كان هدف المخابرات الأمريكية حين استثمرت أموالها في عصابة عبد الناصر, هو تكريس وجود الكيان الصهيوني, فالنقراشي ادى دوره في حماية الكيان الصهيوني بقبول الهدنة وسحب الجيش من فلسطين, وبهذا تم انقاذ الجنين, وكان لابد من استئجار جليسات اطفال لرعاية الطفل.
هل سأل أحد الناصريين نفسه, لماذا احجم عبد الناصر عن استخدام سلاح الطيران ضد الكيان الصهيوني في حرب 1956 ؟
هل سأل أحدهم نفسه, لماذا أمر جيشه بالانسحاب من سيناء ليترك بن جوريون يعلن ضمها إلى الكيان الصهيوني في الكنيست ؟
هل سأل أحدهم نفسه, لماذا تكرر سيناريو الانسحاب في هزيمة 1967, ولماذا قال عبد الناصر لقادة جيشه قبل الهزيمة بأربعة أيام, أنه اتخذ قراراً بعدم البدء بالضربة الأولى بالرغم من وجود معلومات عن الهجوم الصهيوني على سيناء من اكثر من مصدر ؟
ثم هل يتفضل أحد هؤلاء الناصريين بأن يشرح لنا السبب في مراسلات عبد الناصر مع رئيس الحكومة الصهيونية التي يتمنى فيها السلام والرخاء للشعبين كما سماهما, ولماذا لم يصارح الشعب بتلك الاتصالات التي فضحتها صحف لبنان وقتها ؟
وهل يتفضل مؤيدو عصابات العسكر, فيفسروا لنا لقاءات عبد الناصر مع ضابط الموساد كوهين وتفاصيل تلك الجلسة التي جمعته في 11 نوفمبر 1948 بكل من يجال الون واسحاق رابين وكوهين هذا ؟
الموضوع ببساطة أن دور عبد الناصر كان حراسة الكيان الصهيوني وتخدير شعوب المنطقة لكيلا تسحقه في مهده, وأن يتحكم عبد الناصر في أكبر الدول سكاناً واكثرها قرباً من الكيان الصهيوني لينشغل شعبها ولا يفكر في مهاجمة الكيان الصهيوني, ثم جاءت هزيمة 67 لتكرس مفاهيم اسطورية عن العدو لتبدأ الشعوب تفكر في ضرورة التعايش, ولتصبح معركة محدودة يرتبها الثلاثي ( كيسنجر – ديان – السادات ) في اكتوبر 1973, كافية فيما بعد, للشعب ليقبل باتفاق السلام والذي يمثل المرحلة الثالثة من تكريس وجود الكيان الصهيوني والتي تلخصت في الاعتراف والصلح وفرض ما يسمى باسرائيل كأمر واقع على شعوب المنطقة, بعد ذلك, جاء دور المخلوع ليثبت اتفاق السلام وليقيم علاقات أكثر عمقاً وليسمح للموساد بالتغلل إلى العمق المصري.
الغائب الحاضر في تلك المعادلة كان الشعب المصري الذي اقام إعلام العسكر حول عقله ستارة من الدخان تمنعه من رؤية الصورة القاتمة, فقد كان من المهم الا يدرك الشعب أن عصابات العسكر هم صبية وخدم لدى المحتل القابع في واشنطن, يدير الصراع بأيدي ( صبيانه ), وأن استقلال مصر كان مجرد خدعة وأن جيش بريطانيا رحل, لتحل محله عصابات العسكر التي تتحدث العربية وتحتل مصر نيابة عن أمريكا, وأن استقلال مصر مجرد خدعة يعيشها اغلب المصريون حتى الآن.
كانت ثورة 25 يناير هي اخطر ما هدد تلك المنظومة المستقرة, وعلى الرغم من عدم نجاح الثورة في الاطاحة بالنظام بمؤسساته ( جيش – شرطة – قضاء – إعلام ) الا أنها نجحت في الدفع برئيس منتخب يمثلها, قادم من اكثر الجماعات تجذراً في مصر واكثرها تنظيماً بل وعداءاً لفكر العسكر العلماني. كانت محاولات الاستقلال بالقرار الوطني التي بذلها الرئيس محمد مرسي هي ما عجل بالانقلاب, والذي تلاقت فيه مصلحة ذلك التشكيل العصابي المسمى بالعسكر مع مصالح الدول الراعية للكيان الصهيوني, وفي خلفية المشهد يجلس الشعب في دار عرض كبيرة, تُعرض على شاشتها مشاهد زعامة زائفة لخادم اسرائيل الأول المقبور عبد الناصر, ومشاهد أخرى لانتصار زائف لم يحقق سوى اتفاق استسلام فصل سيناء عن مصر, ومشاهد استقرار مزيف في عهد اللص المخلوع, ومشاهد أخرى فجة لشاويش الانقلاب خادم نتن ياهو, وتقزمت مصر واصبحت مجرد تابع للكيان الصهيوني, يشتري شعبها العتبة الخضرا كل لحظة.
مصر الآن, ما تزال محتلة, ولن تتحرر الا بتفكيك ذلك النظام بمكوناته.