في افلام ومسلسلات أسامة أنور عكاشة
هناك دائما هتيف متحمس يجلس بجوار المذياع يستمع لقرارات عبد الناصر ويهلل لها
هذه نسخة متعددة الإصدارات
النسخة التقليدية من الهتيف المتحمس هي الرجل الذي يجلس في المقهى .. يستمع لرنين كلمات الزعيم الخارج من المذياع والسكون والصمت يخيم على المقهى
عبد الناصر يؤمم القناة فينطلق في صيحات لم يبدع كتاب السيناريو في تنويعها
هتافات تتراوح بين (ينصر دينك) و (ينصر دينك) أيضا
المرحلة الثانية هي الهتيف الراضي عن الحياة المتفاعل مع الزعيم وهذه كان يمثلها دائما سيد عبد الكريم في ليالي الحلمية حين يعلو وجهه تعبير ينم عن الارتياح مع خيالات دمعة تنساب على وجهه والذي يبدي (في مسلسلات اسامة انور عكاشة بالطبع) نوعا من الفهم السياسي ويحدثك عن حق مصر في تأميم (الكنال)
هذه النسخة من الهتيف المتحمس كانت تقدم بشيء كثير من البهارات في مسلسلات أسامة أنور عكاشة وتكاد لا تخلو منها مسلسلاته وكانت تقدم على سبيل الرصد في مسلسلات أخرى على شكل ابن الحتة قاري الجرائد
قاريء الجرائد كان يعمل كمذياع لأهل الحتة فيقرأ لهم الجرائم ويحدثهم عن الزعيم سعد زغلول ومغامرات توم وجيري التي تدور بينه وبين لجنة ملنر
ابن الحتة المثقف (مثقف لأنه يطلع على ما تبثه الصحف من أخبار) كان يعمل كهتيف متحمس على هامش نشاط قراءة الأخبار, مثل (زوج شيخة المخدمين) في مسلسل ريا وسكينة وهنا أيضا يمكنك أيضا ان تسمع عبارات (ينصر دينك) عن تصرفات سعد زغلول
هذا النموذج المسطح هو آكل أخبار ان صح التعبير .. شخص مهمته في الحياة أن يلتهم كل ما يقدم له من أخبار في رضا وان يوافق عليها
عقل مسطح بلا أي تعرجات يقتات من الأخبار ويصدقها
هذا العقل المسطح يحتاج لقائد بشكل دائم (وهذا ليس عيبا فالشعوب تحتاج لقادة) وما اسهل ان يبتلع آكل الأخبار نموذج القائد الذي يتحدى امريكا
هذا النموذج بالع النفايات أو آكل الأخبار هو الذي تسمم بنموذج زعامة عبد الناصر وهو من ابتلع النفايات التي قدمها الاعلام الغربي عن اردوغان
ولا شك ان اردوغان ممثل بارع متفوق
(ان تتلاسن مع بيريز ثم تعود لتوقع 60 اتفاقية عسكرية مع ايهود باراك وترسو سفن ابنك في موانيء اسرائيل لتنقل بضاعة وتستطيع اقناع السذج فانت بارع بدون شك (لعبة التلاسن مع بيريز كانت مكشوفة اكثر من اللازم لكن من يهندسون هذه الألعاب يقدمونها لادنى مستويات عقلية ممكنة وهي كثيرة في بلاد المسلمين للأسف) …بيريز كان يستمع بلا انفعال تقريبا وبدا غير قادر على اصطناع انفعال مناسب للموقف)
هذا الهتيف اصبح ينتج كثيرا في أيامنا هذه
والجديد هذه المرة ان هؤلاء الهتيفة اصطبغوا بصبغة اسلامية فهم يظنون ان اردوغان يقف امام الغرب ويلاعب امريكا وينتظر انتهاء معاهدة 1923 ليقيم الخلافة (وكأن هناك من يحترم مدد المعاهدات وكأن هذه المدة هي كل ما ينتظره المسلمون وهي اساليب اخرى لتخدير الذات)
وهؤلاء يستهلكون تحليلات الأرصفة من ذلك النوع الذي كان يقدمه (زوج شيخة المخدمين) يشيع بين المارة في شوارع او المقاهي ينتجها الخبراء الاستراتيجيون الاردوغانيون الجالسون على الرصيف ينادون على بضاعتهم الذين يحدثون الناس عن ان (اردوغان يلاعب امريكا وان اردوغان يلعب سياسة ببراعة) وهذه النسخ الترسو الشعبية من التحليلات السياسية التي ترضي الدهماء والتي تنفرد بها قطعان من خبراء الترسو الاستراتيجيين الذين لا يتلفون عن مقدمي مبارايات كرة القدم, تكون في الغالب مصحوبة بتبريرات تبرر أي سقطات في السيناريو مثل التبرير الترسو المعتاد عن منظمة جولن التي دائما ما تتنكر في شكل زوج خالة اردوغان لتلحق به الاذى وتسلم اللاجئين للانقلاب دون علمه وهكذا يجد الجمهور نفسه أمام حلقة من حلقات توم وجيري
سلسلة كاملة من النفايات الفكرية تقدم كأطعمة جاهزة رديئة الصنع تباع على الارصفة وتساعد العامة على اطلاق صيحات الاعجاب .. وكأنك ترى مشهدا من احد مسلسلات أسامة انور عكاشة وتنتظر ابن الحتة وهو يهتف لاردوغان ينصر دينك بعد ان يؤمم الكنال !!