مشاجرة بين ممثلة وضابط شرطة في كمين، تجد كاميرا حاضرة وجاهزة للتصوير.
في أحد مشاهد الفيديو تجد الضابط ينظر باتجاه الكاميرا، ويمر هذا المشهد على الجميع، ثم ينهمك الجميع في متابعة الحدوتة التي تُعرض على تياترو الزيطة المخابراتي أو الزياطرو!
في مشهد آخر تنزل الممثلة وتصرخ وتتوعد ضابط الشرطة وهو أمر طبيعي، ففي دولة العسكر تحتل الممثلة مركزا متقدما يحميها من إيذاء وقمع عصابات الداخلية، فهي أداة تُستخدم للتغييب وهي (أي الممثلة) التي تصنع جزءا من الرأي العام، تارة بتغييبه وتشتيت انتباهه بقضايا تافهة، وتارة أخرى بكيل المديح لمن يحتل قصر الاتحادية؛ وهي نتيجة لذلك تمتلك شبكة معقدة من العلاقات بقيادات الجيش المصرائيلي والمخابرات ورجال الأعمال، وكل مراكز السلطة والمال، وهالة من الحصانة لا يجرؤ ضابط شرطة على تجاوزها أو محاولة مسها لا تفتيش سيارتها!
ضابط الشرطة يعلم هذا ويتحاشاه في المعتاد، ويتعامل معها بحذر مشوب بالاحترام، ويدرك أنها قادرة بعلاقاتها على نقله إلى شرطة حراسة القواقع البحرية على شاطئ بركة ما على كوكب المريخ إن أرادت.
وحتى إن وقعت مشادة ما على طريق أو ما شابه، فعادة ما تنتهي مثل تلك المشاجرات باتصال من (الممثلة) لضابط ما أو لوزير ما أو لرجل أعمال ما، ليجد الضابط (الذي لا يتورع في الأحوال العادية عن إطلاق النار على رأس مواطن مصري وتلفيق تهمة التخابر مع محصول البازلاء في تكساس) اتصالا من رئيسه الذي يسكب على مسامعه وصلة من التأنيب والصراخ، مع بعض السباب البذيء، لينتهي الأمر باعتذار الضابط وانكساره أمام الممثلة وقرار نقل في اليوم التالي.
ولا كاميرات تعرض، ولا برامج توك شو تستضيف وتفرد مساحات للتغطية، ولا صحف تكتب عن جرادل البول التي تُصب على الممثلة، ولا إصابات في وجهها وجسدها ولا مغردون يتابعون وينفعلون.
الممثلون هم رأس الحربة في صناعة الرأي العام وإلهائه في دولة العسكر، وهم من حرص أبو فلاتر على اصطحابهم معه إلى ألمانيا، ليزفوه في مشهد بدا أقرب لفقرات السيرك.
نابليون، المعلم الأول لدولة العسكر تنبه منذ 200 سنة لأهمية المشعوذين والممثلين والمطربين والراقصات في إلهاء الشعب وتخدير وعيه تغييب إدراكه، فكان يسمح للمشعوذين وأرباب الموالد والراقصات بالظهور في الشوارع وإقامة الموالد وعرض فقراتهم على المصريين في مناسبات مثل عيد الجمهورية الفرنسية والمولد النبوي، وكان يغدق عليهم الأموال.
وتعلّم العسكر من نابليون، وأصبحت أم كلثوم مثلا من أهم أركان نظام المقبور عبد الناصر، بل كانت المخدر الأول الذي يغيّب الشعوب العربية، كانت أم كلثوم هي رائحة البخور التي كانت تخفي جرائم عبد الناصر ومجازره، كان صوتها يخفي مجازر جيشه في اليمن ومذابحه في السجون ضد الإخوان المسلمين ومجازر قواته ضد المصريين في كمشيش وكرداسة واتصالاته مع الكيان الصهيوني.
وهي نفسها بالمناسبة (أم كلثوم) التي ساهمت في تخدير الشعب؛ لتمرير اتفاق الاستسلام الذي وقعه السادات.
الممثلون والمطربون والراقصات والإعلاميون هم عصا الساحر التي يسيطر بها العسكر على جموع الشعب ويخدرونهم. لم يبالغ د.محمد بديع -فك الله أسره- حين وصفهم بسحرة فرعون.
والمشاجرات بين أركان دولة العسكر لا تخرج للعلن إلا حين تعاني عصابة الانقلاب من أزمة أو حين تريد تمرير كارثة ما.
وخلف الستار هناك شركة إنتاج فضائح صغيرة تعمل على مدار الساعة لتجهيز مشاهد (الزياطرو) للمتفرجين.
فضيحة ممثلة ما تدير شقة للأعمال المنافية للآداب – ممثلة تتشاجر مع ضابط شرطة – عكاشة يقابل السفير الصهيوني – تابلت يضيع في قاعة مجلس الشعب التي يحتلها برلمان العسكر الذي لم ينتخبه أحد.
وأحيانا يكون الأمر أكثر تعقيدا، مثل مشهد عكاشة، الذي شرحه السيد صالح النعامي، وأشار إلى أن عصابة الانقلاب تستخدمه لتمرير التطبيع مع العدو شعبيا، بعد أن كان التطبيع يقتصر على مؤسسات العسكر ويتم في الغرف المغلقة.
كما ألمح عكاشة إلى ضرورة منح الكيان الصهيوني جزءا من مياه النيل؛ لحل مشكلة سد النهضة!
وهنا تبدأ عملية التمهيد النفسي لحل كارثة سد النهضة، كما خطط الكيان الصهيوني عبر صبيانه في عصابة الانقلاب بمصر.
ولكل حالة مشهد على الزياطرو، فهناك فضائح مخصصة للتغطية على مشهد قتل الجنيه وارتفاع الدولار، وهناك مشاهد أخرى تغطي على كارثة اقتراض العسكر من البنوك الفرنسية بضمان وزارة المالية، أو بمعنى أدق بضمان الشعب المصري الشقيق.
حالة منفلتة من السيولة والإلهاء، ومسرح كامل منصوب تعرض عليه فقرات ((الزياطرو)) التي لا تنتهي.
وهي حالة تطلب معالجة إعلامية شديدة الحذر من الإعلام الرافض للانقلاب.