لأول مرة منذ تأسيس دولة الاحتلال التي نشلت أرض فلسطين وسط تآمر عربي، يسقط القناع عن كل الأنظمة التي ادعت دعم القضية الفلسطينية، فالزمن يبدو أنه يتغير وعلى الرغم من رسوم الدم التي تدفعها غزة نيابة عن كرامة العرب التي دخلت الإنعاش منذ عقود، إلا أن تلك المدينة الصغيرة الصامدة بأهلها المقاتلين العمالقة، كشفت في عدة أيام هشاشة كل أنظمة العرب.
ففي مصر التي تسلطت عليها عصابة من النشالين والعملاء وتجار الأجساد ومناضلي الشعارات، خرج الإعلام لأول مرة عن الخطوط المرسومة له منذ فترة وسب أهل غزة وتطاول عليهم علناً، فظهر مذيع معروف بعلاقاته المشبوهة بالمخابرات المصرية ليسب أهل غزة وليرفع القبعة كما قال للإسرائيليين, وهو في ذلك يتحدث باسم سادته في سلطات الانقلاب الخائنة الخادمة للاحتلال الصهيوني.
الصورة اتضحت واكتشف كل من تبقى لديه عقل أن الأنظمة العربية بداية من نظام عبد الناصر صديق (يروحام كوهين) ضابط المخابرات الصهيوني، وحتى تلك العصابة التي لم تترك فرصة لمسح حذاء نتنياهو وحكومته إلا وانتهزتها، النظام السعودي، أيضا أعلن عن دعمه لما اسماه (المبادرة المصرية) والتي نعلم جميعاً أنها مبادرة إسرائيل قدمتها عن طريق وكيلهم الحصري القابع في أحد المخابئ تحت الأرض في مصر.
الاحتلال البريطاني وإخوته لم يتركوا بلادنا إلا بعد أن اطمأنوا لاستقرار أنظمة عملائهم، ولكنهم في ذلك الوقت استخدموا الإعلام كغطاء لوكلائهم، ففي المراسلات المتبادلة بين عبد الناصر ورئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه شاريت، يقول له إنه لا يستطيع مواجهة الرأي العام المصري، وكان عبد الناصر يخرج على المصريين ليجعجع بأنه سيقذف إسرائيل في البحر بينما يراسل مسؤوليهم سراً، كانت ورقة التوت الرقيقة تلك هي التي تغطي عمالة تلك الأنظمة وتعاملها مع دولة النشالين في فلسطين، ولكن قزم الانقلاب، حرمه الله من الحد الأدنى من الذكاء المطلوب لإدارة المشهد، فخرج في كلمة ركيكة كعادته ليصف المستوطنين الإسرائيليين بأنهم (مواطنون)، ويتحدث عن عواقب التصعيد، والإسرائيليون من جانبهم لم يكن لديهم مشكلة في أن تنشر إحدى صحفهم، أن ذلك القزم يتابع بنفسه هدم بيوت الفلسطينيين ويستمتع بشكل شخصي بهدم البيوت.
الذي تغير في المشهد هو الجمهور الذي أصبح أقل تقبلاً للإعلام المبتذل من نوعية أبلة فاهيتا والمؤامرة الإسرائيلية الأمريكية القطرية التركية التايلندية الفنزويلية المريخية، وكل ذلك الهراء الذي يصبونه في آذان مشاهدي قنواتهم.
الإمارات أيضا، نشرت القناة الثانية الإسرائيلية أن وزير خارجيتها التقى بوزير الخارجية الإسرائيلي في بلجيكا لتنسيق العدوان على غزة، الأمر اتضح الآن، تلك أنظمة أنشأها المحتل ووضعها في مقاعد السلطة قبل ترك بلادنا ليظل المحتل محتلاً بالوكالة.
الآن أصبح على الشعوب أن تتحرك لتقتلع تلك الأنظمة الوكيلة للمحتل والتي اتضح أن أجنداتها تصنع في أوربا ثم أصبحوا يتلقون الأوامر صراحة من تل أبيب.
غزة هي الصغير الذي نضج وأصبح قادراً على فرض إرادته على البلطجي الصهيوني المسلح بالطائرات والدبابات، واتضح أن الآلة العسكرية الإسرائيلية التي هزمت جيوش المنطقة في حروب سابقة والتي تخيف العملاء في مقاعد السلطة في بلادنا، ما هي إلا بلطجي عاجز لا يوجه ضرباته إلا إلى الأطفال, وأنها غير قادرة على مواجهة حقيقية مع رجال حقيقيين لا يخافون إلا الله.
اتضح للمواطن العربي أن جيوشه المنشغلة في صناعة الكحك ومساحيق التنظيف غير قادرة على مواجهة ذلك العملاق الورقي الذي أذلته حماس وسقط القناع بالكامل عن تلك الأنظمة العميلة، وأصبحت غزة المحاصرة ويخرج قادتها ليعلموا قزم انقلاب مصر معنى الرجولة والزعامة ويعلموا جيشه أن الكحك ربما يجعل منهم صناع حلويات مهرة ولكنه لن يجعلهم رجال.