لم يطل انتظار الأوساز نننس كثيراً أمام باب الثلاجة المفتوحة
حسم اختياره بسرعة ما بين الجبن وما تبقى من صينية البطاطس
نننس يحب (الطبيخ)
وما تبقى من صينية البطاطس يكفي وزيادة
تناول ملعقة نقب بها عن قطع لحم بالطبق ثم تهللت أساريره بعد أن عثر على قطعتين كاملتين
أسرع إلى الميكروويف مبتهجاً يحمل الطبق المفعم في حرص
انتهى من تسخين الأرز والبطاطس والتقط حبات من (المخلل)
واسرع إلى حيث اللابتوب المفتوح على موقع يوتيوب
وكتب بيد واحدة (جنازة عبد الناصر)
جلس يشاهد الجنازة ورذاذ دموعه يتناثر على ملاعق البطاطس والأرز
ورائحة المخلل تملأ المكان
همس بفم ممتليء بالبطاطس والمخلل (الله يرحمك يا زعيم)
بدت له الدراما في مشاهد الجنازة أكثر مما تحتمل البطاطس والمخلل
على جانب الشاشة تراصت نتائج بحث أخرى
وضع نظارة القراءة ومال بجذعه نحو اللابتوب
اه .. أخيراً وجد ضالته
أغنية مرحة لعبد الحليم حافظ عن الزعيم
ضغط على الأغنية
وتعالت نغماتها وغزت ابتسامة (وطنو – ناصرية), ملامحه
لم يستطع نننس الاحتفاظ بوقاره على الرغم من قطعة اللحم الكبيرة التي كانت تسد بلعومه
حين ارتفع صوت عبد الحليم
هو مين لأ ده بعده .. هو اللي اتلقى وعده
فأخذ يميل برأسه يميناً ويساراً في نوبة سُكر روحانية ناصرية
حتى وصل عبد الحليم إلى (صرخة اطلقها جماااااال .. احنا أممنا القناااااااال)
فلم يتمالك نننس نفسه وبدأ يرقص ويطرقع بأصابعه
وحبات الأرز وقطع صغيرة من البطاطس تتساقط من فمه على جلبابه ولكنه لم يهتم
واستمر بالرقص
انتهت الأغنية, وانتهى نننس من المضغ
فقرر أن يكتب “كلمتين” انفعالاً بالأغنية ومشاهد الجنازة
كان الجيش المصرائيلي قد بدأ يومها في إغراق حدود غزة بمياه البحر
فكتب على الفيسبوك:
“مصر مرتهنة في يد انقلاب يتعدى على كل الثوابت .. انقلاب ورث جينات المخلوع ليخدم اسرائيل .. لو كان الزعيم عبد الناصر حياً لدخل الاسرائيليون جحورهم .. رحمة الله على جمال حبيب الملايين”
الأوساز نننس لا يزال على إنفعالاته الوطنية بعد مشاهد الجنازة, فلم يكن يعلم أن الجنازة حارة والميت عبد الناصر.
الأوساز نننس لا يعرف أن الاسرائيليين الذين يعتقد أنهم سيدخلون جحورهم عند سماع إسم المقبور, هم من جاؤوا بالمقبور أصلاً وهم من قاموا بإجراء كشف هيئة له ولعصابة الضباط في حرب فلسطين.
حين تقول هذا لنننس (يعمل ميت) ويرد بأنها مؤامرة صهيونية لتشويه الزعيم.
نننس يعتبر أن العمالة بدأت في عهد المخلوع, ولا يرى أن من حق قزم الانقلاب أن يتشبه بالمقبور عبد الناصر وحجته في ذلك ما سمعه من أحمد سعيد وما قرأه لهيكل أن المقبور كان يعادي اسرائيل ويعتب على الأراجوز السادات اتفاقية السلام, بينما يعتبر حرب أكتوبر التي وصل فيها العدو إلى مسافة 100 كيلومتر من القاهرة واسر فيها ما يزيد عن 8 آلاف جندي وضابط وكتب عنها السفير السوفييتي لقيادته وقتها انها حرب مدبرة بين السادات وديان بإشراف كيسنجر, نصراً مجيداً !!
ونقول للأوساز نننس, نعم يا نننس, كلب اسرائيل الاستراتيجي لديه كل الحق في التشبه بالمقبور عبد الناصر, هو يعلم افضل منك كم خدم المقبور, الكيان الصهيوني.
الأوساز نننس لا يعلم ولا يملك أن يعلم مثلاً أن المقبور عبد الناصر كان مكلفاً من المخابرات الأمريكية بعقد سلام مع الكيان الصهيوني, وأن المقبور كان اكثر صهيونية من موشيه ديان نفسه.
وقصة اتصالات عبد الناصر السرية بالكيان الصهيوني قديمة وتعود إلى ما قبل حرب 1948, وحتى بعد الهزيمة الساحقة التي تلقاها جيش عبد الناصر بعد عودته من عدوان اليمن, وحتى بعد أن شحن العدو الصهيوني جنود عبد الناصر على عربات النقل وهم يركلونهم ويصفعونهم وينادونهم بالـ”خرفان”
حتى بعد كل هذا ظل المقبور على حرصه على السلام مع الكيان الصهيوني وكان على استعداد لتبادل السفراء معهم كما قال في خطاب للرئيس الامريكي ليندون جونسون بعد هزيمة 67 وهو الخطاب الذي قال في نهايته ( أضع خدماتي بالكامل تحت تصرفكم ) ولم تبدأ محاولات عقد صلح في عهد الأراجوز السادات, بل كان هو من استلم الراية بعد المقبور في دولة حوض السمك التي صنعها السي آي إيه ونصب فيه بياداته العسكرية شرطة على الشعب المصري وغفراً للكيان الصهيوني.
وللحديث بقية ان شاء الله
تاريخ النشر الاصلي للمقال 12-1-2016 على موقع الجورنال