الحكاية بدأت عندما عرض المعلم ” بصبوص العتر” خدماته على ” مستر بيل “. والمعلم بصبوص كان رجلاً خائناً نفعياً يعرف من أين تؤكل الكتف. فسلم أمره لمستر بيل, ووعده مستر بيل أن يجعله مديراً للورشة وأن يطرد مستر جون, بشرط أن يطيعه “بصبوص العتر”, بصبوص كان ذكياً واستطاع أن يظهر أمام العمال بصورة المعلم االشهم, في الوقت نفسه كان الخواجة عزرا قد احكم قبضته على الورشة المجاورة وطرد منها صاحبها.
ما لم يكن يعلمه عمال الورشة أن المعلم بصبوص كان خائناً, وكان يرسل الخطابات للخواجة عزرا من أجل تسهيل إجراءات تسجيل الورشة التي سرقها هذا الأخير.
العائق الوحيد أمام بصبوص كان خوفه من أن تهتز صورته أمام العمال الذين كانوا يصدقون عنترياته. وبصبوص كان يسحر العمال والموظفين حين يجلس مرتدياً الجلابية ويتدلى شاربه على وجه وهو يدخن الشيشة, متوعداً عزرا بخراب بيته, وانتهى الأمر وقد استطاع عمال ورشة عزرا أن يهزموا حراس ورشة المعلم بصبوص وأن يضعوا يدهم على ساحة الورشة.
المهم بعد فترة مات المعلم بصبوص ودفن وأكلت جثته المجاري وذهب إلى ربه بكفره وخيانته, وجاء من بعده المعلم دقشوم المؤمن أبو ذبيبة. دقشوم كان أكثر هدوءاً وذكاءاً من بصبوص, فتحدث سراً مع مستر بيل راجياً إياه أن يتوسط لدى ورثة الخواجة عزرا ليتركوا ساحة الورشة, والحق يُقال كان مستر بيل متفانياً في محاولته ولكن تلك المرأة القبيحة التي تولت إدارة الورشة بعد عزرا كانت شديدة التعنت, ورغم محاولات مستر بيل المستميتة لإخراجها من ساحة الورشة, لتستطيع سيارات النقل التابعة له أن تعبر الطريق المسدود, لكن المرأة القبيحة رفضت, وقتها قال الشهود أن مندوب مستر بيل قال للمرأة القبيحة ( يا مدام لو عمال دقشوم دخلوا حوش الورشة ومعاهم بندقية, هنطلعكم من الحوش بحل سياسي ).
المهم أن مستر بيل وجد ضالته في موشيه الأعور, واقترح الخواجة هنري على موشيه ودقشوم , أن يخفف موشيه الحراسة في ساحة الورشة المحتلة, وأن يأمر دقشوم عماله بالهجوم عليها وبذلك تكسر الخسائر المتحققة في ( العركة الخاطفة ) عناد المرأة القبيحة, ومن ناحية أخرى يفرح عمال ورشة دقشوم بالنصر ويوقع الطرفان عقداً مع بعضهما البعض دون أن يلقيا معارضة من عمال الورشتين وبذلك يكون ورثة الخواجة عزرا قد ثبتوا وضعهم في الورشة التي سرقوها وحصلوا على عقد بشرعية وجودهم فيها ويتخلصوا من ( زن ) عمال ورشة دقشوم الذين يريدون طردهم, ويا دار ما دخلك شر !!
وافق دقشوم أبو زبيبة كبيرة ووافق موشيه الأعور وبدأ الإعداد للمسرحية !
وفي ظهر يوم 6 أكتوبر, هاجم عمال المعلم دقشوم الساحة بعد أن أخلى موشيه الأعور نصف افراد الحراسة منها قبل الهجوم بأسبوعين. النتائج كانت مبهرة وصادمة لدقشوم نفسه, فلم يتوقع أن يكون عماله بهذه الكفاءة والروح الفدائية, وزادت خسائر عمال موشيه الأعور عما كان متوقعاً في السيناريو الذي وضعه الخواجة هنري.
الخواجة هنري وقفَ حكماً يمنع السلاح عن موشيه الأعور, برغم توسلات المرأة القبيحة حتى يصل إلى حالة الصدمة التي يريدها ثم عندما وصل إلى غاية المراد من رب العباد, أمر المعلم دقشوم بتنفيذ الجزء الخاص به من الاتفاق, ولكن كبير العمال كان يقف عقبة أمام تنفيذ الاتفاق وقال لدقشوم أن تقدم العمال بدون حماية سيزيد من نسبة الخسائر, كان كبير العمال مخلصاً كعماله لا يدرك حجم خيانة دقشوم.
المهم, بعد جذب وشد بين هذا وذاك, نفذ دقشوم الجزء الخاص به من الاتفاق, وانتهت العملية التي بدأت بنجاح كبير, بوصول عمال موشيه الأعور إلى مسافة أمتار قليلة من مكتب دقشوم الذي رفض تماماً التصدي لعمال موشيه الأعور.
صار الأمر إلى أن اصبح عمال موشيه الأعور على مسافة أمتار قليلة من مكتب المعلم داخل الورشة نفسها, وحاصروا عدداً كبيراً من عمال الورشة ومنعوا عنهم الماء والطعام, وكادوا يقتلونهم لولا تدخل الخواجة هنري وأسروا عدداً كبيراً من عمال دقشوم.
في تلك العركة المدبرة, هل يمكن لعاقل أن يقول أن عمال ورشة المعلم دقشوم كانوا غير مخلصين ؟ أو أن من قتل منهم لم يكن شهيداً ؟ وهل يمكن لعاقل أن يشكك في نواياهم وإخلاصهم ؟
الإجابة لا!
اللعبة كلها كانت بين المعلم دقشوم وبين الخواجة هنري وبين الخواجة موشيه الأعور, من أجل منح ورثة الخواجة عزرا عقداً بشرعية ملكيتهم للورشة التي سرقوها.
وبالفعل وقع دقشوم مع المدير الجديد الخواجة بوجي عقد سلام تحت إشراف احد مندوبي الخواجة بيل.
المشكلة أن البعض بدأ ينبش في تلك الكومة من القش ويخرج منها تفاصيل الاتفاقات السرية التي تفضح خيانة المعلم بصبوص والمعلم دقشوم, وهذا النبش يزعج البعض بشدة.
نحن الآن في لحظة كشف الحقائق ولا ينبغي لأحد أن يكتم ما يعلم ولا ينبغي لأحد أن يراعي اعتبارات مثل مشاعر فلان أو علان, فالحقيقة وحدها هي الجديرة بالاحترام في تلك اللحظات التي تعيشها مصر, والتي اثق أننا في نهايتها سنتخلص من حكم العسكر إلى غير رجعة طال الزمن أم قصر إن شاء الله.
رحم الله كل شهداء مصر !