في بداية الشهر الجاري استقبل الانقلاب وفداً من اشقاءهم الحوثيين في القاهرة وبدا الأمر للمتابعين طبيعياً, فالانقلاب الحوثي في اليمن لا يختلف كثيراً عن انقلاب الحوثي في مصر, فالطرفان انقلبا على النظام الشرعي بقوة السلاح, والطرفان عبارة عن عصابات مسلحة من البلطجية وحوثي اليمن وحوثي القاهرة تربطهما علاقات بروسيا وايران, والاثنان, احدهما يمضغ القات علناً والآخر يتعاطى الترامادول سراً.
ويبدو أن الترامادول الذي يتعاطاه شاويش الانقلاب في مصر اشد ضرراً وتأثيراً من القات, فبعد أيام من استقبال وفد الحوثي ومن وصلة من الردح الإعلامي قدمها احد مذيعي الانقلاب في مصر. فوجيء شاويش الانقلاب بقيام دول مجلس التعاون الخليجي بشن ضربة عسكرية على قواعد الحوثي في اليمن, اعلن الانقلاب في مصر أنه على استعداد للمشاركة في عملية عاصفة الحزم بل وارسل اربع قطع بحرية صباح يوم الخميس إلى مضيق باب المندب, بعد يومين من استبعاد المتحدث بإسم خارجية الانقلاب للتدخل العسكري في اليمن.
ومن الواضح أن عصابة انقلاب الترامادول في القاهرة اصبحت رغماً عنها, على مسافة من دائرة صنع القرار الخليجي, فالتصريحات المتنافرة المرتبكة تكشف استبعاد ” حوثي مصر ” من المشاورات التي سبقت الضربة العسكرية الخليجية ضد الحوثي في اليمن. وحتى ارسال سفن حربية مصرية إلى مضيق باب المندب بعد الضربات الجوية المفاجئة قبلها بساعات, يبدو كما لو كان محاولة لعدم تفويت القطار الذي انطلق فعلياً تجنباً لإغضاب السعودية ودول الخليج, التي لا يمكن لشاويش الانقلاب تحمل غضبها, ومحاولة تصدير صورة للداخل المصري توحي بأن شاويش الانقلاب شريك في عملية صناعة القرار الاقليمي.
ولم تنس عصابة الانقلاب في خضم تلك المحاولات المحمومة للظهور بمظهر الشريك الاقليمي الفاعل, أن تبث قصة مضحكة على غرار قصة أسر قائد الاسطول السادس الامريكي, عن السفن المصرية التي اشتبكت مع (( الاسطول الايراني )) واجبرته على مغادرة مضيق باب المندب, وهي القصة التي ما لبثت ان انكشفت نتيجة لاستحالة وصول السفن المصرية إلى باب المندب الا بعد يوم ونصف من انطلاقها من قناة السويس والسير دون توقف, وبالطبع اضيفت تلك القصة الخيالية المضحكة إلى رصيد حكايات الكفتة والاسطول السادس الامريكي والعاصمة الوهمية والمليون وحدة سكنية.
الواضح الآن حتى للحفنة التي تبقت من مؤيدي الانقلاب, أن عصابة الانقلاب مصابة بالفصام السياسي, فمن ناحية اعتدوا على منصب الرئيس المنتخب في مصر وقمعوا الأغلبية وتعاملوا مع مصر بنفس الطريقة التي تعاملت بها عصابات الحوثيين في اليمن مع الأغلبية والنظام المنتخب هناك, ومن ناحية أخرى سارعوا لمحاولة اللحاق بقطار العملية العسكرية في اليمن واعلنوا عن مساندتهم للشرعية !!
وما يثير الشفقة حقاً أن مؤيدي الانقلاب لا يستطيعون التقاط انفاسهم, فمنذ الانقلاب تحولوا إلى آلات لتبرير هفوات وحماقات شاويش الانقلاب وقراراته, وحتى عندما قرر شاويش الانقلاب تفادي اللقاءات المرئية ومحاولة مخاطبة الشعب عبر إذاعة القرآن الكريم, ليتفادى السخرية من مظهره ومن تعبيراته ومخارج الفاظه والتي تعقب لقاءاته عادة, زاد الطين بلة, فتطاول على مقام نبينا عليه الصلاة والسلام عندما قال ( مش من حقنا نزعل لما يعملوا رسوم مسيئة عن النبي عليه الصلاة والسلام ) !!
المشهد الآن في المنطقة شديد التعقيد, وفي وسط كل تلك الاحداث ما تزال عصابة الانقلاب تبحث فقط عن ( الرز ), لا يعنيها شرعية أو أمن اقليمي أو غيره, واشك حتى أن عقول تلك العصابة قادرة على رؤية تفاصيل الصورة المتشابكة, بل أنهم بدأوا يتحولون إلى عبء اقليمي, فشاويش الانقلاب مطرود دائماً من أي مشاورات تسبق أي حدث هام, وحكومات الخليج التي دعمته في السابق لم تعد توليه نفس الاهتمام ( بخلاف الإمارات ) ولن تصبر كثيراً على تسوله. الانقلاب في مصر جنين ميت, ينقصه إعلان الوفاة وهذا يتوقف على استمرار الثورة وتصعيد الحراك حتى سقوط دولة العسكر.