قبل 30 يونيو بعشرين يوماً نشرت جريدة اليوم السابع آراء 4 وزراء زراعة سابقين حول تأثير سد النهضة, وبغض النظر عن أن الأمر كان في إطار خطة حشد الرأي العام ضد الرئيس مرسي, لكن تصريحات الوزراء خطيرة, وتنذر بالكارثة القادمة على مصر, فالدكتور صلاح اسماعيل قال ” محدش يقول عندنا مياه جوفية ولا تحلية مياه ماينفعش حد يتحكم فى مياه مصر ولا يجب حوار الضعفاء ” بينما طالب الدكتور أيمن فريد ابو حديد ( وزير زراعة سابق ) باللجوء لمجلس الأمن لحل الأزمة.
ما اقوله الآن يتجاوز بالمناسبة, المقارنة بين ما كان يقوم به الإعلام قبل الانقلاب على الرئيس مرسي وبين موقف العميل الذي ذهب لإثيوبيا ليمسك بيد حد الوزراء الإثيوبيين وينظر له في حنان ورومانسية. وتوقيع سامح شكري على وثيقة لا تضمن حقوقاً ولا تضع التزامات على عاتق اثيوبيا تجاوز أيضاً مرحلة الخيانة التي تمارسها عصابة الانقلاب بشكل يومي إلى مرحلة التدمير الكامل لدولة تعيش اصلاً منذ نشأتها على نهر النيل.
الجدير بالذكر أن خرائط سد النهضة وضعت على يد وزارة الخارجية الأمريكية في عهد عبد الناصر, سنة 1956, وأن الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه مع دول حوض نهر النيل باستثناء مصر والسودان تم في ابريل عام 2011 وقت إدارة المجلس العسكري لمصر بعد الثورة ولا داعي للحديث عن أن اثيوبيا صفعت مصر بعد الانقلاب على الرئيس مرسي وبنت السد, فقد اعترفت بهذاحرفياً احدى مذيعات التليفزيون الحكومي على القناة الأولى.
المرعب في الأمر ان بناء يترافق مع تقرير صادر عن الأمم المتحدة يحذر من نقص المياه في العالم كله بنسبة 40% خلال الخمسة عشر عاماً القادمة, وهو ما يعني نشوب حروب لا مزاح فيها حول مصادر المياه.
وفي الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة من نقص عالمي للمياه, تدخل مصر مرحلة الفقر المائي الذي ينذر بمجاعات, ربما تبدو بجانبها ( الفتنة المستنصرية ) كمشهد رومانسي في احد الافلام. فالمتوقع بعد بدء اثيوبيا في تخزين الماء خلف السد أن تتآكل مساحة مصر الزراعية بواقع 2.5 مليون فدان سنوياً وأن تتأثر زراعة الأرز, بالإضافة إلى تشريد 8 مليون مصري ومن خلفهم من أسر ينفقون عليها بسبب حجز المياه خلف سد النهضة.
انخفاض الرقعة الزراعية سيعني ارتفاع اسعار الخضروات والفواكه ( إن وجدت اصلاً ) الأمر الذي ستصحبه موجات عاتية من البطالة والفقر, وسيؤدي هذا فضلا عن ارتفاع معدلات الجريمة, إلى تدمير البنية الاجتماعية لمصر والسطو على الأغنياء واستهدافهم كمرحلة أولى, ثم إلى التطاحن الأهلي الذي لن تستطيع وقتها أن تمنعه دبابات أو طائرات, بل إنني أتوقع أن جيش كامب ديفيد نفسه سيتحول إلى عصابات سطو مسلح خلال سنوات من بدء تلك المجاعة القادمة, تمارس السطو المسلح وسرقة المحال التجارية ( إن بقيت أصلاً وقتها ), وستتكرر تفاصيل مثل أكل لحوم البشر واصطياد المارة من فوق اسطح المنازل لقتلهم والتهام لحومهم, وارتفاع الاسعار حتى وصل سعر رغيف الخبز في الفتنة المستنصرية إلى ( الف دينار ) !!
التفاصيل نفسها مرشحة للتكرار بصورة اعنف, فعدد سكان مصر في عهد الفاطميين لم يكن يزيد عن عُشر عدد سكان مصر الآن. الأمر هذه المرة يتجاوز الرئيس مرسي ويتجاوز الانقلاب, الأمر هذه المرة متعلق بحياة شعب عاش ما يزيد عن ستة آلاف عام حول نهر النيل الذي تهدده اثيوبيا ومن وراءها الآن, حتى الحل العسكري الذي يدعو إليه البعض, غير قابل للتطبيق, فضلاً عن سذاجته, فالدراسات تقول أن غرق سد النهضة بعد حجز المياه خلفه, سيغرق السودان بالكامل حتى تصل المياه في الخرطوم إلى ارتفاع 9 امتار, بينما سيؤدي ذلك إلى احتمال تدمير السد العالي مما يعني غرق مدن الدلتا بما فيها القاهرة.
المصير المظلم الذي ينتظر مصر حتى مدن الدلتا الشمالية, جاء على لسان مسؤولي وزارة الري في ردهم على اسئلة خلال جلسة استماع عقدها المركز المصري للدراسات السياسية العامة في 19 يونيو 2013.
سد النهضة هو سكين تسنه اسرائيل والإمارات وكل الدول الداعمة لاثيوبيا لذبح وطن عمره ستة آلاف عام, بينما تسلم عصابة الانقلاب رقبة مصر للذبح في محاولة للإبقاء على الانقلاب وعلى رقبة قائده النكرة.
وفي الوقت الذي تسلم فيه رقبة مصر للذبح, يهلل الغوغاء من مؤيدي الانقلاب لذلك المتسول الذي خرب مصر غير مدركين للخطر القادم على رؤوسهم والذي لن يستثني احداً.
ما فعله ذلك النكرة في شأن ملف السد الاثيوبي يكفي لاعدامه مليار مرة حرقاً وهو أول من سيهرب ويترك البدائيين من اتباعه لتجرفهم المجاعة القادمة.
انقذوا مصر قبل أن تتحول إلى خرائب !!