وهؤلاء البائسون يحدثونك عن الوطن ويمكن للواحد منهم ان يجادلك بالساعات عن ان حب الوطن من الدين
وذلك البائس السائر على محيط دائرة رسمتها له العقول الاستعمارية التي ضخت فكرة الوطن لمحاربة فكرة الدين لا يدرك ان ما يعتنقه هو مجرد سراب
و هؤلاء البائسون في الحركات الاسلامية المنساقون خلف كلمة “الوطن”
لا يفكر الواحد منهم أن يسأل نفسه, متى صار حب الوطن (المزعوم) من الايمان ؟
ولا يفكر أي منهم في أن يسأل نفسه متى تراكمت كل تلك الخرافات عن الوطن ؟
هل كان المسلمون الذين واجهوا الحملة البريطانية في رشيد والحماد يدافعون عن الوطن المزعوم ؟
بل كانوا يهتفون (حي على الجهاد) كما يمكن أن تجد في كتاب الجبرتي
هل كان السلطان صلاح الدين الأيوبي يدافع عن (الوطن) حين حرر مصر من العبيديين ودمر جيشهم في مصر ثم انطلق لتحرير القدس ؟
هؤلاء المساكين يرددون كالببغاوات تفسيرات اجهد علماء السلاطين الماسونيين أنفسهم بعد أن لووا عنق الأحداث ليفسروها وفقاً للعقيدة الجديدة
كأن يفسروا خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم لمكة على أنه خطاب للوطن (وحاشاه صلى الله عليه وسلم )
مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم حارب جيش مكة ودمر مؤسساتها ودخلها بجيشه ولم يقبل إلا بتحطيم أصنامها
بل ولم يُدفن جسده الشريف بها واختار ان يعود إلى المدينة
والصحابة أنفسهم رضي الله عنهم دُفنوا في المدينة
فسيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان دُفنوا بجانب النبي صلى الله عليه وسلم
بل وكانوا يحكمون دولة الإسلام من عاصمة أخرى هي المدينة وكان بمقدورهم أن ينقلوها إلى مكة لو كانوا يفكرون بمعايير الوطن
قبل أقل من قرنين لم يكن هناك وطن
كان هناك إسلام فقط
هكذا ببساطة
فكرة الوطن هي فكرة علمانية نشأت في فرنسا
والعلمانية بمجموعة أفكارها هي منتج ماسوني
ان فكرة الوطن لم تدخل إلى مصر الا مع عودة رفاعة الطهطاوي من بعثته في فرنسا والتي جاء منها محملاً بكل تلك الأفكار الماسونية الضالة عن الوطن وغيره وبشر بها بين المنبهرين المنهزمين
ومن فكرة الوطن والانتماء للأرض نشأت فكرة (جيش الوطن) والجندي المواطن الذي يحارب من أجل الأرض ويموت ويعيش من أجلها
وهو نوع من عبادة الأصنام الحديث لا ينتبه إليه من يقعون فيه
والأمر اشد سوءاً حين يصدر هذا من إسلاميين فبدلاً من أن يهدي هؤلاء الناس, نجدهم يتحدثون عن (الوطن) !!
وهؤلاء حاولوا التوفيق بين الإسلام وبين تلك الأفكار فجاؤوا بمسخ فكري لا هو إسلام ولا هو علمانية.
ان كل ما ينقله هؤلاء من جهالات عن الوطن وهذه التخاريف هي تفسيرات عمل على ايجادها علماء السلطان استجابة لأوامر الحكام العملاء المعينين لكن لا أصل لها في الإسلام ولا الرسول صلى الله عليه وسلم قال من مات دون أرضه فهو شهيد !
وينسى هؤلاء المساكين في الحركات الإسلامية ان الحركات التي ينتمون إليها لم تكن لتقوم لو كان الاسلام يحكم وأن قيام حركاتهم الاسلامية التي انضموا إليها لا يعني الا ان الإسلام قد أزيح من الحكم وأن هذا يعني بالتالي ان لديهم مشكلة مع الأنظمة في تطبيق الإسلام.
وبعض هذه الحركات تنسى كل هذا وتدخل في مسار معقد من التنازلات الفكرية, فترضى بترديد سخافات مثل الوطن والمؤسسات الوطنية والجيش الوطني, متناسين ان حركاتهم ما قامت الا لأن المحتل اقام في بلادنا تلك الأنظمة بعد ان فكك بلادنا وعينهم وان المؤسسات التي يمدحونها و يتعهدون بالحفاظ عليها ما قامت الا لمنع تطبيق الاسلام وان حركاتهم الاسلامية ما قامت الا كرد فعل إزاء هذا.
وما نراه اليوم هو عبث في جينات تلك الحركات الاسلامية وتهجينها لكي تصل إلى مرحلة حركة النهضة في تونس والتي تنازلت عن كل شيء الا بقايا لحية الغنوشي
ان مسار التهجين والتنازلات الفكرية الذي يسير هؤلاء الببغاوات الذين يرددون جهالات كالوطن والمؤسسات وغيرها من السخافات العلمانية (ذات الأصل الماسوني) ربما يقودهم عما قريب أن يصبحوا مهرجين كعبد الفتاح مورو.
في الإسلام لا يوجد شيء يسمى الوطن
حب المكان الذي ولدت فيه والتعلق بذكرياتك أمر يختلف كثيرا عن التعريف الماسوني للوطن الذي يردده هؤلاء الببغاوات