اجهزة الاعلام تتفنن في تقسيم الجمهور إلى نصفين
جمهور عنتر ولبلب
جمهور لبلب الذي يكيل الصفعات لعنتر وهو يختبيء ويصنع المقالب المضحكة
صورة تلقى استسحانا كبيراً عن الكثيرين
جمهور تمت صناعته وفق قواعد فكرة الوطن التي صنعتها المحافل الماسونية في القرن التاسع عشر ثم صدرتها الى مصر والى اسطنبول ثم فاضت على باقي حواضر المسلمين المنكوبة
رفاعة الطهطاوي لا سامحه الله كان أول من نقل هذه الافكار الى مصر وتحدث عن (خدمة الاوطان)
وهذه افكار المحافل الماسونية الفرنسية وهي افكار تربى عليها جيل تسمم بالكامل ومن بعده جيل من انصاف المتعلمين تحول الى اعتناق هذه الافكار الموبوءة ثم انقسم الى قسمين, اسلاميين وغير اسلاميين
(فتجد اسلاميين بلحى يكررون هذه الافكار ويحدثونك عن “الاوطان” دون ان يعي احدهم معناها او يفكر حتى في الرجوع لاصولها وهؤلاء مسلحون بتفسيرات صنعها لهم علماء السلطان منذ زمن لفقوا بها معنى غير موجود لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين خاطب مكة وقت هجرته منها, فخيلوا للبسطاء انه كان يخاطب مكة كوطن وللاسف هناك اسلاميون بلا عقل يصدقون هذا التفسير للحديث مع انه من الواضح انه كان يخاطبها كاحب ارض الله الى الله لان بها بيت الله الحرام والرسول صلى الله عليه وسلم منزه عن تفسيراتهم هذه)
المهم انه بعد هذا كله تأتي مرحلة التقسيم داخل التقسيم
فبعد ان يقتنع الضحية بفكرة الوطن
(هو يمر بمرحلة غسيل مخ كاملة في المدارس ووسائل الاعلام والمقولات والثقافة العامة المحيطة به تحدثه عن الوطن)
يبدأ مرحلة جديدة يتقزم فيها انتماؤه من صنم الوطن الى صنم كرة القدم وناديه المفضل
فهذا يشجع الأهلي وذاك يشجع الزمالك
ثم بعد هذا تبدأ مرحلة تدمير جديدة لافكاره
فهناك حالة من بث الافكار الليبرالية والشيوعية في الاعلام
وهذه الافكار تختلط خلطا مريعا بالاسلام
مع وجود علماء دين (بلا دين) يأطرون لهذه الافكار عن طريق تلفيق تفسيرات مكذوبة لآيات الله او لاحاديث شريفة ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله
وهؤلاء جميعا يدورون في فلك صنم الدولة
وهكذا يتحول المسلم الى كائن مقسم موزع الولاء بين الدولة والنادي والحزب
وفكرة الدولة الوطنية هذه لا أصل لها في الاسلام ولكنها مرت بعدة مراحل (مرحلة التأطير لفكرة الوطن على يد رفاع الطهطاوي بعد ما اقتطع الاحتلال الفرنسي ارضا لعميله محمد علي ثم مرحلة انشاء المؤسسات في عهد العميل محمد علي ثم مرحلة ترسيخ هذه المؤسسات في عهد الاحتلال البريطاني ثم مرحلة مهاجمة أصل فكرة الخلافة بكتاب الماسوني علي عبد الرازق “الاسلام وأصول الحكم” ثم مرحلة التطويرات التي اقامتها عصابة ضباط يوليو على مؤسسات العسكر تحت اشراف المخابرات الامريكية)
وهذه البنية موجودة في كل قطعة مُزِّقَت من بلاد المسلمين
وبعد هذا تأتي مرحلة عراك هذه القطع الصغيرة أو الدويلات
وأول مرحلة في العراك هي مرحلة كرة القدم
وهذه شديدة السهولة وفيها يتم استخدام مهاويس معدومي العقل لتشجيع عاطلين غير متعلمين لا يعرفون في حياتهم سوى الركض خلف كرة
وتبدأ الخصومات المفتعلة في ساحات كرة القدم
وهذه ضرورية جدا للمخرج
فهذه المباريات تقسم الأمة الى (شعوب)
فهناك الشعب الجزائري والشعب المصري والشعب السوري والشعب التونسي والشعب السوداني .. الخ
وهذه مسميات غير حقيقية الهدف منها ترسيخ التقسيم والتفرقة النفسية وبث العداوات بين اجزاء الامة الواحدة بعد ان صنع المحتل لها حدودا
ثم بعد هذا تأتي ادوار اعقد
فالصراع الوهمي بين الامارات وقطر مثلاً
وهذه النوعية من صراع الديكة لها جمهورها من بسطاء العقول
ولكل واحد منهما التراس
والاعلام يعمل على إزكاء نار هذه العداوة
(واصلا قطر والامارات (ككيانات سياسية لا كأرض وقبائل عربية تسكنها) هما دولتان وهميتان)
ودقيقو الملاحظة ربما يلحظوا ان الجهد المبذول لتصوير قطر على انها دولة متقدمة طيبة لا يقابله في الاعلام الاماراتي جهد مساو له لنسف هذه الصورة مما يكشف عن نوع من التنسيق على اعلى المستويات
ثم بعدها يبدأ الصراع على مستويات ادنى على مستوى خبر هنا او هناك
والجمهور التعس يطرب لان قطر فعلت كذا وكذا اما الامارات ففشلت
نفس طريقة عنتر ولبلب الصبيانية
وهذا الاسلوب خطير جدا لانه يسعد البسطاء
وطبيعي ان يقع الجمهور في مثل هذه الفخاخ
لكن المشكلة تتضاعف اذا كانت النخب نفسها على نفس الشاكلة
المشكلة الكبرى ان هذه النخب قادمة من صفوف بسطاء العقول
جاؤوا بكل تحيزات بسطاء العقول وكل انفعالاتهم وسطحيتهم
المشكلة ان هذه ليست نخب وانها هم بسطاء عقول جلسوا في استوديوهات يحدثون الناس او صار لهم عمود يخاطبون منه الناس
الفكرة ان هذه النخب ليست نخبا في حقيقة الامر ولا يملكون افكارا
بل هم بسطاء عقول انتقلوا من مقاعد الجمهور الى مقاعد النخبة
كل ما حدث انهم قراوا مصادر تعليم بسطاء العقول التي يوزعها النظام العالمي على هذه الدويلات
وصاروا ببغاوات يمكنهم ان يكرروا ما في مصادر تعليم بسطاء العقول وان يحدثوا (زملاءهم من بسطاء العقول) عن الوطن والجيش الوطني
وهؤلاء (النخب) لانهم يفكرون بنفس طريقة عنتر ولبلب فليس لديهم سوى المزيد من ضخ هذه الافكار وزيادة مساحات الجهل.