أثناء مسرحية الانتخابات التي لم يحضرها أحد ووسط ولولة الإعلاميين ومطالبتهم الناخبين بالنزول للمشاركة.. ظهرت عدة مشاهد لفتيات يرقصن بطريقة محترفة أمام اللجان الانتخابية الخاوية وكان واضحاً أنهن يعملن بفرق الرقص الشعبي، وأن عصابة العسكر تستخدمهن لاجتذاب أكبر عدد ممكن من الناخبين، وانتشرت تلك المشاهد وحرص إعلام العسكر على بثها بعدما اضطر لذلك نتيجة لانعدام الإقبال على لجان الاقتراع.
لم تكن تلك المشاهد الراقصة هي الأولى من نوعها؛ فقد سبقتها عدة مشاهد قبلها في الاستفتاء على دستور العسكر الوهمي. والجديد في المشهد المخزي الراقص الذي انتشر في وسائل الإعلام التابعة للانقلاب بالأمس والذي يظهر فتاة ترقص على أنغام الموسيقى الهندية في مطار القاهرة ومعها عدد من الفتيات يشجعنها. إن ذلك المشهد المبتذل ترافق مع مشهد آخر لعارضة أزياء ترتدي النقاب على فستان عارٍ، وهو ما أثار سخط الجميع وذكرني أنا شخصياً بما قام به رجل الأعمال الذي مول مجزرة رابعة، المدعو نجيب ساويرس والذي كتب تدوينة سخر فيها من النقاب واللحية على حسابه بتويتر منذ عامين ونصف أو يزيد، ووقتها اشتعل الغضب وقرر المصريون مقاطعة شركة التليفون المحمول المملوكة له، ما اضطره في النهاية إلى إعلان اعتذاره.
واليوم بعد أن أصبح المسلمون في مصر (ملطشة)، وأصبح الدين عرضة للهجوم ليل نهار على قنوات يحركها (عباس) لم تعد تلك العصابات بحاجة إلى الاعتذار؛ فقد قتلوا آلافاً من المسلمين في يوم واحد في أبشع مجزرة عرفها تاريخ مصر الحديث.
سياسة الإرهاب التي ينتهجها الانقلاب من جانب وسياسة الرقص من جانب آخر هي امتداد لأحد منجزات العسكر منذ نشأة دولتهم. ففي الخمسينيات رقص أول وزير للإعلام (وزير الإرشاد وقتها) صلاح سالم عارياً في جنوب السودان إلا من قطعة ملابس تستر عورته. في الوقت الذي بدأ فيه اضطهاد الإخوان المسلمين وقمعهم وقتلهم في السجون وإعدام بعضهم. وفي الوقت الذي بدأت السينما في عهد الانقلاب الأول تعرض أفلاماً عديمة المضمون لا تحتوي إلا على الرقص والخمور وغيره، واستمرت تلك السياسة حتى أمسكت الراقصة الشهيرة سامية جمال بالبندقية وسهر الطيارون على أنغام صوت ماهر العطار ورقص زينات علوي حتى فوجئوا بالطيران الصهيوني يدمر سلاح الطيران المصري على الأرض وبالجيش الصهيوني يحتل سيناء، وبلغ حجم الهزيمة أن عدد أسرى جيش عبدالناصر كان أكبر من القدرة الاستيعابية للعدو؛ فكانوا يبادلون الأسرى بالبطيخ والشمام كما قال اللواء فؤاد حسين ضابط المخابرات السابق في كتابه (الخيانة الهادئة).
تحول العسكر إلى فرقة رقص شعبي حتى فوجئوا بأسرى جيش عبدالناصر الذين كانوا يذبحون أهل اليمن في القرى قبل سنة من الهزيمة، وهم يُنْقَلون على عربات النقل وقد جُرِّدوا من ملابسهم، لا تسترهم إلا ملابسهم الداخلية، بينما جنود العدو يركلونهم ويصفعونهم وهم ينادونهم بـ (الخرفان) كما جاء في فيلم (روح شاكيد) الصهيوني.
الرقص والابتذال والهجوم اليومي على الإسلام الذي يشنه إعلام الانقلاب والذي بلغ حد التطاول على نبينا عليه الصلاة والسلام، وحذف سير صلاح الدين وعقبة بن نافع من المناهج الدراسية ليس إلا مرحلة من مراحل (العلمنة القسرية) للشعب في محاولة لقطع صلة المصريين بدينهم، وهي محاولات تبدو مكشوفة للرأي العام في مصر، فلم تعد ألاعيب المخابرات الساذجة تلك تنطلي على أحد. وأنا اجزم أن تلك المحاولات لن تمر؛ فما أراه أنها تزيد الكثيرين تمسكاً بهويتهم الإسلامية، وهو ما يعني أن الانقلاب استعجل الدخول في مرحلة معركة الهوية وهو ما يجعل فرص فوزه فيها صفراً كما أرى ويرى الكثيرون.