صلاة الفجر التي كان الرئيس مرسي يحرص عليها ككل مسلم، كانت تستفز أولئك القابعين في مواخير مدينة الإنتاج الإعلامي، وتسبب حالة من النواح، يتصل لأيام حول (( تكاليف الصلاة )) والعبء الذي تثقل به ميزانية الدولة حسب زعمهم.
كان هذا جانب من الفضلات التي كانت تنهال على أدمغة الشعب من مدينة الإنتاج الإعلامي، الذي فقد كما هو واضح معظم تأثيره على البسطاء بعد مجازر وإخفاقات استمرت عامين تقريباً، وعلى الجانب الآخر ترى احتفاءً كبيراً بزفة العوالم التي اصطحبها معه قزم الانقلاب إلى ألمانيا.
مجموعات من الراقصات والعوالم المسنات والطبالين والمهرجين الهاربين من القرن السادس عشر، تم شحنهم في طائرات على حساب الشعب لمرافقة “الفاشل” في موقعة برلين؛ تحسباً للحشد الثوري الرافض للانقلاب الذي بلغت أنباؤه أجهزة مخابرات العسكر، ولا تجد في الإعلام من يسأل من الذي يدفع كل تلك الملايين، بينما هناك ملايين من الشعب تأكل من القمامة.
كان المقصود من ذلك الحشد عرض صورة زائفة لشعبية لم ولن ينالها قزم الانقلاب، وكسر معنويات المعسكر الرافض للانقلاب، وإضفاء هالة من الشرعية الكاذبة، وفي قلب كل تلك الحسابات، كانت الحسابات الأهم، الخاصة بالأمن النفسي لقزم الانقلاب ذاته، فهو قد وعى الدرس كاملاً في أثناء الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الحقيقية، التي فاز بها الرئيس مرسي، حينما رأى كيف تطايرت الأحذية على رأس شفيق في جولاته الانتخابية.
عقدة الحذاء أو الطماطم هي الهاجس الأكبر الذي يسيطر عليه وهي الخطر الذي يتحاشاه، فحذاء واحد يصل إلى رأسه كفيل بنسف الهالة الصنمية التي حاول الإعلام إحاطته بها، وبرغم فشل أجهزة المخابرات والإعلام بالكامل في حبك صناعة تلك الهالة، إلا أن الهاجس ما يزال مسيطراً على ذلك الضئيل، فتراه في مصر يحيط نفسه بالدبابات والمدرعات ولا يتنقل من مكان إلى مكان إلا بالطائرة، يخشى من هتاف ويرعبه الصوت، ويخاف التجول في الشارع ويرتعد من فكرة عقد مؤتمر، وتراه في الولايات المتحدة يدخل الفندق من باب القمامة ليتفادى مواجهة الثوار، وفي ألمانيا تهبط طائرته في مطار صغير ليفر من (( الزفة )) التي كانت معدة له.
وفي ألمانيا لم يكن من الممكن أن يصطحب معه الدبابات والمدرعات ومئات الجنود الذين يحيطون به في تنقلاته، فكان من الضروري أن يتم الأمر بزفة بدت أقرب لحفلات السبوع، يصطحب فيها من سماهم الوفد الفني، ليقيموا حوله سوراً دعائياً ويحيطونه بهالة من الشعبية الزائفة.
ويمكن أن نخرج من ذلك الرصد السريع بصورة أكثر وضوحاً، فالانقلاب يكسب بعض المعارك ويمتلك كل وسائل القوة، ولكنه في الوقت نفسه أوهن من بيت العنكبوت ويحرص كثيراً على صورته الزائفة التي تصنعها مواخير الإنتاج الإعلامي.
الأمر أشبه ببرغوث يقف أمام عدسة مكبرة فيبدو لك كوحش ضخم، ولا يحتاج الأمر إلا لأن ترى ما خلف العدسة على حقيقته، لتكتشف أن قزم الانقلاب مصاب بجنون العظمة يتصرف مثل اللمبي، وهو بالإضافة إلى ذلك يرتعد من الصوت والهتاف.
الثائرة الحرة الجميلة فجر العادلي ضربت تلك العدسة بالمطرقة، فأفسدت الحفل وألقت التراب على الكعكة.
ما فعلته الثائرة الشجاعة فجر العادلي في ألمانيا، هو رسالة لكل الثوار في مصر، أن هذا الانقلاب أوهن من بيت العنكبوت، وقد كانت الرسالة واضحة وظهر هذا في مظاهرات يوم الخميس التي بدت بشكل واضح، أكثر كثافة من السابق.
فجر كشفت عورة الانقلاب وأرسلت رسالة تفاؤل وأمل لكل ثوار مصر أن يستكلموا ثورتهم.