دور قطر
بعد مجزرة #رابعة كان لابد من تفريغ حالة الغضب العارمة في الشارع المصري والتي انذرت بحدوث انفجار (وهناك مؤشرات كثيرة على ان المجزرة وحالة الغضب التي تلتها كانت ضمن حسابات الاجهزة التي خططت للانقلاب حتى قبل تنفيذ الانقلاب على الرئيس مرسي بفترة طويلة).
كان لابد من احتواء أثر المجزرة لتأمين الانقلاب لأن هذه النقلة كانت أكثر نقلات الانقلاب خطورة ولو لم يتم اللعب بطريقة صحيحة لكان من الممكن ان تهدد الانقلاب كله فكان من الضروري تفريغ رد الفعل في مسار بعيد تماما
كانت النتيجة الطبيعية لمجزرة مهولة مثل رابعة واذا سارت الامور على طبيعتها ان تتم تغطيتها اعلاميا بشكل احترافي يهز ضمير العالم كله وفي الوقت نفسه ان يتصرف من يتصدرون المشهد بصورة صحيحة وهو تعبئة مشاعر الناس حلو المجزرة وتقديم رواية صحيحة تماما
وهي ان العسكر يشنون حرب ابادة ضد الشعب وان العسكر قوات احتلال تحارب الإسلام
كان دور قطر هو تغطية احترافية للحدث لا تخفي أيا من تفاصيله بل وتبرزها جميعا ولكن مع تقديم المسألة كنتيجة لصراع سياسي وليس كحرب إبادة وحرب على الاسلام وتم ذلك بأسلوب شديد البساطة وهو تحويل الموضوع إلى رأي ورأي آخر.
وفي الوقت الذي احتفظ به إعلام العسكر بنقاء السرد الانقلابي وتقديم رواية واحدة وتجييش مشاعر جمهوره وتلقينه بالرواية العسكرية المخابراتية للأحداث ليبقى متكتلاً خلف العسكر بينما قدمت الجزيرة تحت ستار أكذوبة الرأي والرأي الآخر, الروايتين مترافقتان وعملت على احداث تفتيت تدريجي بتخفيض سقف الجريمة من حرب شاملة على الاسلام في مصر الى مجرد صراع سياسي.
وساعد على ابتلاع هذا الأسلوب الخبيث, سذاجة من يتصدرون المشهد
وهكذا فتحت الدوحة أبوابها لاستقبال الانقلابيين على شاشاتها مع تقديم برامج حوارية وإخبارية ساخنة وتغطية شديدة الاحترافية كانت تصلح في أجواء معركة انتخابية ولكنها تعتبر هزلاً في أجواء تلت مجزرة سفكت فيها دماء الناس.
ومع ان مناهضي الانقلاب حققوا كثيرا من الانتصارات الاعلامية على الانقلابيين على شاشات الجزيرة الا ان ذلك لم يساعد ضد الانقلاب, فكل هذا كان يستنزف طاقة معسكر مناهضي الانقلاب ويكسب وقتا للانقلاب
في الوقت الذي حرصت فيه الجزيرة على غرس خطاب انقلابي داعم ضمنياً لـ 30 يونيو مثل تسمية الرئيس مرسي بالرئيس المعزول, وهي تسمية خبيثة, لا يمكن فهمها الا اذا نظرت اليها من وجهة نظر الانقلاب الذي قال للناس ان الجيش تحرك لعزل الرئيس مرسي بسبب الغضب الشعبي !!!
بالاضافة الى الفواصل المتكررة التي كانت تهدف الى غرس فكرة ان التجمع الانقلابي في 30 يونيو كان ثورة مثل العبارة التي قالها دكتور سيف عبد الفتاح وهو يصف 30 يونيو بالثورة ويحذر من سطو الجيش عليها, بالاضافة الى الى فواصل عن الشعب الغلبان (محدش مطلع للغلبان) والتي كانت تتكرر لتحفيز شريحة لا تهتم الا بالمستوى المعيشي بحيث يصبح هذا من مكونات الخطاب السياسي لمناهضي الانقلاب مما يزيد في ارباك وتشويش الصورة لدى مناهضي الانقلاب.
بالاضافة الى ذلك كانت تتم تغطية للمظاهرات (وهي تغطية احترافية تماما) مع إبراز مشاهد السلاسل البشرية مع التركيز بالكاميرا على محدودية العدد.
بالطبع لم يكن مذيعو قناة الجزيرة ينفذون هذا بوعي ولكنهم يتبعون سياسة تحريرية تُفرض عليهم من القناة التي تمنحهم رواتبهم.
كانت السياسة في المرحلة الأولى هي انهاك ثور الحراك ببطء لكسب وقت لمصارع الثيران حتى إذا انتهت هذه الفترة سقط الثور خائر القوى.
وبالطبع بدا للجميع أن السيسي وتميم على خلاف ولكن الكثيرين لم يفطنوا أن قطر دولة صغيرة مثلها مثل الإمارات وأنها تحت سيطرة أميركية كاملة وان إدارة أوباما التي دعمت الانقلاب لن تسمع لدويلة صغيرة مثل قطر ان تغرد خارج السرب خصوصا ان بها قاعدتان عسكريتان أمريكيتان
وللحديث بقية ان شاء الله