(المقال ردا ما قاله شاويش الانقلاب السيسي في حديثه اليوم عما سماه بإسقاط الدول وكما وعدت بفتح الملفات المسكوت عنها)
جريمة قتل خالد سعيد هي واحدة من أكثر الجرائم وحشية وهي ترقى في نظري إلى درجة المذبحة, وهي مذبحة مروعة ارتكبت بدون أسباب واضحة وهي نموذج للوحشية والهمجية التي تمارسها أنظمة العسكر في ابشع صورها ولكنها بالاضافة الى تلك الوحشية المروعة, فهي من أكثر الجرائم غموضا حتى الان
وحتى الآن لم يُقتص لدماء الشهيد خالد سعيد ممن قتلوه, ولا اقصد فقط ما حدث من الحكم الهزلي الذي أصدره قضاء العسكر بالسجن 10 سنوات على المجرمين المباشرين الذين نفذا عملية القتل الوحشية, وهما الرقيب محمود صلاح والعريف عوض سليمان بل من اقصد حق خالد سعيد الضائع وسط غابة من الأحداث غيبت بدون قصد, التساؤلات الأكثر اهمية حول هذه المذبحة
و سأطرح هنا مجموعة اسئلة اعتماداً على شهادة من حضروا الجريمة الوحشية و سأتجاهل بالطبع رواية الداخلية فهي رواية مكذوبة بالكامل
حسب شهادة صاحب السايبر الذي بدأت فيه عملية القتل فإن المجرمين دخلا السايبر من بابين مختلفين خلف الشهيد خالد سعيد فور دخوله للسايبر, وقاما بتقييد يديه خلف ظهره ثم بدأ بضرب رأسه بالجدار فتوقف صاحب السايبر ليطلب منهما التوقف قائلا (اطلعوا برة) وعلى الفور وبصورة عجيبة اطاعاه بدون نقاش وخرجا من الانترنت كافيه واقتادا خالد سعيد الى منتصف الشارع أمام محل حلاقة وظلنا يضربانه ثم لما التف الناس ثم أخذاه الى مدخل بناية تقع في مواجهة محل حلاقة بعد ان التف الناس حولهما وظلا يضربانه بالباب الحديدي امام زوجة حارس المبنى التي صرخت ثم فرا ثم جاء اثنان طبيبان شهدا عملية ضرب خالد سعيد وفحصاه وتأكد لهما انه مات
فيما بعد قال احد الشهود ان خالد سعيد كان يصرخ انه سيموت ولكنهما لم يرحماه وظلا يضربانه وقال له أحدهما (مش هنسيبك الا لما تموت)
بعد ذلك عادا واخذا (جثمان) خالد سعيد في عربة الشرطة ثم عادا بعد 8 دقائق والقيا بجثمانه في مدخل البناية
والتفسير الذي قيل عن عملية القتل الوحشية هذه هو ان الشهيد خالد سعيد حصل على فيديو لعملية تجارة مخدرات يقوم بها ضابط القسم وهو تفسير غير مقنع, فبهذه الطريقة العلنية في القتل اصبح ضابط الشرطة متهما بتجارة المخدرات وبالقتل في نفس الوقت وهو تفسير غير مقنع بالمرة ولكن سوف أناقشه فيما بعد ان شاء الله
بعد هذه الجريمة الوحشية, بدأت آليات النظام الفاسد الذي يرأسه عميل المخابرات الأمريكية حسني مبارك, في التنصل من الجريمة بنفس الأساليب الفاسدة المعهودة, فأصدرت الداخلية بيانا مستفزا كذبت فيه وادعت ان خالد سعيد رحمه الله قتل بسبب لفافة بانجو وهو بيان واضح الكذب
لكن الأكثر استفزازا كان المقال الذي كتبه رئيس تحرير الجمهورية آنذاك محمد إبراهيم والذي نعت فيه الشهيد خالد سعيد بـ شهيد البانجو وهو مقال بلغ الحضيض في السـ فـ الة ويعد مثالا على الوحل الذي يمكن ان يصل اليه صحفيو انظمة العسكر لكنه في الوقت ذاته مقال غامض وغير مفهوم
كان هذا المقال شديد الغباء والاستفزاز مخالفا للطرق المعهودة الفاسدة للنظم العسكرية وكان من الطبيعي على الاقل ان يحاول المقال تبني رواية الداخلية من جانب وان يهديء مشاعر الناس من جانب آخر كأن يتحدث عن ضرورة محاسبة المجرمين او عن فتح تحقيق ومحاسبة المجرم أيا كان, خصوصا ان من ارتكبا الجريمة هم من الدرجات الدنيا وكان يمكن لأي نظام عسكري ان يضحي بهما لإطفاء نيران الغضب الشعبي الذي كان بامكان اي عاقل ان يلمحه
والآن وبعد مرور ثمان سنوات على هذه الجريمة البشعة اصبح من الضروري طرح بعض الاسئلة التي لم يطرحها أحد في وقتها حتى لا تضيع دماءه خصوصا ان المجرمين المباشرين, محمود صلاح وعوض سليمان قد حكم عليهما بعشر سنوات سجن وهو حكم هزلي في جريمة هي في حقيقتها أقرب للمذبحة وهي جريمة كان يجب ان يُحاكم فيها المخلوع مبارك ووزير داخليته اللعين حبيب العادلي على الأقل وان كنت اظن ان قائمة المجرمين تضم أشخاصا آخرين بخلاف المخلوع ووزير داخليته والمجرمين المباشرين.
ان دخولهما خلف خالد سعيد مباشرة بعد عبوره باب السايبر (حسب رواية صاحب السايبر) تعني ان الاثنين كانا يراقبان منزله بصورة مستمرة وينتظران دخوله السايبر, فلماذا ؟
ان دخولهما خلف خالد سعيد وتقييد يديه خلف ظهره بهذه الطريقة السريعة ومن بابين مختلفين يعني أنهما درسا المكان جيدا ويعلمان أن له بابين ويعني أنهما لم يريدا ترك أي فرصة لخالد سعيد للهروب منهما بالاضافة الى ان هذه الطريقة السريعة تعني أنهما تدربا على كل هذا عدة مرات حتى حفظا خطوات تنفيذه ولا تعني أي شيء آخر
لماذا حرص الاثنان على قتل خالد سعيد أمام شهود وبأكبر قدر ممكن من الضجة ؟
(ضربا رأسه في الجدار في السايبر كافيه ثم اقتاداه الى مدخل بناية وضربا رأسه بالباب الحديد امام زوجة حارس البناية وفي مواجهة محل حلاقة وامام المارة)
حتى لو كانا يريدان قتله انتقاما منه كما قيل, فلماذا لم يقتلاه بدون شهود خصوصا أنهما كانا يراقبان منزله كما هو واضح ؟
(أي انهما كانا يستطيعان انتهاز فرصة يكون فيها وحده او بعيدا عن الشهود ليقتلاه)
لماذا حرصا على قتله أمام شهود ؟
لماذا حرصا على تأكيد صفتهما الرسمية كأفراد في الداخلية, عن طريق سؤال رواد الانترنت كافيه عن بطاقاتهم ؟
الاكثر غرابة من هذا, انه عندما طلب منهما صاحب السايبر, التوقف مع بدء ضربهما لخالد سعيد, اطاعاه مباشرة وبدون نقاش برغم صفتهما الرسمية والوحشية الظاهرة التي كانا يضربان بها خالد سعيد, فلماذا لم يدخلا معه في عراك خصوصا ان الرجل لم يقو اصلا على التدخل لحماية خالد سعيد ؟
لماذا اطاعاه بهذه السرعة وخرجا بخالد سعيد بدلا من أن يتعاركا معه ؟
الاجابة هي أنهما لم يريدا تضييع الوقت في عراك جانبي, بل انهما كانا ينفذان أوامر بعملية قتل (علنية) لخالد سعيد ولم يريدا ان يفقدا الفرصة
وهي عملية قتل حرصا تماماً على ان تتم امام شهود وبأكبر قدر من الضجة
والسؤال الان, ان كل جرائم القتل التي كان يرتكبها نظام المخلوع مبارك كانت تتم في الغرف المغلقة, وكانت الانتهاكات المرعبة التي يقوم بها المخلوع مبارك وأجهزته, تتم وفق آلية محددة وهي انها تتم في الخفاء ثم يتم انكار اي اتهامات بالمرة (الوحشية المفرطة التي يمارسها نظام العسكر الآن لم تكن خرجت للعلن), فلماذا حرص مجرمان تافهان كهذين لا قيمة لهما ولا وزن ولا سلطة, على ان تتم الجريمة أمام شهود ؟
ولماذا اصلا يقتلان خالد سعيد اذا كانت المسألة كلها انه فضح تجارة الضابط في المخدرات ؟
لماذا لم يتم تلفيق تهمة مخدرات له والانتقام منه بالطرق التي اعتادتها الداخلية الفاسدة ؟
بل ولماذا لم يقتاداه إلى القسم ليقتلاه داخل القسم حتى ؟
وحتى لو كان الضابط قرر قتله والاثنان اطاعاه, فلماذا قتلاه بهذه الوحشية ولماذا لم يجهزا عليه بطريقة أكثر هدوءا وأقل وحشية وبعيدا عن أعين الناس ؟
ثم حتى لو كانت الجريمة الوحشية بسبب فضحه لتجارة المخدرات, فلماذا لم يعترفا على الضابط ولماذا لم نجد الضابط متهما معهما ؟
وحتى إذا كانت هناك أوامر بقتل خالد سعيد على التحديد فلماذا لم يعصيا هذه الاوامر او على الاقل لماذا لم ينفذاها بعيدا عن الأعين خصوصا انهما بلا شأن ويمكن التضحية بهما واستخدامهما ككبشي فداء ؟
وإذا لم يكن أي منهما يخاف العقاب, فلم يخافا حتى ان يفقدا وظيفتهما ؟
الاجابة أنهما كانا يتمتعان بحماية جهة اكبر حتى من ضابط الشرطة الذي يرأسهما
واجابة هذه الاسئلة كلها هي ان المجرمين, تلقيا أوامر (غير رسمية) بقتل خالد سعيد وان هذه الأوامر كانت ان يقتلاه أمام شهود وبأكبر قدر من الضجيج وان يحرصا على تأكيد صفتهما الرسمية وهما يقتلانه وانهما نفذا كل هذا وهما مطمئنان الى حماية جهة اكبر لهما
فما هي يا سيسي تلك الجهة التي كانت تحمي المجرمين وهما ينفذان هذه المجزرة
الوحشية وجعلتهما يطمئنان وهما ينفذها تلك المجزرة المروعة ؟
وللحديث بقية ان شاء الله