آيات عرابي تكتب| مدام جفاف

تاريخ النشر: 30-5-2017

حول المجرور تجمعت قبيلة صغيرة 

عددهم لا يزيد عن 20 

الأمهات يقمن بطهو عظام حيوانات عثر عليها أولادهن 

قدر قديم تتصاعد منه رائحة العفن 

أصوات متداخلة 

مدام عفاف التي صار اسمها جفاف (تشخط) في طفل ما 

الطفل يعود لأمه باكياً 

مدام جفاف رفضت أن تعطيه كسرة عظام قبل أن يكتمل الطهو 

مشاجرة يومية تقوم حول كسرة من العظام 

الشرر يتناثر من عيني الأب ويحمل عصا غليظة يحتفظ بها خصيصا من أجل هذه المناسبات 

زوج مدام جفاف يعترض طريقة ويبدأ الاثنان في العراك 

مشاحنة قبلية يومية على الماء الآسن والطعام المكون من عظام 

تلوح انفراجة للأزمة حين تتعالى بعض الأصوات الجالسة حول النار 

حنكش وعجوة ظفرا بجثة حمار 

سرقاها من مخزن قبيلة بعيدة 

لم يرهم أحد 

يسري جو من المرح في علب الصفيح المحيطة بالنار 

عشاء فاخر 

منذ سنوات جف النيل وهاجر السكان 

بعضهم هلك في الصحراء القاحلة في طريقه بحثاً عن الماء 

بعض المحظوظين اقاموا مستوطنات حول مصارف المياه التي أخذت تجف بسرعة 

هناك من بينهم من يفهم في تقطير مياه المصارف 

هؤلاء هم ملوك العالم الجديد 

يحظون بالطعام والشراب

يتناولون أفخر قطع لحوم الحمير 

تحجز لهم القبيلة جلد البقر القديم المدبوغ 

لا تخلو الحياة من مشاحنات بين القبائل 

صراعات لا تتوقف حول مصارف مياه الصرف الصحي القديمة 

البعض فضل الانتقال إلى داخل أنفاق شبكات الصرف الصحي القديمة 

يعيشون في البالوعات مع الفئران 

الفئران المشوية مصدر لا بأس به للبروتين 

مدام جفاف تصرخ من جديد 

هناك من اخفى فخذ حمار 

سرعان ما يظهر فخذ الحمار ويعاقب السارق 

في عام 2030 اختفت مظاهر الحياة 

السيارات جرى تقطيعها وبناء مساكن من الصفيح 

لا وسائل مواصلات في هذا العالم 

ماء الصرف يتناقص بسرعة مع تناقص عدد السكان 

من الطبيعي أن ترى عددا من النازحين يرتدون جلود الحيوانات ويحملون صفائح من مياه الصرف يسيرون على غير هدى بحثاً عن الماء 

مدام جفاف تقود القبيلة بحنكة 

توزع الطعام وتطهو وزوجها يمارس الجمع والالتقاط 

الحشائش المتناثرة التي يعثر عليها تضفي نكهة لا بأس بها على حساء الحمير 

مدام جفاف كانت في السابق تعمل في احدى المصالح الحكومية 

كانت من بين من اشتروا شهادات (كناط السويس) 

رغم نصائح الجميع باعت حليها وصدقت أن (ميسر) ستصبح قد الدنيا 

تحلم الآن بكوخ من الطين بعد أن عزت المياه وصارت خيالاً علمياً 

لكنها تأمل في أن تعثر القبيلة ذات يوم على مصرف غير مستعمل يبني لها زوجها بجانبه كوخاً من الطين بدلاً من قعقعة صفيح العشة التي تقيم بها مع زوجها واطفالها 

قطع صوت غليان لحم الحمار افكارها 

فبدأت بتوزيع الأنصبة على القبيلة الجائعة