لقد بدأ العسكر عملية ازالة الحرس القديم في التيارات الاسلامية
والمتبقي اليوم منهم (بخلاف الأسرى في سجون العسكر) هم قبض الريح
لا تأثير لهم ولا قدرة لهم على التفكير السليم بل وليس لدى اذكاهم سوى الحديث عما صدعوا به رؤوسنا منذ سنوات عن الاصطفاف مع العلمانيين ممن كانوا ضد الرئيس مرسي !!
وهؤلاء الموجودون حالياً (واتحدث عمن سمح لهم بالسفر أو من سمح لهم بالتواجد الدائم على الشاشات) هم على احسن تقدير انصاف سياسيين لا يُرجى منهم خير
لقد ضيع بيان الاخوان المسلمين بعد مقتل الرئيس مرسي ثلاثة أيام ثمينة جداً منذ اغتيال الرئيس وحتى بدء كأس افريقيا
كان مضمون بيانهم هو (التهدئة)
فالبيان وان حمل السيسي مسؤولية مقتل الرئيس مرسي, الا انه تحدث بشكل قاطع عن (الإهمال الطبي) !!!
وشتان بين الإهمال الطبي وبين القتل
ولم يقدم البيان أي دعوة للتظاهر داخل مصر او دعوة عاجلة للحشد ولنزول الناس الى الميادين او حتى ميدان واحد, بل دعا للتظاهر امام السفارات وهي دعوة لا جدوى منها بل ولا يمكن تلبيتها في كل البلدان الاوروبية يوم الثلاثاء فهو يوم عمل بل ويعتبر بداية الاسبوع فالاسبوع يبدأ في اوروبا وامريكا في يوم الاثنين
فهل غاب هذا عن الإخوان المسلمين ؟
ولقد تحدث البيان عن اللجوء الى الهيئات الدولية دون ان يحدد متى سيلجأ اليها, بل ان قيادات الاخوان المسلمين كان بامكانهم الاتصال العاجل بالحكومات التي يقولون انها صديقة لهم مثل تركيا وقطر مثلاً, لتقوما بتقديم شكوى عاجلة لمجلس الامن او للجمعية العامة للامم المتحدة لتشريح جثمان الرئيس (بل كان يمكنهم ان يتقدموا بشكوى كهذه دون حتى طلب من الاخوان المسلمين)
والخلاصة ان البيان ضيع كل الفرص الممكنة لمحاصرة العسكر في اسخن لحظام ممكنة وطرق الحديد وهو ساخن
ثم أقيم اجتماع كسول للغاية منطفيء باهت, يوم الخميس الماضي دعا للنزول يوم الجمعة
ان من يريد النزول يوم الجمعة كان يجب ان يدعو الناس يوم اغتيال الرئيس
فلماذا انتظروا ثلاثة أيام ؟
(لا يمكن تبرير هذا بالصدمة اذ ان الرئيس رحمه الله تكلم عن تعرضه لمؤامرة منذ 2015 وهذا ينفي بالكامل احتمال الصدمة وجماعة مثل الاخوان المسلمين لابد ان تكون جاهزة لاحتمال كهذا منذ 2015)
والسؤال الثاني, ألم يحسب من اصدروا بيان الاخوان المسلمين ان كأس افريقيا هو فرصة للعسكر للتغطية على الحدث وبالتالي, فإن الوقت ضيق ويجب الدعوة للنزول في نفس اليوم ؟
ألم يجل بخاطرهم ان تزامن مقتل الرئيس مع كأس افريقيا يعني ان الموضوع اغتيال وليس وفاة بالاهمال الطبي ؟
واذا كان الاغتيال هو الاحتمال الاقرب للعقل, فلماذا قام البيان بتهدئة ردود الافعال والحديث بهذه اللهجة الباهتة وكأنما كان من كتبه يتثائب ؟
قلت يوم الثلاثاء الماضي ان قتل الرئيس مرسي هو مقدمة لتصفية كل رموز التيار الاسلامي في المعتقلات, وها هو ما قلته يبدأ في التحقق وقبل ان يمر اسبوع على ما قلته, فها هو الشيخ حازم ابو اسماعيل يتعرض للاعتداء ويدخل في غيبوبة
(طبعا لا يمكن ان يكون هناك حديث عن اهمال طبي ولابد ان الامر محاولة اغتيال او مقدمة لمحاولة اغتيال)
ولنكن صرحاء, فإن تصفية قيادات التيارات الاسلامية في معتقلات العسكر هي مقدمة بدون شك لمرحلة جديدة ولواقع جديد لا يظهر فيه سوى العسكر (وخصوم سياسيون علمانيون) يتصارعون سياسياً
قتل قيادات التيارات الاسلامية هو في حقيقة الامر تمهيد لمرحلة ما بعد الاسلاميين وهي مرحلة الاستئناس والتي مرت بها الجزائر بعد العشرية السوداء
مرحلة تتحول فيها الجماعات الإسلامية الى أحزاب علمانية بلحية تدور في فلك العسكر (سواء في وجود السيسي او بعد زواله من المشهد)
وكل هذه التفاصيل, هي نوع من التأمين لنظام العسكر في مصر لتمرير صفقة القرن بدون مشاكل, فالتيارات الإسلامية كانت تعمل كـ كرات الدم البيضاء في الجسم وهي التي تقود الحراك ولكنها وصلت بعد الانقلاب الى مرحلة من الانهاك بعد ضرب مراكز صناعة القرار فيها وتحول مراكز صناعة القرار الى شخصيات لا يرجى منها قرار.
ان النتيجة الطبيعية للتراخي في بيان الاخوان المسلمين هي تبريد ردود الافعال الشعبية على اغتيال الرئيس وهذا التراخي سيغري العسكر بالانتقال الى الخطوة التالية وهي تصفية التيارات الاسلامية
أن على الإخوان المسلمين أن يقولوا للناس الآن لماذا صدر بيانهم بهذه الطريقة, بل ان عليهم قبل كل هذا ان يقولوا للناس لماذا انتظروا ست سنوات