استمعت بالأمس لما قاله حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر السابق والمعروف عنه إعلاميا أنه دبلوماسي يحسب كل كلمة بل كل حرف قبل أن يتفوه به (رأيي أنا الشخصي في حامد بن جاسم أنه مجرد عـ ا هـ ر سياسي يؤدي وظيفته لخدمة مصالح أسياده في المنطقة ليس إلا)
حمد بن جاسم في حديثه عن واقعة بعينها بعد عدة أشهر من فوز الرئيس مرسي وتولي جماعة الإخوان المسلمين الحكم ووصف الوفد الذي تقابل مع وفد أمريكي اقتصادي في حضوره بأنهم لا يصلحون لإدارة دكان وليس إدارة دولة، ولكن لم يذكر بن جاسم ما هو العرض الذي عرضه أسياده الأمريكان على الوفد الذي وصفه بأنه لا يصلح لإدارة دكان؟
لم يذكر بن جاسم عن حجم التنازلات الإقتصادية التي كان مطلوب من إدارة مرسي التنازل عنها ليستمروا في الحكم(أنا هنا لا أدافع عن الإخوان المسلمين بقدر ما أود سرد حقائق حدثت بالفعل)
حجم التنازلات الاقتصادية وبيع البلد بالقطعة والتنازل عن حصة مصر من مياه النيل ومخطط توصيل المياه لإسرائيل والتنازل عن تيران وصنافير لصالح الصـ هـ اينة والتنازل عن بضع كيلومترات من حدود مصر البحرية وبيع حقول غاز البحر المتوسط والتي قام بها قزم الانقلاب بعد انقلابه على الرئيس مرسي توضح ما كان يرفضه الرئيس مرسي الذي قال أنه لا سبيل عن تحكم مصر في غذائها ودوائها وسلاحها لكي تتحرر من التبعية وتحقيق استقلالها
وليقل لنا حمد بن جاسم شخصيا ما الذي تقدمه دكانة قطر لأسيادها لكي يحتفظ أميرها بمنصبه؟وليقل لنا حمد بن جاسم كيف أن دكانة قطر هي مرتع للجنود الأمريكان لقصف العراق تارة وسوريا تارة أخرى
كلام بن جاسم الحقيقة يكشف كم الضغوط التي تعرض لها الرئيس مرسي رحمه الله وصموده في وجه مجموعة من العملاء والخونة في الداخل والخارج ( وإن كنت لا أعفي مرسي أبداً من المسئولية فيما آلت إليه مصر)
لفت نظري أيضا أنه تحدث عن تحذيراته وآخرين للرئيس مرسي بأن هناك انقلاب وشيك عليه فكان الرد فيما معناه حط في بطنك بطيخة وهو كلام يدل على اتهامه الرئيس مرسي بالتقصير والسذاجة، والحقيقة ان موضوع التحذير من انقلاب عسكري على الرئيس مرسي لم يكن سر، بل كان أمرا متوقعا، بل ان الموضوع بكامله كان بترتيب من المخابرات الأمريكية والصـ هـ يـ ونية للتخلص من جماعة الإخوان المسلمين والتخلص من الإسلام السياسي في المنطقة كل هذا كان واضح، حتى أن الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل (فك الله بالعز أسره) كان يحذر ليل نهار من الانقلاب الوشيك، حتى أن الرئيس مرسي نفسه كان يعلم بالانقلاب.
وهنا يحق لنا أن نتسائل, لماذا الآن ؟
لماذا احتفظت بروايتك المزعومة عن البطيخة كل هذه السنوات؟
ولماذا إذا مثلت قطر دور قلعة المضيوم لمناهضي الانقلاب إلا لأنكم كنتم تلعبون دوراً خبيثاً حيث كان مطلوباً منكم تبريد الحراك الثوري لحماية العسكر في مصر؟
أنا هنا لا أدافع عن مرسي ولا حتى الإخوان الذين هاجمتهم بشدة عدة مرات بسبب دورهم المتخاذل في إدارة الحراك الثوري بعد الانقلاب ، ولكن ماذا كان يستطيع مرسي فعله في بلد احتلتها مجموعة من الرعاع الذين أتت بهم بالوعة يوليو ٥٢ التي رتبت لها المخابرات الأمريكية التي أسست دكانة قطر وجعلتها مجرد قاعدة عسكرية في منطقة الخليج؟
ما الذي كان يستطيع مرسي فعله في بلد يصبح فيها لص الدجاج الذي كان يركض خلف عربات الرش في الجمالية مديراً للمخابرات الحربية, وموظف الأرشيف الذي يتحدث بعض الانجليزية يصبح رمزاً سياسياً وطنياً ( سابقهم بـ 500 سنة ضوئية ) والمخبر اعلامياً والالاضيش نشطاء سياسيين ؟
ما الذي كان يفترض أن يفعله مرسي وهو يعيش داخل المؤامرة التي رتبتها المخابرات الأمريكية للتخلص من الإسلام السيسي للأبد؟ما الذي كان يجب عليه فعله وهو يرى الهمج والغوغاء ( ما يسمون أنفسهم بالنشطاء) يتظاهرون أمام قصر الاتحادية ويحاولون اقتحامه ويتظاهرون بمناسبة وبدون مناسبة، بل ويتظاهرون أمام مكتب النائب العام الذي عينه ويعطلون عمله ؟
ما يجب أن تعلمه سيادتك يا حضرة رئيس وزراء دكانة قطر التي هي في الأساس قاعدة عسكرية أمريكية أن مبعوثة الاتحاد الأوروبي”آشتون” جاءت لمصر بعد سنة من وجود مرسي في الحكم وقبل الانقلاب بقليل (هو أصلا لم يحكم) لتساوم الرئيس مرسي للرضوخ للشروط الغربية للبقاء في منصبه مقابل التراجع عن مشروع استقلال مصر في غذائها ودوائها وسلاحها، حتى تبقى مصر عبدة ذليلة تشتري السلاح من أوروبا وليظل الشعب المصري خادم ذليل لكل عسكري جربوع يحكم مصر نيابة عن المحتل الأصلي
ما لا تعلمه أنت وكان يعلمه ويعيشه مرسي أن موضوع وجوده في منصب الرئيس كان مخططاً أمريكياً للتخلص من الإسلام السياسي وكان يحاول منع هذه المخطط بوقوفه بصلابة ضد تمكينهم من هذا المخطط (وكان يعتقد ان مصر فيها جيش مستقل ولكنه كان يجهل حقيقة هذا الجيش، وهذا ما انتقدت عليه مرسي) ولكنه بالطبع فشل
الغرب الذي تتحدث عنه يا حضرة رئيس وزراء الدكانة هو من أدار عملية إظهار فشل الإسلام السياسي في إدارة مصر لأنه كن يخطط ولا زال للقضاء على أي أمل للمسلمين للعودة للحكم في منطقتنا بعد أن أسقطوا الدولة العثمانية والتي كانت تعد آخر أشكال وحدة المسلمين تحت راية حكم واحدة أمريكا التي تتحدث عنها وعن رجال اقتصادها هي من تدير مصر هي وابنتها إسرائيل، والكل شاهد أجهزة الدولة المـ صـ رائـ يـ لية ومؤسساتها وهي تحارب مرسي وتعمل على الاستهزاء به والسخرية منه ومن كل الإجراءات التي حاول من خلالها وقف مخططهم
بالطبع أنا لا أعفي الرئيس مرسي من المسؤولية في إطلاع الشعب على كل الحقائق التي وقعت تحت يديه إبان فترة حكمه، ولكن في نفس الوقت، ما حدث من أحداث كان مخططاً له أن يحدث منذ فترة طويلة وقد شرحت ذلك في عدة مقالات عن لعبة الكراسي الموسيقية
خطأ مرسي الذي هاجمته بسببه هو أنه لم يكشف للشعب حقيقة مستنقع الجيش ومؤسسات العسكر العميلة ولكني أعتقد أنه كان معذوراً بعض الشيء، فالرجل كان يقف على حافة مقلب قمامة تؤذيه رائحة القمامة ويشمها وحده, في وقت كان الغوغاء من مدعي الثورية يجذبونه من ثيابه ليسقطوه على وجهه ويكونوا اليد التي تستعملها مخابرات الغرب لتنفيذ مخططها المسموم
هؤلاء الهمج بحاجة من الأساس إلى تأهيل نفسي وتربوي ليصلوا إلى مرحلة القدرة على ترجمة التصريحات البسيطة وفهم البيئة السياسية في مصر وإدراك حجم الكارثة التي وصلت إليها مصر بسببهم بعد أن ساندوا العسكر في الانقلاب على الإسلام
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ