يجلس نتن ياهو وهو ينظر للشاشات التي أمامه وهو يشاهد صواريخ القسام وهي تصل إلى مطار بن غوريون تارة وإلى أماكن متفرقة في تل أبيب تارة أخرى
عيناه يملأها القلق فهذه المرة الأولى التي يُقصف فيها مطار بن غوريون
على بعد آلاف الأميال يجلس الرئيس الأمريكي بايدن وهو يتابع ما يحدث في غزة وحوله العديد من المستشارين
هذه الصواريخ المنهمرة على إسرائيل لابد أن تتوقف … يحدث بايدن مستشاريه
فالمقاومة في غزة في نظر بايدن ونتن ياهو ومن يضعون المخططات للشرق الأوسط يرون أن الفلسطينيين في الأرض المقدسة هم عبارة عن أنابيب ضخمة يتجمع فيها الماء خلف السد المنيع (إسرائيل) الذي اقاموه في منطقتنا ليفصل بين المسلمين ويرون أن المقاومة في غزة هي أكبر أنبوب تتراكم فيه المياه وتستطيع تحريك المياه في الأنابيب الأخرى التي تم إغلاقها منذ عقود
ويرون أنهم لو تركوا المياه تتراكم أكثر قد تكتسح هذه المياه جدران السد ولن يستطيع أحد وقتها إيقافها، وهذا ما رسمته خريطة الأحداث في المعركة الأخيرة
وقف نتن ياهو ورفاقه من حكام وقيادات عملاء يراقبون ذلك الماء الذي انهمر في غزة من وراء السد وهو يحدث نفسه كيف يمكن لنا إيقاف ذلك الماء المنهمر
في البيت الأبيض، الجميع حول بايدن ينظرون بقلق، ومنسوب المياه يعلو ويزيد على المتوقع..
أحدهم يصرخ وهو مرعوب
إذا لم نتصرف فسوف يحطم اندفاع المياه جدران السد وكل البلاد التي تحيط به وسوف تتحطم تماثيل الحكام العملاء الخونة وجيوشهم التي تقوم بحماية السد
وسنغرق جميعا..
أحدهم يهتف: أغلقوا ذلك الأنبوب الصغير (مشيراً إلى غزة).
ينظرون إليه في استهتار، كيف لنا أن نغلق ذلك الأنبوب؟
يجيبهم بهدوء
إغلاق الأنبوب الصغير سيؤثر على اندفاع المياه من باقي الأنابيب فتقل هي الأخرى، نحن نعزف على عاطفة الشعوب، والشعوب العربية تمتلك ذاكرة سمكية، وغلق هذا الأنبوب لن يكلفنا سوى عدة ملايين من الدولارات ولكنها ستمثل ضربة معنوية عنيفة لمن يقفون خلف باقي الأنابيب، وبالتالي نعطل اندفاع الماء قليلا حتى نعيد بناء ما تم تخريبه في جدار السد.
ينظر بعضهم إليه في استحسان، دون أن يتكلم وفجأة يصيح بايدن
أغلقوا الأنبوب الصغير..، وسرعان ما انتقلت إشارة إلى السيسي الذي يغلق المعابر المؤدية إلى هذا الأنبوب الذي يهدد السد بالزوال فأسرع ليعلن عن قبوله المهمة ولكن لابد أن يكون هناك خطة لإقناع الجميع أن تدخل مصر سيكون لصالح الأنبوب (قال أحدهم).
الجميع يتساءلون في حيرة: كيف يمكن أن يحدث هذا؟
عشرات الاسئلة تدور في الغرفة المغلقة
قال أحدهم لن يقتنع رجال المقاومة بدور لمصر وهي التي أغلقت المعابر
وقال آخر، لن يقتنع أهل غزة بدور للسيسي الذي قتل شعبه
وقال ثالث، لن يقبل رجال حماس وضع أيديهم في يد من حاصر غزة مع إسرائيل
فنظر رابع لهم وكان أذكى من بالغرفة وقال نعم كل ما قلتوه صحيح، ولكن لو أن مصر تقدمت بطلب لوقف إطلاق النار ومحاولة عمل هدنة بدافع توفير المواد الغذائية والطبية لأهل غزة سيكون وقتها دور مصر طبيعي فهي الأقرب حدوديا لغزة
وسيكون قبول أمريكا وإسرائيل لطلب مصر وقع السحر على أهل غزة
نظر بايدن لصاحب الفكرة وابتسامة كبيرة تغزو وجهه.
فها هي فلسطين بعد أن قاموا في الماضي بغلق بعض أنابيب المياه فيها تارة بياسر عرفات وأخرى بمحمود عباس ستقوم مصر هذه المرة بغلق هذا الأنبوب الذي يصنع الكثير من الضجيج وتكاد المياه التي تنهمر منه تهدم السد!
وعلى الفور تصدر الإشارة إلى العملاء ليعلن خطة إيقاف الأنبوب عن ضخ المياه.
على المكتب البيضاوي يجلس كبيرهم ويراقب خريطة أنابيب المياه خلف السد وقد انغلق اثنان منها، تم تظليلهما باللون الأسود وعلى الأنبوب الثالث وضع علامة استفهام.
وبالفعل بدأ المخطط على الفور ويبدو أن غزة قد ابتلعت الطعم فها هو مقترح مصر لوقف إطلاق النار ينال استحسان أمريكا والاتحاد الأوروبي، بل أن القضية الفلسطينية أصبحت تلقى تعاطفاً من الجميع
كانت الخطوة التالية هي خطة بايدن لإعادة إعمار غزة وهي خطة مشروطة أهم شروطها تحجيم المقاومة المسلحة، وهي الخطة التي ينفذها السيسي الذي استطاع بموضوع وقف إطلاق النار أن يحصل على شرعية دخوله ومخابراته وشركاته العسكرية إلى غزة
رؤية عباس كامل رجل السيسي الأول وذراعه المخابراتية القذرة في غزة تثبت فعلا أن العرب والمسلمين يتمتعون بذاكرة جيم كاري وكيت وينسلت
وقف بايدن ونتن ياهو يراقبان المياه، وقد خفتت، وتحول هدير الماء إلى مجرد خرير
قال لنفسه: الآن تبدأ المرحلة الثالثة، التي قد تستغرق وقتا، المهم أن يتوقف اندفاع المياه.
الآن سنقول لهم إن الأنابيب يجب أن تتراص في اتجاه واحد، ولهدف واحد، سنطلق مصطلحا يبدو أنيقا، يشغلهم بعض الوقت (وهي نفس اللعبة التي لعبناها على المصريين ليستقيم الأمر للسيسي).
على أنابيب المياه أن تصطف حتى تستطيع كسر جدار السد.
ماذا تقصدون بهذا الاصطفاف؟
هل المقصود أن تضع أنابيب تضخ مياه المجاري والسوائل الأخرى مع الأنابيب التي تضخ مياه نقية؟
أسئلة كثيرة
لأ… المطلوب أن تقف كل الأنابيب خلف أنبوبة مياه المجاري (السلطة الفلسطينية)
المطلوب أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الحاضنة والممثلة للبيت الفلسطيني
المطلوب تسليم غزة إلى منظمة التحرير الفلسطينية يعني باختصار علمنة الحكم في غزة
وللأسف هذه هي الرسالة التي حملها اليوم عباس كامل مدير مخابرات السيسي، أن ينضوي الجميع تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية
تصور ما الذي كان من الممكن أن تفعله هذه الأنبوبة الممتلئة بالمياه بالسد لو لم يستخدم هؤلاء معهم تلك الأساليب الخبيثة؟
كيف كان من الممكن التغلب على اندفاع وحماسة رجالها وجهادهم لولا حرب التعطيل التي ينفذها الآن السيسي وأذنابه ضدهم ؟