مجموعة من الأسر جالسة حول النار
تتصاعد رائحتهم الكريهة وتملأ الهواء لكنهم لا يشعرون فالجميع لم يعودوا يستحمون
في المنتصف إناء كبير تغلي فيه المياه وحوله مجموعة من الرجال يرتدون أسمالاً بالية وخرقاً متسخة يقلبون قطعاً من لحم حمار نجحوا في اصطياده
أحدهم ينبه على الجميع بصوت حاسم: سيتم توزيع قطع لحم صغيرة, فهذا أخر حمار والتماسيح ماتت من مياه المجاري
الكل متصلبون ينتظرون انتهاء الطبخ في لهفة وفي يد كل منهم طبق به بعض من الحشائش المهروسة, ينتظرون دورهم
يعلو صوت من خارج قرية الصفيح التي أقيمت على أنقاض مدينة ما
وجدنا جثة حمار حديث الوفاة
يبتهج الجميع ويتنفسون الصعداء, فما زال لديهم متسع من الوقت لصيد حمار جديد وربما عثروا على تمساح وبقليل من التدبير لن يشعروا بالجوع
حلزونة تجلس بجانب زوجها وتسرح بعينيها متذكرة كيف كانت ترقص أمام اللجان
حمص زوجها يسرح في ذكرياته هو الآخر ويتذكر تلك الأيام حين خرج إلى الشارع مبتهجاً ليجلس على مقهى شارعه ويدعو صديقه عجوة إلى كوب شاي احتفالا بفض رابعة
يتذكر ذلك اليوم الذي مر فيه على عدة لجان لينتخب (نور عينيه) ويتلقى خمسين جنيهاً في كل مرة, تذكر حصيلة اليوم ثم مصمص شفتيه
فلم تعد هناك فائدة للنقود, لم يعودوا يتعاملون بها
من مكان ما حول النار ارتفع صوت مذياع قديم يمتلكه الناشط (جهوري)
جهوري مثقف وشارك في 30 سونيا وكان يداوم قبل جفاف النيل على على الاستماع للأخبار ويواظب على الاستماع لكلمات شاويش الانقلاب ويحفظها عن ظهر قلب.
خفتت الضجة مرة واحدة حين استمعوا لصوت المذياع ثم ما لبثت آمالهم أن خابت
فالصوت ينبعث باللغة الانجليزية
كانوا يأملون أن تكون هناك محطة اذاعية مصرية تعمل, فسيدل هذا على وجود حياة في مكان ما
ادار جهوري المؤشر بتركيز, فارتفع من الراديو صوت باللغة العربية
هذا وقد قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إرسال بعثة استكشافية لبحث إمكانية وجود حياة في مصر … الخ
لم تتمالك حلزونة نفسها فلطمت
التفت إليها زوجها محاولا تهدئتها وناولها زجاجة من مياه المجاري حصل عليها من المصرف القريب
وهو يقول بلهجة متعقلة : مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق ؟