فضيحة عسكرية بدأت بانفجارين كبيرين هزا مدينة الشيخ زويد في الساعة السابعة والنصف صباحا، ثم نجح 100 من المسلحين في السيطرة على المدينة بالكامل واشتبكوا مع قوات الجيش المصري لمدة 12 ساعة حتى السادسة مساء.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل من الواضح أنهم أعدوا خطتهم جيدا، فقطعوا طرق الإمدادات على قوات الجيش بالألغام والسيارات المفخخة، مما زاد من أعداد القتلى (وصلت حسب معلومات من ضباط سيناء إلى أكثر من 150 قتيلا من الجيش)، كما هاجموا عددا من الأكمنة في توقيت متزامن، ودمروا مدرعتين حسبما قال بيانهم، ونجحوا في دفع طائرات الأباتشي إلى الفرار.
وبعد فشل طائرات الأباتشي، حان دور طائرات الـ إف 16 وانضمت إليها الزنانة لتقصف مواقع المسلحين، (وهو ما يكشف عن احتمال اشتراك الجيش الصهيوني في معركة الأمس).
قرأت ما كتبه الناشط مسعد أبو فجر عن الهجوم واتفق مع طرحه كثيرا، وهو أن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية أرادوا تنفيذ تدريب عملي على احتلال المدن، وإثبات وجودهم قوة استطاعت قهر الجيش مما سيزيد بالطبع من أعداد المنضمين إليهم كما قال.
ما حدث بالأمس، هدم تماما صنم الجيش ونسفه من قاعدته، فالجيش الذي ظل جهازه الإعلامي ينصبُ على المصريين ويوهمهم بأنه أقوى جيوش المنطقة والجيش العربي الوحيد المتبقي، تبخر خلال 12 ساعة في مواجهة 100 فقط من المسلحين.
ويحلو للبعض أن يفترضوا أن المخابرات هي التي نفذت تلك العملية وأن تنظيم ولاية سيناء تابع للمخابرات أو دحلان في رواية أخرى، وهي افتراضات لا تصمد أمام نقاش منطقي، فالجيش الذي سلمته المخابرات الأمريكية مسؤولية الحكم في مصر منذ انقلاب يوليو 1952، هو في الحقيقة إحدى الإدارات الصغيرة التابعة للبنتاغون، ومنه يخرج حكام مصر الذين بدورهم يتبعون السيد في البنتاغون، ولإخفاء تلك العلاقة فلابد من هالة نفسية تصنع من مجموعة من الأكاذيب عن انتصارات وهمية تم تلفيقها وترسيخها في العقول، ومن تلك الأكاذيب بنى شرعية عبر عنها أحد الضباط الصغار في طابور الصباح في إحدى المدارس بعد الانقلاب قائلا (الجيش هو الشرعية العسكرية).
وتلك الهالة من القوة والانتصارات الزائفة، هي ما يحفظ للجيش وجوده ويسمح له بالاستمرار، ولذلك لا يسمح الجيش أبدا بتغطية ما يحدث في سيناء، ولكن تسرع شاويش الانقلاب في تقديم فروض الولاء لأسياده الصهاينة، أدى بالضرورة للصدام العنيف مع أهل سيناء، مما صعد عملياتهم حتى شاهدنا بالأمس ذلك المستوى المخيف.
لقد كان مشهد هروب الدبابة الذي ظهر في الفيديو، الذي بثه مسلحو “تنظيم ولاية سيناء” منذ شهور كافياً لأي عاقل ليدرك أن ذلك الجيش انهار وسقط.
وكان من المفترض أن يكون مشهد الجنود الذين يقومون بتعذيب مصري في أحد معسكرات الاعتقال في سيناء، جرس إنذارِ كافِ وقتها للعقلاء على أننا أصبحنا في سوريا والعراق معا.
الهجوم الذي وقع بالأمس بيَّنَ للجميع أننا بصدد جيش منهار معدوم الكفاءة لا يصلح لحراسة (صينية كنافة)، ويتضح من رد فعل الجيش على الهجمات أننا بصدد فساد نخر في عظام الجيش، فحوله إلى ميليشيات مرتزقة لم تعد تجدي معها محاولات الإصلاح الكيوت، التي يتم تصديرها تحت عناوين ساذجة من نوعية (خلافي مع القادة وليس مع الجيش).
أخي الثائر الكيوت صاحب العناوين الساذجة، ابتسم فقد أصبحت مصر سوريا والعراق مجتمعتين.
لقد أصبحت مصر الآن بلا جيش وهذا ما أثبتته هجمات المسلحين بالأمس، وأصبح من الضروري ونحن نفكر في تطوير وسائل الثورة ضد الانقلاب أن نفكر بالتوازي في إعادة بناء جيش حقيقي، بدلا من ذلك الجيش الذي لا يختلف عن ميليشيات السفاح بشار أو مليشيات الحشد الشيعي.