا بالاضافة الى انه ليس من المتوقع اصلا ان تصل الامور الى ربع هذه النتيجة ولا حتى إلى عُشرها, فبمجرد استمرار الغارات الروسية الوحشية اسبوعاً واحداً ومهما تعامى الغرب عنها فسوف تتحول ارقام الشهداء وصور الدمار الى صور تجوب اعلام العالم للضغط على الحكومات لتتخذ مواقف إدانة (حتى لو كانت توافق على سحق ادلب من تحت الطاولة) وسوف يضغط هذا بطبيعة الحال على استمرار الغارات ويحولها دفة الضغط إلى ضغط سياسي على روسيا نفسها.
بل ان هناك مثالاُ مهما وهو عندما قام الأطفال في حلب بحرق الإطارات للتشويش على الطائرات بل إنه مع الغارات الوحشية ستبدأ روسيا تخسر معركتها مع تسرب صور الشهداء والقصف للصحف وسيصبح هذا عاملا ضاغطا ينهي المسألة او يعطلها
وستتحول إدلب إلى أيقونة عالمية وربما تسببت في ايقاظ باقي المناطق في سوريا
باختصار .. الغارات الجوية وحتى لو كانت روسيا تملك دك ادلب شبرا شبرا, لا يمكن ان تحل شيئاً
هل كان يمكن لروسيا دخول إدلب برياً ؟
هذا أيضا كلام مستحيل, فروسيا غير قادرة على الحسم من البداية في سوريا ولو كانت قادرة على الحسم في سوريا لحسمت في عدة مدن سوريا ولما لجأت لاتفاقات استانا وغيرها .. فالجنود الروس سوف يحاربون بلا دافع ضد شعب يدافع عن نفسه .. جندي محتل مرتزق يحارب بلا دافع مفهوم ضد اطفال ونساء وشيوخ ورجال يملكون كل الأسباب للدفاع عن أنفسهم .. ثانيا روسيا لديها تجربة ماثلة أمام عينها حتى الآن وهي عقدة افغانستان حين تم استدراج الجيش السوفييتي على أفغانستان وتحطيمه ..
بالاضافة الى ان وقوع أي خسائر لقوات روسية محتملة في ادلب سيعني ان يقوم بوتين للحفاظ على مظهره بزيادة عدد هذه القوات وسيعني هذا المزيد من التورط وهنا, تكون النتائج غير مضمونة فمع بداية الخسائر تتحول الازمة من غارات وحشية تشنها روسيا على المدن السورية إلى ازمة سياسية داخلية لبوتين .. ولابد ان هذه الاعتبارات حاضرة في أذهانهم من البداية ولذلك اقتصر التدخل الروسي على الغارات الجوية
وبالنسبة لإيران, فإن اسباباً شبيهة كانت تنتطبق عليها, فإيران التي تعاني من مشاكل في الأحواز وفي المنطقة الكردية والتي ينتشر مرتزقتها في العراق منذ سنوات كانت هي الأخرى غير قادرة على الحسم في ادلب ولا في غيرها واحداث الثورة السورية قبل ذلك تشهد .. خصوصا ان عصابات حزب اللات تآكلت بشدة خلال الثورة السورية (80% من ميليشيات حزب اللات حسب بعض الإحصاءات) وهذا هو السبب في إن القوات الايرانية لا تتواجد في سوريا الا بشكل رمزي كما ان أي خسائر ايرانية في سوريا سوف تتحول الى أزمة داخلية ايرانية
(عدد أفراد الميليشيات التابعين لحزب اللات في سوريا هم 7 آلاف وهذا العدد غير قادر على الحرب ضد فصائل مسلحة تحارب من ادلب التي يسكنها اكثر من 4 مليون مسلم وايران لا تملك في سوريا كلها الا 2000 مرتزق ايراني)
ولهذا كله كانت كل هذه الحلول غير ناجحة بالمرة وكان من الضروري اللعب مع هذا الوضع المعقد بالحيلة
دخول روسيا لادلب كان مستحيلاً تماماً
وتمت اكبر حملة ارهاب اعلامية ضد الفصائل التي ابتلعت الطعم بكل سهولة ولم تستطع فهم حقيقة التهديدات الاعلامية ثم جاءهم الحل على طبق من فضة (هكذا بدا لهم) حين تقدمت تركيا بدور الوساطة في اتفاق ادلب المشبوه
وهكذا تسبب اتفاق ادلب المشبوه في تسليم 20 كيلومترا مجانا الى روسيا
وبعد خصم هذه المساحة تبدأ مرحلة أخرى وهي مرحلة الضرب من الداخل في إدلب عن طريق الاغتيالات والفوضى ثم الضغط على البعض للتسليم ومسار
الفوضى الطبيعي الذي يفهمه الجميع والذي سيؤدي في النهاية الى تسليم ادلب واهلنا يظنون انهم قد نجوا
اتفاق ادلب كان حقناً لدماء الروس والايرانيين