منذ الأمس وهناك حالة من الرومانسية تجتاح القوم تشدقا بحرية وديمقراطية امريكا وبجمال وهدوء وحكمة الحاج (جو بايدن) حتى ليخيل إليك ان جو بايدن لم ينصب رئيسا للولايات المتحدة الامريكية التي تحارب الاسلام علانية أو في الغرف المغلقة، وانما تم تنصيبه رئيسا لهؤلاء المنافقين لتخليصهم من الأنظمة المستبدة
تكاد تتخيل وانت تتجول بين مواقع القوم وهم يمجدون في امريكا ويصفون أن بايدن بحكمته وبخطابه الهادئ سيعمل على رأب الصدع داخل الجسد الأمريكي، انك مواطن أمريكي وتكاد تشعر بالحب والفخر وانت تسمع مواصفات الرجل حتى يُخيل إليك ان سوبر مان (بايدن) يحلق فوق قبة البيت الأبيض لينقذها من الاشرار
تكاد تنطق وانت تقرأ لهؤلاء أو وأنت تشاهد قناة الجزيرة التي كانت تنقل للمشاهد المسلم كل همسة تحدث في امريكا بل ونقلت مذيعيها ومقدمي برامجها و استديوهاتها الى واشنطن منذ الانتخابات في نوفمبر وحتى تنصيب بايدن، أن بايدن ليس رئيسا للأمريكيين فقط، بل هو الخليفة المفدى الذي سيعيد الحقوق لهؤلاء الثكلى واليتامى والمكلومين، وتكاد لا تملك شعورك وأنت تشاهد الجزيرة التي ظلت تمدح في حلاوة وجمال وطعامة الديمقراطية والحرية في أمريكا إلا وأنت تنطق (لو لم أكن أمريكيا لوددت أن أكون أمريكيا) تحيا أمريكا .. تحيا أمريكا .. تحيا أمريكا (بصوت حسين رياض في فيلم رد قلبي)
تكاد الجزيرة أن تقول لكم بشكل غير مباشر ما قلناه و كشفناه من سنوات ان بايدن رئيس امريكا المنتخب وأي طرطور آخر يحكم أمريكا، أنه ليس سوى كفيل أو (الوكيل) لأمراء وملوك وطراطير العرب.
ثم تكاد الدهشة تقتلك كمدا وحسرة أكثر وأكثر حين تتجول في صفحات معارضي السيسي من ليبرالجية وبرادعوية ومسلمي معهد راند وأصحاب شعارات سلميتنا أقوى من البتنجان على مواقع التواصل الاجتماعي، وترى هؤلاء وقد رفعوا أياديهم للسماء يدعون الله للرئيس المسلم الحاج بايدن بأن يعطيه القوة والصحة والعافية وأن يقدره على تخليصهم من ديكتاتور ترامب المفضل ومن بقية الطواغيت العرب
تشعر وأنت تقرأ منشورات القوم وترويجهم لبايدن وديمقراطيته أن بايدن هذا هو حامي حمى المسلمين والخليفة المنتظر الذي سيعيد لهم وللمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حقوقهم المسلوبة، وتكاد وأنت تتابع هؤلاء أن تستحضر كلام صحيفة الأهرام العميلة حين دخل الإنجليز مصر فكتبت تطبل للإنجليز والخديوي المارق عن الدين فقالت (بشراكِ يا مصر بشراكِ فقد نلت المنى ودخلت العساكر الانجليزية باسم الحضرة الخديوية عاصمة بلادك فاحتلتها وقبضت على عرابي وطُلبة وإخوانهما واستلمت القلعة وقصر النيل وسواهما من المراكز القلعة وقصر النيل العسكرية وتسنى لسمو خديويك المعظم ان يتم فيك مقاصده النبيلة الايلة الى نجاحك وانفتحت لأبنائك أبواب العصر الجديد فادخلوها بسلام آمنين، وارتع بها أيها الأمير في بحبوحة النصر والظفر واهنأ فإن لك من المهيمن عضدا وعونا ومصر تناديك انت روح البلاد فيك حياتها اطال الله بقاء سموك وحفظك انجالك الكرام) 🙂 🙂 🙂
تكاد تسمع القوم يقولون تلك الخطبة الافتتاحية العصماء التي كتبتها الأهرام في حضرة الانجليز ليسقطونها على زعيمهم الجديد بايدن، متناسين أن بايدن هذا هو رئيس لأمريكا التي سلبت حقوقهم وقتلت المسلمين في العراق وأفغانستان و تآمرت على مسلمي سوريا ومصر واليمن وليبيا وسلطت عليهم مجموعة من موظفيها المجرمين الخونة
تكاد تتخيل وأنت تقرأ لهؤلاء أن بايدن سيكون رئيس لبلد آخر غير امريكا التي أسست معهد راند وكارنيجي والشرق الأوسط للدراسات وغيرهم من معاهد ساهمت في تغيير هوية المسلمين وخلقت من المسلمين الجدد جيلا لا يعلم عن دينه سوى أن اسمه الإسلام
هؤلاء القوم يعتقدون ان بايدن هو الخليفة المنتظر الذي سيخلص مصر من ديكتاتور ترامب المفضل وان السيسي منذ تنصيب بايدن وهو لا يستطيع النوم وان الرجل اصبح في خبر كان، وهم لا يعلمون أصلا أن هناك مراحل لكل شئ حتى شاويش الانقلاب له عمر افتراضي مثله مثل المقبور عبد الناصر مثل الرئيس المؤمن السادات مثل الهالك المخلوع
حين تنتهي أدوارهم لأي سبب من الأسباب تتحرك كل القوى بالداخل وبالخارج للإتيان بالعميل الجديد (وهذا الكلام شرحته من قبل)
البعض للأسف لديه ذاكرة سمكية وينسى ما فعله الرئيس الذي وصفه البعض أيضا وقتها بالهدوء وبأنه حامي الديار الإسلامية وتفاءلوا به خيرا حين ألقى خطابا دغدغ به مشاعر المسلمين في جامعة القاهرة، والذي تمت في عهده مجازر للمسلمين لم نسمع عن مثلها من قبل
ففي عهد الرئيس (المؤمن) أوباما حدثت مجازر وضرب بالكيماوي للمسلمين في سوريا ولم تتحرك حكومته. أضف إلى ذلك حرب الإبادة التي تعرض لها المسلمين في أماكن أخرى متفرقة في العالم
بل أن ديكتاتور ترامب المفضل انقلب على الرئيس مرسي وخطفه واعتقل قيادات الاخوان المسلمين في عهد أوباما ومجزرة رابعة التي راح ضحيتها ما يزيد عن عدة آلاف تقدرها بعض البيانات بأنها تجاوزت عشرة آلاف مسلم في ذلك اليوم فقط تمت في عهد أوباما وبمباركة بايدن
بل أن مخطط تفتيت المنطقة تمهيدا لإعلان اسرائيل الكبرى (ما يسمى بالربيع العربي) تم تدشينه في عهد الرئيس أوباما الذي كان الرئيس المسلم جو بايدن نائباً له وأحد المنفذين الفعليين لهذه المخططات
باراك أوباما الذي تفائل به مسلمو معهد راند ودراويش الحركات الإسلامية الذي يتقافزون الآن فرحا بفوز الخليفة الجديد بايدن، فعل بالمسلمين أكثر مما فعله الملعون ترامب ولكن بهدوء وبابتسامة واسعة
أوباما هو من أعطى الضوء الأخضر للحروب التي اجتاحت الدول المسلمة معتمداً على الدعاية التي سبقته والتي روجت لها وسائل الإعلام الأمريكية وروج لها الإخوان بأنه مسلم وأن اسمه باراك حسين أوباما وتلقفه العرب والمسلمين بترحيب شديد أيضا بسبب السمعة السيئة التي خلفها سلفه جورج بوش الذي قام بغزو العراق وقتل وتغريب المسلمين
والحقيقة أن هؤلاء المهللين المبتهلين لم ينتبهوا لتصريحات وزير خارجيته الجديد الذي قال أن السفارة الأمريكية في دولة الاحتلال ستظل في القدس وأن القدس هي عاصمة (لإسرائيل)
بل ولم ينتبهوا أيضا للصفة الرسمية الجديدة لسفير بايدن الجديد في القدس ليصبح توصيفه الرسمي ( السفير الأمريكي لدى إسرائيل والضفة الغربية) وهذا معناه باختصار أن الضفة الغربية أصبحت أرضا تابعة للاحتلال
المشكلة الرئيسية أن حضرة البردعاوي و الإخواني والسلفي وكل الأطياف السياسية التي تطبل للخليفة الجديد بايدن يبدو أنها نسيت في غمار فرحتها ان مؤسسات العسكر التي يقول بعضهم أنهم يعارضونه هي صناعة أمريكية وهناك تقرير قدمه ضابط المخابرات الأمريكي جيمس ايكلبرجر لقائد الانقلاب الأمريكي عام ٥٢ المجحوم عبد الناصر يثبت أن الفكر الذي تقوم عليه المؤسسات في مصر إنما هو فكر رجال المخابرات الأمريكية
هذا التقرير الذي نشرته منذ عدة سنوات وتحدثت عنه في إحدى حلقات البث المباشر، تحت عنوان (الأنظمة الثورية ومشاكل السلطة) يوضح أن مؤسسات العسكر صنيعة أمريكية وأن ضباط السي آي ايه هم من أوصوا عبد الناصر بمنظومة القمع حتى يتمكن له حكم مصر وحتى تمنع الشعب من تهديد منظومة الحكم ليصبح من المستحيل على الشعوب الثورة على هذه الأنظمة وأن الإجراءات التي تقوم بها حكومات العسكر ما هي إلا عبارة عن توصيات أمريكية هدفها أولا وأخيراً الحفاظ على منظومة الحكم العسكري في مصر ولذلك فأمريكا يمكنها التخلص من عميلها في القاهرة فقط ان شعرت بخطورته على هذه المؤسسات وليس بسبب فساده أو ديكتاتوريته الشاويش الذي يحكم مصر كما يتخيل الغثاء
وبدلا من أن يتمسح هؤلاء في الحذاء الأمريكي الجديد عليهم أولا إن أرادوا حقا التخلص من الطغاة والمستبدين (الذين هم أحد أدواته)، أن يعترفوا أولا بخيانتهم للثورة وللبلد وأن يعلنوا الخروج تماما من المشهد وأن يتركوا الساحة تماما لمن يريد الثورة ولمن يريد التغيير حقا
وعلى المسلمين الذين كفروا بأصنام الدولة والوطن والحدود البعد عن أصحاب الشعارات الرنانة من الإعلاميين المرتزقة وماسحي الأجواخ وأن يبحثوا بأنفسهم عن أسباب النصر بعيداً عن أوهام الجيش الوطني والحدود وبعيدا عن الحفاظ على المؤسسات التي صنعها المحتل وأن يكون هناك تدشين فعلي لثورة حقيقية للتخلص من العسكر ومؤسساته العميلة ومن كل الحكام العملاء خدم النظام العالمي
أقصر الطرق لإستعادة أمتنا الاسلامية مكانتها المفقودة أن يعود المسلمون إلى التمسك بتعاليم الدين الحنيف وشريعته التي ارتضاها الله لنا
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
جو بايدن مين دا اللي حاطين علبه الامال