ماذا لو تحولت حالة الإحباط الهائلة التي اصابت المصريين بعد هزيمة 67 إلى غضب حقيقي ؟ تصور مظاهرات ضخمة تحاصر عبد الناصر في منشية البكري والجماهير تحمل المشاعل وحرس عبد الناصر يفرون في كل اتجاه والجماهير الغاضبة تفتك ببعضهم. ربما كان هذا ما حلم به ثروت أباظة حين كتب (شيء من الخوف) وربما أكثر. اشرد بخيالك إلى ما بعد نهاية فيلم شيء من الخوف, وتصور الجماهير تمسك بعد الناصر من قفاه بعد أن تقتحم فيلته في منشية البكري وتسحبه خارج الفيلا, الجماهير الغاضبة تبصق على عبد الناصر وبعضهم يشبعه ركلاً حتى تعلو أصوات بعض العقلاء. اتركوه سليماً نريد أن نحاكمه .. نريد ان نعلقه على المشنقة هو وكل رجال نظامه .. نريد اعترافات على الشاشة. حسناً لم ننته بعد لا تحاول فرملة خيالك .. اطلقه واتركه يتوحش ويُصاب بالسعار ولا تحاول الإمساك به ! تصور حين يتم القبض على كل رجال عبد الناصر, مشاهد جديرة برواية. لم اجرب حظي في الكتابة القصصية من قبل ولكن الفكرة مغرية بشدة, وربما اجرب ان شاء الله في المستقبل, إذا من الله عليّ بالوقت والبال الرائق .. ربما !! على كل حال ليس هذا موضوعنا. أنت الآن تراقب خيالك يحلق .. نظام عبد الناصر كله يتساقط كقطع من الدومينو. في الصفحة الأولى للأخبار تجد صورة عبد الناصر ووجهه للحائط وعلى وجهه تبدو آثار الضرب. شمس بدران جزار عبد الناصر يجلس القرفصاء ويداه مكبلتان خلف ظهره منكساً رأسه يحيط به عدد من طلبة الجامعة. طلبة الجامعة يقتحمون وزارة الدفاع وفيلا عبد الناصر وفيلا عبد الحكيم عامر ورئاسة الجمهورية والوزارات. وثائق الاتصالات والرسائل المتبادلة بين العدو الصهيوني وعبد الناصر تُنشر في الصحف وضباط جيش عبد الناصر يخلعون زيهم العسكري ويفرون لا من العدو الصهيوني هذه المرة بل من الشعب. مظاهرات مليونية وحشود ضخمة ترابط يومياً حول الوزارات وحرس شعبي يتشكل ومحاكمات علنية لعبد الناصر وعصابته. منظومة الضباط الصهاينة تنهار في مصر .. تهم تجسس بالجملة .. اعترافات عبد الناصر على شاشة التليفزيون .. قلق وذعر بين قادة الكيان الصهيوني. ووسط هذه الأحداث المشتعلة هناك من ينجح في تهريب شمس بدران وحمزة البسيوني. ادر مؤشر الخيال قليلاً للأمام قليلاً بعد إعدام عبد الناصر وشلته وتصور شمس بدران يروي ذكرياته من لندن ! تصور شمس بدران الجزار الذي يستحي ابليس من المذابح التي ارتكبها وهو يحاول تلميع نفسه في برنامج من لندن ! لابد أنك ستصاب بارتفاع الضغط وستسب البرنامج الذي استضافه .. لابد أن فكك السفلي سيهبط وتعجز عن النطق لحظات وأنت ترى البعض يتعاطف معه. ستعجز وقتها عن الرد حين تسمع من يقول أنه لابد من استيعاب شمس بدران وحمزة البسيوني, في الصف الثوري فالجميع اخطأ ! الاستماع لهؤلاء يحتاج لقدرات نفسية لا تتوافر لأمثالك من البشر العاديين. وهو نفس ما يصيبني تقريباً وأنا استمع لمن يحاول التبرير للمدعو البرادعي. والبرادعي الآن لم يعد يكتفي بالنعيق على تويتر بل اصبح يمارس هواية (التنطيط) على الشاشة ويكاد يشعرك أنك تستمع للفريق الشاذلي رحمه الله في برنامج شاهد على العصر. والبرادعي لا ينعق على تويتر من تلقاء نفسه, فالبرادعي كغراب في ساعة حائط قديمة, لا ينعق الا حين ينخسه أحدهم. والبرادعي ليس إلا قاطرة تجر خلفها شلة (مش عاوزين مرسي) لا أكثر ولا أقل. المقصود هو التمييع الذي يمهد لقبول ما بعده. وهي حالة يسوق لها سلمان وينفق من أجلها الأموال, حتى يمكن طي صفحة الرئيس مرسي والقبول بطرطور مختوم في وزارة الخارجية الأمريكية بعد أن نفذ الرويبضة الانقلابي وعصابته ما هو مطلوب منهم. ولذلك لم اندهش حين مررت بعيني على ما كتبه الأستاذ جمال سلطان عن البرادعي بلهجته المنطفئة التي اعتادها والتي تذكرك على الفور بحزب النور وبرهامي. فالرجل شديد الإخلاص لآل سعود الذين يمولونه عبر عدة مؤسسات منها المنتدى الإسلامي ومجلة البيان وغيرها. الرجل يعمل وفق أجندة آل سعود بشكل مفضوح وبطريقة قد تبدو لإخواننا الذين سقطوا في فخ ما يسمى بالاصطفاف الثوري, بريئة ! وآل سعود يعملون بدورهم وفق أجندة أمريكية واضحة من البداية, يراها من لا زالوا محتفظين بعقولهم. والمال لم يكن أبداً مشكلة لآل سعود, فقد انفق المقبور عبد الله مليارات الدولارات ليقع الانقلاب على الرئيس مرسي وانفق شقيقه مليارات لتسليم تيران وصنافير للكيان الصهيوني ويقول بعض العالمين ببواطن الأمور أنه ينفق الملايين على قناة أيمن نور صاحب التوجه العلماني والمشتاق لمقعد الرئاسة. ومما لا ينفصل عن نعيق البرادعي, أن تقرأ تحليلاً راقصاً لأيمن نور في ( الميدل ايست آي ) يقول فيه بلهجة المحلل السياسي العتيد أن سلمان رقص في قطر وليس في دبي وهو ما يدل على أن سلمان سيتجه للشراكة مع قطر وليس مع الامارات ثم تقرأ ما قاله جمال سلطان منذ فترة عن مغادرة سلمان للدوحة قبل وصول محمد بن زايد ودلالات هذا لتدرك في دهشة أن الاثنين يحاولان في استماتة تسويق وليّ النعم, غير أن الأول اضاف بعض ما يشعرك بأهميته وبما يناسب دور الطرطور المحتمل الذي يسعى لاداءه, فقال أنه كان يعرف سلمان منذ كان أميراً. ونحن يا أخ أيمن سقطنا على الأرض انبهاراً وشهقنا وفغرنا أفواهنا فهلا كلمته يا ذا الحظوة أن يعيد لنا الجزيرتين اللتان سرقهما ؟ ما علينا المهم أن مرجان بيحب جيهان وجمال سلطان بيحب جيهان وليس هناك ما يعكر صفو الوداد. والبرادعي يغني وأيمن نور وشلة (مش عاوزين مرسي) تصفق وتهتف الله عليكي يا ست ثم يغني البرادعي, فيطرب له جمال سلطان والاثنان يجمعهما الإخلاص لولي النعم سلمان سارق صنافير وتيران. المثير للاشمئزاز حقاً في كل هذا, ليس هذا (التنطيط) الذي يمارسه جواري التمويل السعودي, بل أن اجد البعض يناقش مجرد مناقشة .. ما يقوله ذلك البرادعي. الحالة بالنسبة لي كلها تشبه موقف محمد هنيدي حين دعته فتاته الصينية للعشاء فوجد عصا تمتليء بالصراصير في طبق طعام أمامه على الطاولة. فرد عليها قائلاً (ده عندنا بنضربه بالشبشب يا لي) وهو بالضبط ما اشعر به حين اقرأ ان البعض يبرر للبرادعي بدعوى ((الاصطفاف)) ولست هنا اشبه البرادعي بالصرصور ولا اقلل من قدر الرجل, فلا قدر له عندي لأقلل منه, بل اشبه الحال بالحال. فهذا شخص ارتكب جريمة الخيانة العظمى وباعترافه وفي اكثر من مناسبة وكأنما يخرج لسانه للجميع وهو شخص مكانه الطبيعي حبل المشنقة بتهمة الخيانة العظمى فور سقوط الانقلاب. انها (السنون الخداعات) حيث يُخون الأمين ويصدق الخائن وينطق الرويبضة.