كان الغرب بحاجة إلى كنس الفترة السوفييتية بكل أعراضها في مصر
تطهير المؤسسات من رجال السوفييت ووضع رجال السي آي إيه مكانهم
مغادرة الحقبة الاشتراكية بعد أن أدت دورها في ترويض سكان مصر إلى حقبة الرأسمالية المتوحشة
فبعد أن أدت الفترة الاشتراكية إلى إبراز الأحقاد والتصارع بين المجتمع, بدأت الحقبة الرأسمالية لتبدأ مرحلة أكثر توحشاً ينطلق فيها المجتمع الذي تم (تجويعه) خلال الفترة الاشتراكية ليقاتل بعضهم البعض على فتات في الفترة التي عُرفت باسم الانفتاح
وكان من الضروري مغادرة مرحلة القومية بعد أن أدت دورها في الظهور كمجرد أيديولوجية انتقالية بديلة عن الإسلام والخلافة العثمانية التي كان القوم حديثو عهد بها, إلى مرحلة الوطنية المنكفئة و(ماسر أم الدنيا) و(الوطن) وتلك الخزعبلات
ثم كان من الضروري ان يتنفس الناس قليلاً وان ينعموا بجو من الحرية بعد عقدين من القهر والقمع الأتاتوركي العلماني الكافر شديد التوحش الذي قُصد منه تطويع الناس تماماً وفرض نظام الدولة والحدود والقومية على الناس
بالاضافة الى تدمير النواة الصلبة للحركة الاسلامية
المجتمع كله بما فيه الحركة الاسلامية تعرض لمرحلة تطويع .. والأمر يشبه سكب مياه دافئة على رأس انسان ثم وضعه في الثلج
وكان من الضروري ان يتم ترتيب الأمور مع “اسرائيل” بعد ان بدأت مرحلة شبابها بهزيمة مرتبة متعمدة كسرت فيها أنوف شعوب الدول العربية
فكان من الضروري ان تشعر تلك الشعوب أنها استردت بعض كرامتها بعد ان صفعتهم “اسرائيل”
فكانت حرب اكتوبر المرتبة التي نفذها السادات وفق ارادة اسياده من عائلة روكفيلر يمثلهم كيسنجر
وكان من الضروري لكنس المرحلة السوفييتية الاستعانة بالإسلاميين
ولهذا كان من الضروري ان يكون هناك الرئيس المؤمن ودولة العلم والايمان
وان يُمنح الإسلاميون بعض التسهيلات وان يتم تخفيف بعض القيود التي فُرضت في الفترة الاتاتوركية الناصرية وان تظهر بعض المظاهر الدينية (والناس اصلا متعطشون للدين)
وهكذا استغل السادات الإسلاميين, دون ان يدري هؤلاء ان الأمر مجرد مرحلة مؤقتة يتعمد فيها النظام بإيعاز من اسياده المحتلين ان يتركوهم يلتقطون بعض أنفاسهم ليتمكنوا من كنس الفترة الشيوعية ثم يقوم النظام بالانقضاض عليهم مجدداً دون ان يخشى شيئاً
وهي الفترة التي عُرفت في أدبيات الحركة الاسلامية باسم فترة الصحوة
ولما انتهت الاستراحة (فترة السادات) وحان وقت الانقضاض على الإسلاميين بعدما تحقق هدف كنس السوفييت وصار من الضروري اعادة الإسلاميين الذين تمددوا سياسياً داخل المجتمع إلى القمقم من جديد
لم يكن لدى الإسلاميين سوى الانهزام
لأنهم من الأصل تعاملوا مع مرحلة السادات بصورة خاطئة
تعاملوا مع مرحلة السادات على اعتبارها جزءاً من منفصلاً عن مرحلة عبد الناصر
وهذا الخطأ في المنهج يرجع أساساً لعدم فهم حقيقة ما يسمى بالدولة ولتشبعهم بطريقة الخطاب الاعلامية الخاصة بالدولة والوطن والمؤسسات وغيره
ولم ينظروا إلى فكرة الدولة على أنها كيان مزروع يهدف الى فرض النظام على الاسلام
وانها شكل سياسي بديل لمنظومة الحكم الاسلامية وأنها صنيعة الاحتلال وانها لم تتبلور وتتخذ شكلها الكامل الا بالحديد والنار وبعد عصر إرهاب دشنه عميل فرنسا محمد علي دعمته عملية تغريب فكري وضخ للأفكار العلمانية وحصار للإسلام ثم عملية تهجين لتفسيرات الإسلام نفسه عن طريق عملاء (كفار) مثل الايراني (المسمى كذباً الأفغاني) ومن بعده محمد عبده, وان منظومة الجيش الإلزامي هي منظومة معادية في الأساس للدين
(كان محمد عبده يرسل خطابات يخاطب فيها جمال الدين الإيراني بطريقة لا يخاطب بها الإنسان الا ربه )
وكان من نتيجة كل هذا ان تعامل الإسلاميين مع فكرة الدولة كأمر طبيعي حتى الإسلاميين الذين اصطدموا بالعسكر (اغتيال السادات) كانوا يرون الدولة بمؤسساتها وشكلها السياسي هي شكل الحكم الطبيعي ولم تكن لديهم مشكلة سوى مع شخص العميل الذي يشغل منصب رئيس الدولة فسهل خداعهم وجرهم للعبة دولية جرى التخلص فيها من عميل قديم (السادات) لتعيين عميل جديد (المخلوع)
وهكذا لما حان وقت انقضاض (الدولة) على الاسلاميين (وهي مرحلة كان من المفترض أن يتوقعوها), ربحت معركتها معهم على الفور فالطعنة جائتهم من حيث لم يحتسبوا .. من الدولة ذاتها !!